مقالات الرأي

ما مستجدات انتخاب النساء في استحقاقات 2021؟

أمل عكاشة 

بعيدا عن اختلاف الإيديولوجيات والجدال البيزنطي القديم الجديد، تظل المرأة فاعلا معولا عليه لتنمية ورفاه المجتمعات باعتبارها قوة فاعلة ومؤثرة على غرار الرجل.

ولم يكن انضمام المغرب لاتفاقية سيداو (CEDAW) المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المنشورة بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 يناير 2001 حدثا عابرا، بل كان إقرارا بأن “التنمية التامة والكاملة، ورفاهية العالم، وقضية السلم تتطلب أقصى مشاركة ممكنة من جانب المرأة على قدم المساواة مع الرجل في جميع الميادين” كما جاء في شعار الاتفاقية.

وكان اعتماد نظام “الكوتا” وهي آلية مؤقتة لتفعيل التمييز الإيجابي لصالح النساء، المقترحة في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين سنة 1995، الآلية الفعالة في ضمان تمثيلية تدريجية للنساء داخل الهيئات السياسية.

وبدوره انخرط المغرب في عمليات إعادة النظر في مجموعة من القوانين والأنظمة الداخلية للبلد حتى تواكب النهج الجديد، وعلى صعيد السياسة حظيت مكانة المرأة باعتبار مهم، فقد تم بداية اعتماد نظام الكوتا سنة 2002 بتخصيص 30 مقعدا للنساء في مجلس النواب، مرورا بمضاعفة العدد إلى 60 مقعدا سنة 2011، والآن نحن أمام تخصيص 90 مقعد في الانتخابات التشريعية المقبلة حصريا للنساء.

فقد حمل القانون التنظيمي رقم 04.21 المغير والمتمم للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب مستجدات ثقيلة، أولا بالانتقال من اعتماد اللوائح الوطنية المخصصة للنساء والشباب إلى اعتماد لوائح جهوية يمكن أن تضم كليهما في لائحة واحدة، وثانيا والأهم تخصيص ثلثي الترشيحات للنساء برسم هذه اللوائح، مع اشتراط تخصيص المرتبان الأولى والثانية في كل لائحة حصريا للنساء، ما يعتبر خطوة في تجاه تكريس المزيد من حضورهن في المشهد السياسي.

وإذا كان هذا الأمر يطرح نقاشا حول مدى إمكانية حصول الشباب والمغاربة المقيمين بالخارج المنتمين لنفس اللوائح على مقعد، خاصة في اللوائح الجهوية التي خصص لها المشرع أقل من 8 مقاعد، حيث يلزم لذلك فوز الحزب بثلاث مقاعد على الأقل حتى يفوز اسم آخر غير النساء، وهي إمكانية تعتبر صعبة التحقيق بالنظر لخصوصيات الواقع السياسي الراهن.

إلا أن هذا وإن كان يوحي بداية بإجحاف في حق باقي مكونات اللائحة على حساب النساء، فإن التدقيق في الأمر سيوضح على أنه لا مانع من اعتبار النساء أيضا من مكونات الشباب ومغاربة العالم.

ويرى خبراء أن هوامش الشباب في الحظوة بمقعد برلماني تبقى على عاتق الأحزاب التي عليها أن تقدم في لوائحها المحلية كفاءات شابة وتجدد من نخبها العتيقة.

وأمام هذا الاحتدام في الموافق والآراء، يكون لسؤال الحصيلة بعد جوهري في إثراء النقاش، فهل كانت لتجربة “الكوتا” المخصصة للنساء في انتخابات مجلس النواب امتدادات حقيقية على جودة التشريع والمراقبة داخل قبة البرلمان أم شكلت اختلافا عدديا على مستوى النوع الاجتماعي لا أكثر؟

للإجابة على هذا السؤال الوجيه، خاصة بالتزامن مع ظرفية اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، ارتأينا أن نجري جردا لإسهامات النائبات المنتميات لجهة طنجة تطوان الحسيمة، المنبثقات من اللائحة الوطنية للنساء بإعمال آلية الكوتا.

فمثلا في آلية مساءلة العمل الحكومي خلال الولاية التشريعية 2016 ـ 2021، وجهت النائبة فاطمة سعدي 692 سؤالا ما بين الكتابي والشفوي، النائبة مريمة بوجمعة ما مجموعه 521 سؤال، النائبة خديجة الزياني 93 سؤال، النائبة رفيعة المنصوري 88 سؤال والنائبة أسماء غلالو 19 سؤال.

بينما لم تتقدم بمقترح قانون ـ على أهميته ـ إلا النائبة فاطمة سعدي طيلة مدة الولاية التشريعية.

وهي حصيلة تعتبر جيدة أمام واقع تدني مستوى اسهامات بعض النواب الناتجين من اللوائح المحلية، حيث انتهت الولاية التشريعية خاوية الوفاض وبحصيلة الصفر على بعض النواب.

وعلى صعيد آخر ثمت اجتهاد وجب تثمينه في إحداث هيئات الترافع من أجل النساء، ففي مجلس النواب تم إحداث مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة، إضافة إلى تشكيل هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بناء على الفصل 19 من الدستور، وإحداث هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع على مستوى الجماعات، وهو كشف صريح عن تبني قضية المرأة السياسية بدءا من المؤسسات الدستورية إلى الهيئات الجماعية.

وإذا ما نظرنا لتوجهات المشرع التنظيمي الأخيرة، توحي لنا حمولاته بدلالات قوية، بحيث ضم القانون رقم 06.21 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 17 ماي الماضي تغييرات مهمة بخصوص التمثيليات النسائية، إذ خصص للجماعات ذات الانتخاب الفردي 5 مقاعد في مجلس كل جماعة، وبالنسبة لمجالس الجماعات التي ينتخب أعضاؤها عن طريق الاقتراع باللائحة وغير المقسمة إلى مقاطعات منحهن ثلث المقاعد.

أما بالنسبة لمجالس الجماعات المقسمة إلى مقاطعات فأعطى النساء ثلث المقاعد الواجب شغلها على صعيد مجلس الجماعة برسم كل مقاطعة ـ شريطة ألا يقل هذا العدد عن ثلاثة مقاعد ـ وثلث المقاعد الواجب شغلها في كل مجلس مقاطعة.

ولم تسلم مجالس العمالات والأقاليم من تعديلات تصب في تعزيز تمثيلية النساء، فقد خصص نفس القانون التنظيمي برسم اللوائح الانتخابية الجزء الثاني من لائحة الترشيحات حصريا للنساء، ولم يجعل ذلك يحول دون ترشحهن في الجزء الأول من اللائحة.

وقد اعتبر المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى بالنسبة للجزء الثاني المخصص للنساء بمثابة رأس اللائحة ولها نفس الحقوق المخولة لرأس اللائحة.

أما بخصوص المقاعد فقد خصص المشرع ثلث مقاعد مجلس العمالة أو الإقليم مخصص للجزء الثاني من اللائحة.

تبدو إذن سمات الحضور النسائي في الانتخابات المقبلة سهلة التنبؤ إلى حد كبير، فهل تزخر الأحزاب ببروفايلات نسائية لتقدمها للاستحقاقات المقبلة؟ وهل ستنعكس كل هذه المجهودات على تجويد العمل السياسي؟ هي أسئلة يصعب التنبؤ بإجابات لها ويبقى الزمن وحده الكفيل بالكشف عنها.

 

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق