سياسة

نادي هيركوليس للدرجات النارية .. حين تتجسد العصامية في الرياضة

كان لافتا لنا الدور الذي يلعبه نادي هيركوليس للدرجات النارية، والذي يعتبر النادي الطنجي الوحيد الذي ينافس في البطولة الوطنية لهذه الرياضة، ذلك الدور الذي جعله مقصدا لكثير من عشاق الرياضات المكانيكية بطنجة من كلا الجنسين، بفعل التألق الذي أصبح يبصم عليه النادي على المستوى الوطني، والقيمة التي أصبح يحضى بها بين أوساط الممارسين لهذه الرياضة ، والإصرار والعمل الجاد الذي قام به رئيس النادي أحمد حمدان ورفاقه في تأسيس هذا النادي وسط الكثير من العوائق والصعوبات.

قصة نادي هيركوليس، كانت مثالا حيا على إمكانية تحويل حلم راود مجموعة من الأصدقاء إلى حقيقة، ذلك الحلم الذي كان يراودهم منذ سنوات، حين كان هؤلاء الأصدقاء يجتمعون لمتابعة نادي “كلوب ميديطيراني”، أحد الأندية الوطنية العريقة بهذه الرياضة، ولممارسة رياضتهم بإحدى الحلبات بالغابة الديبلوماسية، مع مر السنين، اختفى نادي “كلوب ميديطيراني” واختفت معه حلبة الغابة الديبوماسية، لكن لم يختفي عشق هذه المجموعة  لهذه الرياضة.

كل ما سبق كان باعثا على ظهور فكرة تأسيس جمعية رياضية، لمزاولة رياضة الدرجات النارية بشكل قانوني ومنظم، إلا أنه وبحكم ممارسة هذه المجموعة لهذه الرياضة على شكل هواية وفقط، فقد كان تأسيس جمعية رياضية أمرا صعبا، في ظل عدم درايتهم بماهية “الجمعية”، والتباس مفهومها في أذهانهم، وقلة أفراد هذه المجموعة التي لم يتجاوز عدد أفرادها 6 أو 7 أفراد، إلا أن هذا لم يكن بالعائق الذي يمنع تأسيس الجمعية، فتجندت المجموعة بكامل أعضاءها، وأخذت على عاتقها تأسيس هذه الجمعية في شهر يونيو من سنة 2012، معتمدة على خبراء وأطر لتكوينهم فيما هو جمعوي وإداري.

قال لنا أحمد حمدان بعد حديثه عن تأسيس المجموعة، “كنا نعتقد حين أمسكنا بوصل إيداع الجمعية أننا حققنا مردنا وقطعنا شوطا كبيرا فيما أردناه، وأننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أن نحقق حلمنا بشكل كامل، لكن الحقيقة كانت أن الصعوبات الكبيرة التي واجهناها كانت بعد تأسيس الجمعية، وكان أبرزها أن تكون لجمعيتنا إسم على الصعيد الوطني، وأن تستطيع الولوج للجامعة الملكية، خصوصا وأن الجامعة هي التي تؤطر هذه الرياضة، وقد عانينا بما فيه الكفاية بحكم ضعف الموارد المادية والإمكانيات اللوجيستيكية، وثقافة ممارسة الرياضة الميكينكية التي كنا في المراحل الأولى لتعلمها”.

حلم هؤلاء الأصدقاء كان أكبر من مجرد تأسيس الجمعية، فقد كان هدفهم ترشيف إسم المدينة، وكتابته في عالم الدرجات النارية على المستوى الوطني، وهو ما كان يقتضي عليهم – كما تم ذكره – الولوج للجامعة الملكية للدرجات النارية، والذي لم يكن بالأمر الهين كذلك، بفعل وجود قانون يشترط على الأندية أن تدفع 30 ألف درهم للجامعة، حتى تضمن الجامعة التزامها، وهو الإكراه المادي الأول الذي واجهته الجمعية في بدايتها، ثم جاء الإكراه المادي الثاني المتمثل في توفير المصاريف المادية من أجل استضافة إحدى دورات البطولة بطنجة.

وسط كل هذه الإكراهات، يتذكر أحمد حمدان تلك اليد التي مدت إليهم سنة 2014، قبيل تنظيمهم لأول دورة من دورات البطولة الوطنية بطنجة، والتي نظمتها الجمعية من “لا شيء”، في غياب الدعم المادي من الجامعة، وفي عدم عثورهم على فضاء صالح لإقامة حلبة عليه، وفي غياب المعرفة اللازمة بحثيات تنظيم هذه التظاهرة، كان وضعهم أشبه بالطفل الصغير الذي مازل يتلمس خطواته الأولى في هذه الحياة، كما وصفه رئيس النادي.

“يتذكر” حمدان حين تجندت مقاطعة المغوغة في شخص رئيسها عبد العزيز بنعزوز لإنجاح هذه التظاهرة الأولى بالمدينة، حيث قامت مقاطعته بالعمل على إنجاح التظاهرة، موفرة للنادي الحلبة التي ستقام عليها المنافسات وإعدادها أيضا، مساهمة بأزيد من 80% من التجهيزات التي احتاج إليها النادي، في هذا الحدث التي اعتبره حمدان مفصليا في مسارهم، حيث دخلت جمعية هيركوليس للدرجات النارية بعد تنظيمها لهذه التظاهرة مرحلة جديدة، وذلك انطلاقا من سنة 2015.

بين سنتي 2015 و2017، سيتحول نادي هركوليس للدرجات النارية من مجرد نادي ينشط البطولة الوطنية، إلى نادي وضع لنفسه أسسا قوية للمنافسة والنجاح، فأحرز البطولة الوطنية للموسمين الرياضيين 2015 و2016، ثم أتبعها بلقب كأس العرش نهاية السنة الماضية، وأخيرا حل وصيفا للبطولة الوطنية في الموسم الرياضي 2017، ونظرا للإشعاع الذي أصبح يحضى به وطنيا، فقد أصبح قبلة للعديد من الرياضيين الأجانب، الذين أصبحوا يفضلون الإنضمام إليه على الإنضمام لباقي الأندية الوطنية.

إلا أنه ورغم هذا الإشعاع والإنجازات التي حققها النادي، فإن رئيسه يشتكي من بقاءه دون الإهتمام الإعلامي الذي تمنى أن يحضى به، على الأقل بمدينة طنجة، ويستغرب حمدان وهو يتحدث بكل مرارة عن تلك “الخرجة” التي يقومون بها بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، وعن الإستقبال الكبير الذي يحضى به النادي في كل مدينة يصلون إليها، إلا في طنجة التي لا يستقبلهم فيها أحد.

ويتساءل حمدان : “هل نحن لا نشرف هذه المدينة؟”، خصوصا بعد تحقيق النادي للقب كأس العرش، بتاريخ 18 دجنبر الماضي، دون أن تلتفت له الجهات المسؤولة بالمدينة، وعلى  رأسها الولاية، والجماعة الحضرية، وكانت هذه من الأشياء التي حزت في نفوس أعضاء النادي، معتبرين أنه كان من واجب الجهات المسؤولة أن تستقبل النادي وتقوم بتكريمه، لتحفيز النادي على الأقل.

رغم هذه اللامبالاة التي يقابل بها النادي، فإن له أهدافا سطرها ويسعى لتحقيقها دون أن يلتفت كثيرا وينتظر تكريما، فبعد أن ثبت النادي أقدامه وطنيا، وأصبح له إسم لا يشق له غبار، فإنه يعمل على نقل إشعاعه الوطني ليصبح إشعاعا عالميا يشرف به الراية الوطنية، فبعد أن كان النادي الوحيد على المستوى الوطني الذي مثل المغرب في التجمع العالمي للدرجات النارية بالمغرب سنة 2016، فإن النادي يبدو مقبلا على خطوة متميزة وكبيرة هذه السنة، ستزيد من إشعاعه العالمي.

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق