مقالات الرأي

اتحاد طنجة.. من إصلاح العطب إلى الحسم في اللقب

    أكبر المتفائلين لم يكن ينتظر من الاتحاد الرياضي لطنجة فرع كرة القدم، أن يضمن بقاءه ضمن قسم الصفوة، خاصة وأنه انطلق منذ مستهل الموسم الرياضي الحالي انطلاقة كسيحة مشلولة دراماتيكية، بسبب “الترتيبات” الإدارية والتقنية العشوائية غير محسوبة العواقب. لقد “غامر” مسؤولو النادي واعتمدوا “مقاربة كروية” عجيبة، تمثلت في استقطاب لاعبين صغار يمارسون في القسم الوطني الثاني، على أمل تجاوز “المحنة المادية” بالغة الحدة، واستئناس هذه العناصر بأجواء اللعب مع “الكبار”، فكانت الكارثة متكاملة الأركان، حيث أمضى “الفريق” الجولة الأولى من عمر البطولة الاحترافية، وليس بين يديه سوى نقطتين يتيمتين اثنتين من تعادلين وهزائم بالجملة. وفي الجولة الثانية حدث زلزال في البنية الإدارية والتقنية، تجلى في تجديد المكتب المديري، وانتخاب رئيس جديد عقد العزم على تحدي الصعاب، بكل ما يملك من حب استثنائي للمدينة التي يسكنها وتسكنه، وانتداب مدرب وطني طموح آمن بقبول التحدي مهما كان الثمن، ولاعبين حرفيين موهوبين أبانوا عن إمكاناتهم الفنية الرهيبة، وبدأ مسلسل الانتصارات والعروض الفنية بالغة الروعة نتيجة وأداء، وعادت أمواج الجماهير تكتسح مدرجات مركب ان بطوطة الكبير، للمساندة الاستثنائية بعد أن كانت فقدت الأمل واستسلمت للأمر الواقع.

    على المعنيين بالشأن الكروي محليا ووطنيا أن يدركوا حقيقة رياضية، مفادها أنه لا مجال للاستهتار والاستخفاف إزاء قضايا مدينة مفصلية من حجم ومكانة طنجة الكبرى؛ جوهرة حوض الأبيض المتوسط. إنها ثاني قوة اقتصادية وطنية، وقبلة الأنشطة السياسية والاقتصادية والرياضية المغربية، تتوفر على كل البنيات التحتية الحيوية المطابقة للمقاييس الدولية، وجماهير خيالية مستعدة لتسويق الصورة الحضارية للمملكة المغربية، وما أجواء مقابلة المنتخب الوطني أمام نظيره البرازيلي إلا مثال من أمثلة كثيرة تعكس بجلاء الاحتفالية العالمية التي يمكن أن تصدر عن هذه المدينة المغربية الناهضة، مع كل الاحترام والتقدير لباقي المدن والقرى المغربية العزيزة. لذلك نذكر مرة أخرى بحتمية التعاطي المهني مع المعطيات الرياضية وغير الرياضية مع عروس الشمال، حتى لا يتكرر ما عشناه طيلة هذا الموسم من معاناة وقلق وترقب!

    وفي المحصلة، ننتظر الدورة الأخيرة من عمر هذه البطولة المديد، بقدر كبير من الاهتمام، إذ يتطلع الوداديون إلى الفوز ولا شيء غير الفوز أمام منافسهم المغرب الفاسي، تجنبا لحسابات مزعجة، أما فريق الجيش الملكي فهو في مواجهة صعبة للغاية أمام طائر العنقاء المنبعث من رماده اتحاد طنجة، ومن المؤمل أن تمر أطوار المقابلة أمام جمهور غفير منتشٍ ببقائه في القسم الممتاز، وعاقد العزم على تأكيد صحوته وعودته من بعيد، وزرع الفرحة مجددا في قلوب آلاف المناصرات والمناصرين، الذين سيحجون إلى مدرجات المركب الرياضي ابن بطوطة، وكلهم رغبة وأمل في الاستمتاع بعرض كروي عالي الجودة.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق