مقالات الرأي

اتحاد طنجة: وفرة في الإمكانيات وندرة في النتائج

الصادق بنعلال:

1 – منذ صعود “فارس البوغاز” فرع كرة القدم إلى القسم الوطني الأول وصاحب هذه السطور يخصص مقالات في الصحف الوطنية والعربية، يدق فيها ناقوس الخطر، و يقرع “جدران الخزان” عسى أن يلقى حديثه قدرا يسيرا من العناية، لأنه كان على وعي لا بأس به بالأخطاء والقرارات المتسرعة غير المدروسة، والاندفاع في تدبير شأن نادي مدينة من العيار الثقيل طنجة الكبرى. منذ عقود من السنين ونحن – أبناء هذه المدينة العزيزة على كل المغاربة – نعاني من التسيب والتطفل على الشأن الرياضي من قبل كائنات سياسوية، همها الوحيد أن تكون حاضرة بقوة في الحملات الانتخابية وأثناء “التصويت” على “تعيين” القائمين على السير العالم للمدينة وتكوين مكاتب الجماعات، في مناخ قاتم حافل بالعنف والبلطجة والصفقات غير الشريفة، وبعد ذلك ينشغل “السادة مستشار و و برلمانيو ومسؤولو” الشأن المحلي “بهوايتهم” المفضلة: تكديس الأموال وتطوير المشاريع العقارية والتجارية.. أما النضال من أجل المصلحة العامة، أما الاجتهاد بهدف تقديم ما تستحقه هذه المدينة الغالية في ميادين السياحة والأمن والسكن والصحة والتعليم والعيش الكريم.. فهذه غايات بعيدة عن اهتماماتهم. ولولا الأوراش الملكية عالية الجودة والتميز، لبقيت طنجة غارقة في مظاهر الهشاشة والضعف والتهميش، دون الحديث عن المستوى المعرفي والمهني والتواصلي الضحل لعدد كبير من “الساهرين” على ازدهار وتقدم عروس الشمال.

2 – سبب نزول هذا الكلام “الاستقالة” التي تقدم بها رئيس المكتب المديري لاتحاد طنجة السيد محمد الشرقاوي، إذ نشر في صفحته الرسمية على الفيسبوك يومه الاثنين 7 غشت 2023 ما يلي:

“بسم الله الرحمن الرحيم، بصفتي رئيس نادي اتحاد طنجة لكرة القدم، أعلن استقالتي من جميع المسؤوليات التي تحملتها بشرف وصدق وتفان، ودائما كان لي الشرف في خدمة مدينتي الغالية أو فريقي الغالي، وبهذا وبعد تفكير عميق، قررت أن أستقيل من جميع مهامي، وشكرا”

ما من شك في أن السيد محمد الشرقاوي بذل جهدا مضنيا طيلة المرحلة الثانية من البطولة الوطنية السابقة، وله الفضل في إنقاذ فارس البوغاز من العودة إلى قسم الظلمات، وكان ذلك على حساب صحته البدنية والمعنوية. وعلى الرغم من أنه لم يرد الإفصاح عن الأسباب التي حدت به إلى تقديم هذه “الاستقالة”، إلا أن السياق العام يعكس بجلاء بعضا منها، فالنادي يئن تحت وطأة الديون والأزمة المالية الخانقة، و”غياب” مناضلي الأحزاب الذين فازوا في الاستحقاقات البرلمانية والمحلية عن الأنظار، وتركوه وحيدا يواجه مخلفات سنوات من التدبير الهاوي المجرد من الاحتراف والمهنية. صحيح أن الجمهور العريض لن يقبل هذه الاستقالة بعد أن تنفس الصعداء، واطمأن على بقاء ناديه في قسم الصفوة، إلا أن رئيسا في وضعية السيد الشرقاوي لن يقبل أن يكون ورقة في مهب الريح، تتصارع يمينا ويسارا دون يقين أو هدف، وبالتالي فرسالة الاستقالة واضحة، مفادها أن الاستمرار في تحمل مسؤولية المكتب المديري في ظروف بالغة الخطورة ضرب من الجنون، دون أن تتوفر ضمانات مسؤولة وملموسة تضع حدا للخصاص المادي الفظيع.

3 – شخصيا ليست لدي أوهام حول التعاطي الإيجابي مع مشاكل فارس البوغاز التدبيرية، إن الموضوع تكرر في مختلف الدورات السابقة، وهذا الإشكال من ضمن العوامل التي تحرم ساكنة طنجة من رؤية النور في آخر النفق، وتمنعها من أن يكون لديها فريق مرجعي ينافس على الألقاب والبطولات محليا وقاريا وعربيا. مع احترامنا التام لكل المدن المغربية التي نضعها تاجا فوق رؤوسنا، نؤكد دون مبالغة أو تعصب، أن مدينة طنجة تتميز بخصوصيات تاريخية و بوضع جغرافي وإمكانيات رهيبة على مستوى البنية التحتية، دون الحديث عن الجماهير الغفيرة الاستثنائية، التي يمكن لوحدها أن تكون دعما محوريا لمالية فارس البوغاز، وقد أبانت عن ذلك في أكثر من مناسبة كروية، سواء تعلق الأمر بالإنجازات الرياضية المحلية أو الوطنية. إن العنصر الأساس الذي ينقص هذه المدينة الجميلة هو توفر أشخاص على مستوى راق من الوعي السياسي، والثقافة الرياضية والإحساس بالمسؤولية والتدبير الرياضي العقلاني، وقبل هذا وذاك القدرة على التفاوض والتأثير، وجعل رجال المال والأعمال والشركات الكبرى والمؤسسات الاقتصادية المحلية الضخمة.. على استعداد لدعم النادي وانتشاله من أزماته التي لا تنتهي، وإلا فقد يكون الحل الآخر وربما الأجدى، تدخل أطراف أجنبية خليجية أو أوروبية، لوضع قطار الكرة الطنجوية على السكة الصحيحة، لقد تعبنا من سماع كلمات صادقة ولكنها محرجة، من قبيل جماهير مدينة طنجة أسطورية كبيرة، وفريقها متواضع صغير !

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق