مقالات الرأي

النهري يكتب: فيروس الوباء السياسي في المغرب أخطر من وباء كورونا

– حميد النهري، فاعل سياسي وأستاذ التعليم العالي

بينما كنت أتصفح الأخبار المتداولة عن عدد الأرواح البشرية التي يحصدها الوباء اللعين (كوفيد19) وعن حجم الخسائر الاقتصادية الاجتماعية، التي يحدثها انتشاره المرعب بكل بقاع العالم وبطبيعة الحال أتألم للدمار المادي والمعنوي الذي يحدثه هذا الداء ببلادنا؛ وردت علي مقالة من طرف احد المواقع الاخبارية موقعة باسم شخص أظن حسب علم الجميع أن التاريخ فعل فيه فعلته ورماه باستحقاق في مزبلته النتنة .

لكن هذا الشخص يأبى إلا أن يحاول أن ينبعث بشكل أكثر وقاحة ونذالة في هذه الظرفية الصعبة ويريد أن يركب على الأحداث المأساوية التي تعيشها بلادنا والعالم. بل أكثر من ذلك يصور نفسه كأكاديمي وعالم يريد أن يقدم نظرية في تحليل مستقبل المجتمعات.

وأعطى لهذه المقالة المؤجرة أو المشتراة من سوق العبث هالة، موهما المتتبع أنه نشرها وسحبها نتيجة ضغط بعض الاشخاص لأنها في منظوره تتضمن نظرية أخافتهم، لذلك أسرع إلى سحبها، (كعادته الخبيثة في فبركة الأحداث).

في الحقيقة هرطقات هذا الشخص دائما لا ترقى إلى مستوى الرد والمناقشة. ولكن هرطقات هذه الخرجة تحتاج وضعها في سياقها وتوضيح حقيقتها.

فكما هو معلوم عند شعوب العالم، وفي غياب أي لقاح، تبقى لحد الآن أمام حقيقة أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة جائحة كورونا ووقف تفشي هذا الوباء اللعين هي بنهج خيار الانضباط للتعليمات الوقائية المتمثلة في الحجر الصحي وغسل اليدين تفادي التجمعات وارتداء الكمامة

وبالنسبة لصاحب المقالة، فالجميع يعلم أنه كان بطل زمن الرداءة التي عاشها المشهد السياسي ببلادنا في العقد الأخير.

هذه الرداءة نشرت وباء سياسيا خطيرا بدأ المغاربة في التخلص منه وبناء ما بعد زمن الرداءة السياسية وذلك بالقضاء على الفيروسات التي غذتها ونشرتها في مشهدنا السياسي؛ والرجل بطبيعة الحال كان في مقدمة هذه الفيروسات المتخلص منها.

والأكثر من ذلك، وبكل وقاحة، لا يزال هذا الشخص يريد أن يستغبي المغاربة ويريد أن يفرض نفسه كعالم متمكن، متناسيا أن مقربيه قبل أعدائه يعلمون أنه لا يستطيع كتابة جملة واحدة صحيحة في أي مجال، فبالأحرى في مجال التنظير العلمي.

وقد بينت شخصيته وتجربته خلال السنوات الأخيرة والواضح أنه لم يساهم ولو مرة في مصلحة هذا الشعب، بل العكس فغالبا ما يركب على قضايا الشعب من أجل المنفعة الشخصية (تجربته مع ساكنة الريف. ساكنة الصحراء أكديم إزيك. تدخله الكارثي في مسار قضية الصحراء ومواقف بعض دول أمريكا اللاتينية ودولة جنوب أفريقيا)؛ والمضحك حتى عندما تأهل المنتخب المغربي لكرة القدم إلى مونديال 2018 وجدناه في مقدمة الوفد المستفيد حتى قبل المدرب.

وحاليا عاد حنينه الى اللعبة ذاتها التي يتقنها ؛وهي محاولة استفادته من الأحداث، والاكيد أنه رأى أموال صندوق التضامن لمواجهة الوباء اللعين، فسال لعابه ويريد أن يستفيد من الكعكة على حساب مأساة الشعب.

وهو نفس الموقف للأسف عبرت عنه بعض القطاعات في هذه الظرفية، وتلقت انتقادات من طرف الشعب المغربي (التعليم  الخاص، أطباء القطاع الخاص).

لكن هذا الشخص له باع طويل في الاستفادة من الصناديق، والامثلة عديدة؛ زلزال الحسيمة، مشاريع الحسيمة، منارة المتوسط، أموال الانتخابات، أموال دعم الأحزاب…

أعلم أننا في ظروف صعبة تحتاج منا  التآزر والتضامن لمواجهتها؛ والشعب المغربي أبان على مستوى عال من التضامن والامتثال لتوجيهات السلطة؛ لكن في نفس الوقت يجب على الدولة أن تحارب أمثال هذه الفيروسات الاجتماعية، والتي لا نريد أن تعرقل حربنا ضد الوباء اللعين.

كذلك، فإن أهم ما ستحتاج إليه الدولة بعد جائحة كورونا هو التمويل لإعادة الوضع الاقتصادي الاجتماعي إلى طبيعته؛ وهناك مقولة تقول على الدولة أن تبحث عن الأموال حيث توجد؛ وفي الحقيقة الأموال لم تعد توجد سوى المستفيدين من المال العام بدون وجه حق؛ لذلك ما زلنا ننتظر من الدولة أن تفعل في حق فيروسات المشهد السياسي البائد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وفي الأخير أقول سامح الله من كتب لك ذلك المقال ووضعت اسمك عليه، كما هي عادتك منذ القدم.

ودعني أقول لك إن آخر ما ينتظره المجتمع المغربي منك، وهو يخوض حربا في مواجهة هذا الوباء، هو نصيحتك أو نظريتك.. وأقولها بالدارجة “كن تحشم”؛ ولو أنني أعلم ان الفيروس جبان ولعين؛ وآخر شيء يفعله هو يحشم.

واحمد الله أن الحجر الصحي ببلادنا جاء بعد أن انتهينا منك سياسيا، وانتهينا من أتباعك.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق