كوكتيل

منهجية الالتقائية في السياسات العمومية  بين تكامل الاستراتيجيات القطاعية وآثار التنمية المستدامة على المواطنين والمواطنات

محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه

   في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة   

 

الأكيد أن منهجية الالتقائية في السياسيات العمومية[1] بشكل مندمج ومتكامل وتنسجم مع رؤية استراتيجية مشتركة عند وضع سياسات قطاعية عمومية ، بالتزامن مع أهداف وأولويات التخطيط الاستراتيجي ، تأتي في ظل تفعيل رؤية وفلسفة النموذج التنموي الجديد، واستحضار مقتضيات دستور2011  وأجرأة ركائز البرنامج الحكومي2021- 2026 ، الأمر الذي أدى إلى الدولة المغربية بإحداث وزارة المنتدبة المكلفة بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية على ضوء تشكيلة الحكومة الجديدة لسنة 2021 ، تماشيا مع مضامين التقرير العام الذي أصدرته لجنة النموذج التنموي  الجديد المؤرخ في 25 ماي 2021.

وتجدر الإشارة إلى أن السياسات العمومية تتكون من ثلاث مستويات على ضوء المستجدات التي جاء بها دستور 2011،  الوطنية[2]، القطاعية[3]، الترابية[4].

كما أن الالتقائية في السياسات العمومية تنقسم إلى الالتقائية العمودية والتي تعرف غياب رؤية الإستراتيجية المشتركة عند بلورة سياسات قطاعية عمومية، هذا فضلا عن عدم وجود الالتقائية الأفقية التي هي مرتبطة بالمجال الترابي من خلال غياب تناغم الجهات مع المركز نتيجة فقدان سياسة ناجعة لقانون إعداد التراب الوطني.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بقوة هو: هل تتوفر المملكة المغربية إرادة سياسية في وضع السياسات العمومية وتتبعها وتنفيذها وتقييمها ؟ وبعبارة أخرى هل السياسات العمومية لها آثار مباشر وفعال على المواطنين والمواطنات؟.

[1] السياسة العمومية للدولة من منظور المعهد العالي للدراسات العمومية الفرنسي هو ” مجموع القرارات والأعمال والتدخلات المتخذة من قبل الفاعلين المؤسساتيين والاجتماعيين لأجل إيجاد الحلول لمشكل جماعي ما“.

وتجدر الإشارة إلى أن السياسات العمومية للدولة:هي التي تنقسم إلى 3 أصناف حسب مستجدات دستور المملكة لسنة 2011.

[2] السياسات العمومية الوطنية: هي التي تصدر عن مخطط البرنامج الحكومي ويتم تداولها داخل مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة حسب الفصل 92 من دستور 2011.

[3] السياسات العمومية القطاعية: هي التي تصدر عن القطاعات الحكومية ويتم تداولها داخل مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة حسب الفصل 92 من دستور 2011.

[4] السياسات العمومية الترابية: بالعودة للوثيقة الدستورية التي يمكن اعتبارها وثيقة أو دستور للسياسات العمومية، فإننا نجدها تشير في مناسبات عديدة إلى مفهوم السياسات العمومية وماله من علاقة مباشرة بها، إلا أن الإشارة إلى السياسات العمومية الترابية لم ترد بهذا المعنى إلا في الفصل 137 من الوثيقة الدستورية التي تنص على أنه “تساهم الجهات والجماعات الترابيةً الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثيلها في مجلس المستشارين”، كما أن بالعودة للقانون التنظيمي للجهات المؤرخ بموجب الظهير الشريف رقم 1.15.83 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليو 2015 ) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 ( 23 يوليو 2015)، ص:6625، سوف نجد بأنها لا تتضمن ضمن مقتضياتها ما يشير إلى السياسات العمومية الترابية بصفة عامة أو الجهوية بصفة خاصة شأنها شأن باقي القوانين التنظيمية المنظمة للجماعات الترابية، فهي لا تحتوي على تعبير السياسات العمومية الترابية، وإنما فقط على برنامج التنمية الجهوية، حسب مضمون المادة 83 من القانون التنظيمي للجهات 111.14، والذي ينبغي أن يواكب التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، حيث أن هذه الوثيقة يجب أن تعد تحت إشراف رئيس الجهة واعتمادا على مقاربة تشاركية، مع ضمان التقائيتها مع التوجهات الاستراتيجية والسياسية للدولة ومع التصميم الجهوي لإعداد التراب، وذلك بالتنسيق مع والي الجهة بصفته ممثل السلطة المركزية ومنسق المصالح اللامتمركزة للإدارة المركزية ، والتي تنص على مايلي: يضع مجلس الجهة، تحت إشراف رئيس مجلسها خلال السنة الأولى من مدة انتداب المجلس، برنامج التنمية الجهوية وتعمل على تتبعه وتحيينه وتقييمه.

يحدد برنامج التنمية الجهوية لمدة ست سنوات الأعمال التنموية المقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة، اعتبارا لنوعيتها وتوطينها وكلفتها، لتحقيق تنمية مستدامة و وفق منهج تشاركي وبتنسيق مع والي الجهة بصفته مكلفا بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية يجب أن يتضمن برنامج التنمية الجهوية تشخيصا لحاجيات وإمكانيات الجهة وتحديدا لأولوياتها وتقييما لمواردها ونفقاتها التقديرية الخاصة بالسنوات الثلاث الأولى وأن يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع.

يتعين أن يواكب برنامج التنمية الجهوية التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة وأن يعمل على بلورتها على المستوى الجهوي وأن يراعي إدماج التوجهات الواردة في التصميم الجهوي لإعداد التراب، والالتزامات المتفق بشأنها بين الجهة والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها والمقاولات العمومية والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية بالجهة. يتم تفعيل برنامج التنمية الجهوية، عند الاقتضاء، في إطار تعاقدي بين الدولة والجهة وباقي المتدخلين.”

وتطبيقا لأحكام المادة 86 من القانون التنظيمي للجهات صدر مرسوم يحدد مسطرة إعداد برنامج التنمية الجهوية وتتبعه وتحيينه وتقييمه وآليات الحوار والتشاور لإعداده”.

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق