سياسة

الوقف بين الضرورات والمعيقات محور ندوية علمية بالعرائش

أكد أعلام الفقه والقانون والقضاء المشاركون في الندوة العلمية الوطنية في موضوع الوقف بين الضرورات والمعيقات المنعققدة في الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش يوم الأربعاء 17 ماي 2017 ، بأن الوقف يعتبر من ضمن الأنظمة الإسلامية التي كانت ومازالت تقوم بأدوار في غاية الأهمية لتحقيق التنمية داخل المجتمع و التوازن بين أفراده، وأنه كان محل احترام وتقديس لدى المسلمين على مر التاريخ إلا أنه اليوم بات يتعرض للاستباحة والاعتداء على ممتلكات الأحباس من طرف بعض من يحتالون بشتى الطرق من أجل السطو عليه، الأمر الذي يتطلب ضرورة تطويره وتعديل عدد من القوانين المنظمة له قصد حماينه وصونه وليواصل أدواره في المساهمة في التنمية بمختلف أشكالها.


وقد افتتح هذا اللقاء العلمي الذي ينظمه المجلس العلمي المحلي بالعرائش بتعاون مع نظارة أوقاف العرائش والمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بالعرائش وبشراكة مع الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش، عامل إقليم العرائش مصطفى النوحي الذي تقدم بكلمة تأطيرية وتوجيهية أوضح فيها أن الإجابة عن ما يطرحه موضوع الوقف من أسئلة وإشكالات متعددة سواء المتعلقة بحمايته وصونه من الجشع المتربص به، أوتلك المتعلقة بعملية تطويره واستثماره وجعله دعامة ورافعة تنموية مساعدة، يتطلب مقاربته من زاوية الانشغالات المعاصرة حتى يتسنى له مواصلة أدواره، والتي تساعد على حل الكثير من المشكلات التي تواجهنا اليوم.
وذكر النوحي أن الوضعية القانونية للملكية الوقفية وضعت وفق شروط تاريخية مغايرة لظروفنا، مطابقة لوضعيتها، وهي الآن لم تعد متفقة مع الواقع الحالي لإدارة أو تنمية الأوقاف، بل أصبحت أراضي الوقف في كثير من الأحيان بالنسبة للتوسع الحضري أراضي فارغة خارج النسق العمراني وتساهم في تشويه النسق المعماري.
وأضاف أن أراضي الحبوس تصبح كذلك عائقا أمام تنمية العديد من المراكز القروية التي يشتغل على عملية تأهيلها، وتحد من إمكانيات التدخل في هذا المجال ، نظرا لصعوبة استغلال أراضي الحبوس وتعبئتها لصالح مشاريع التأهيل .


فأي محاولة على حد قوله لتأهيل المراكز الدينية كضريح مولاي عبدالسلام بنمشيش مثلا ولتحويله إلى مركز استقطاب ديني وطني ودولي ينعش السياسة الروحية، ويساهم في حل تمظهرات العجز الاجتماعي، يصطدم دائما بترسانة من الشروط التعجيزية غير المحفزة، مما يجعل هذا المركز لا يواكب تدفقات العدد المتواتر من الحجيج في كل مناسبة، ويضيع الجميع فرصا لتحسين المشهد القروي وتجويد منظومة التعمير وتطويرها بما يتناسب وأهداف التنمية.
وبدوره مدير الأوقاف بعد تعريفه للوقف وأقسامه وأنواعه ، والتحدث عن أهدافه وأبعاده الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، قدم نبدة موجزة عن أنشطة الأوقاف فيما يتعلق بعقلنة التسيير والتدبير للوقف واسثماره ، والمحافظة على الأملاك الوقفية من خلال اخضاعه لنظام التحفيظ العقاري بهدف تحصين هذه الأملاك والرفع من قيمتها، وذلك من خلال استراتيجية وضعتها الوزارة الوصية إحياء لمؤسسة الوقف وتنمية مداخيله حتى تحقق مقاصده.
كما تحدث الضيف عن مداخيل الأوقاف ومجالات صرفها وحاول تصحيح ما يثارعند العامة وكذا بعض وسائل الإعلام بكون وزارة الأوقاف من أغنى الوزارات، واعتبر هذا مجانبا للصواب ، فالأوقاف غنية فعلا بأملاكها وليس بمواردها.
وختم مداخلته بعرض بعض المعيقات التي تحول دون الوصول إلى الاستراتيجية التي وضعتها الوزارة، والتي أجملها في الاعتداءات التي تطال الأملاك الوقفية، وتخصيص البعض منها كمناطق خضراء أو وحدات إدارية أو طرقات، وحتى الأملاك المقترحة للمصلحة العامة التي تنتزع من الوقف تبقى تعويضاتها جد ضئيلة.
ومن المعيقات أيضا التأثير السلبي الناتج عن التأخر في التعويض، واستفحال ظاهرة الديون المتراكمة لمستحقات الكراء، واستفحال ظاهرة الكراءات الباطية دون سلوك الطرق القانونية مما يؤدي إلى التأثير السلبي على المداخيل.
ومن جانبه أعرب عميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش عن سعادته لتحتضن كليته هذا النشاط المتميز الذي يحضره عدد من العلماء والدكاترة والأساتذة، وأشار بأن الوقف في الدول الإسلامية بما فيها المغرب أسهم بدور أساسي في حماية التماسك الاجتماعي ، والمغاربة كانوا من المبادرين الأوائل إلى التآزر والتضامن.
وإذا كان من النماذج المغربية التي تقدم فكرة واضحة عن إسهامات الوقف في دعم البنية العلمية، هو جامع القرويين بفاس ومدرسة ابن يوسف ، فقد دعا عميد الكلية إلى العمل على وضع تصور واضح للوقف ليسهم في العملية التعليمية وتطوير البحث العلمي .


أما رئيس المجلس العلمي إدريس بنضاوية فتحدث عن الآثار العظيمة للوقف العلمية والاجتماعية والاقتصادية، وأصل له من خلال الآية الكريمة التي يقول فيها الله تعالى:” وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا”النساء:125.
فالأصول الأساسية التي ينبني عليها الدين الأحسن هي المتمثلة في إسلام الذات لله تعالى و الاحسان بمختلف أشكاله وأنواعه والذي من معانيه اقتطاع حق من المتبقى عن ضروريات الإنسان لسد الحاجة وتنفيس الكربة ، ثم الاقتداء بخيار الخيار.
ومن أجل آثار من تأسيس هذا النوع من الوقف المادي والمعنوي ومن أجل ثماره تحصيل القرب من الله عز وجل، والثقة به، وبذر مظاهر الأخوة التي تحمي المجتمع. 

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق