مقالات الرأي

استغاثة شباب مدينة وزان… فهل من مغيث؟

الشريف الرطيطبي

كانت مدينة وزان عبر التاريح حاضرة لها صيتها داخل المغرب وخارجه. فهي في الأصل مركز زاوية دينية لعبت أداورا مهمة على المستوى الروحي والاجتماعي والثقاقي والسياسي على امتداد ثلاثة قرون.. ولهذه الاعتبارات لم تدخلها القوات الفرنسية إلا في سنة 1920 رغم كونها كانت سهلة المنال بالنظر إلى موضعها بين النهاية الشمالية لسهل الغرب وبداية تلال وجبال مقدمة الريف الغربية. وقد وجدت القوات العسكرية الاسبانية والفرنسية صعوبات كبيرة في اجتياح المنطقة (وزان- شفشاون) بسبب المقاومة العنيفة من طرف قبائل جبالة المحيطة بالمدينتين. وهي التي انخرطت في حرب التحرير الريفية إلى جانب الزعيم عبد الكريم الخطابي. و لعب زعماء وزان والقباءل المجاورة لها دورا مهما في الحركة الوطنية التي قادت إلى جانب الملك الراحل محمد الخامس معركة الحصول على الاستقلال السياسي.

وإذا كانت شفشاون قد خرجت ولو بعد حين من مرحلة التهميش الذي طالها بعد فجر الاستقلال بترقيتها إلى عمالة،  وبالتالي تيسير شروط تنميتها باعتماد السياحة قاطرة… فإن وزان بقيت على هامش المغرب المستقل متأرجحة إداريا بين عمالة إقليم القنيطرة وعمالة إقليم سيدي قاسم، وأضحت بالتالي تعاني على جميع المستويات، مما دفع بنخبها المثقفة إلى رفع عدة رسائل إلى الجهات المسؤولة قصد رفع حالة الاستثناءعنها والعمل على إدراجها ضمن مسيرة المغرب الجديد.. فكانت الاستجابة بأن قام الملك محمد السادس بزيارتين لها في خريف 2006 ، وأعطى انطلاق عدة مشاريع تنموية بها، والأهم من ذالك أمره بترقيتها إلى مستوى عمالة سنة 2009. واستبشر أهل وزان والقبائل المجاورة خيرا وتنفسوا الصعداء بعد طول انتظار.. لكن الواقع هو أن كل أحلامهم في الترقية والتنمية أصبحت كابوسا، حيث تعثرت المشاريع الملكية… ولعل توقف استكمال مشروع بناء مقر العمالة يبقة مثالا صارخا من بين أمثلة أخرى…

ودخل شباب ورجال ونساء المدينة والاقليم في موجة من الاحتجاجات سواء تلك المتعلقة بتوفير فرص الشغل أو مياه الشرب أو النظافة أو مكافحة الكساد الذي تعاني منه عدة قطاعات… والنتيجة هي توقيف عامل الإقليم وقبله محاكمة وسجن الرئيس السابق للمجلس البلدي. وأصبح واضحا أن المجلس البلدي بدا مجلسا صوريا لا حول له ولا قوة، يتفرج على واقع المدينة وهي تحتضر، وخير مثال تجميد إنهاء بناء المحطة الطرقية التي كادت أن تتحول إلى آثار عمرانية تشهد على سوء التدبير. وفي المقابل يوهم المجلس الإقليمي بقيامه بمجهودات لحل مشاكل الاقليم لعل أبرزها بناء المستشفى الاقليمي وحل أزمة الماء بالدواوير والمدشر القريبة من أكبر سد للماء بالمغرب.

كتبت العرائض ووصفت  المقالات هذا الواقع المر الذي تعاني منه ساكنة اقليم وزان الفتي الذي لم يستفد من انتمائه إلى جهة طنجة- تطوان -الحسيمة في شئء، على غرار مدينة  القصر الكبير التي أصبحت لها كلية متعددة التخصصات ومدينة الحسيمة التي بدورها ستستفيد من هذا الامتياز، فيما أصبحت مدينة شفشاون بدورها تطالب به وهي التي وفرت البقعة الأرضية المخصصة لذلك، بينما إقليم وزان تعطى له الوعود التي لا تنفذ.

وأمام هذا التهميش الذي لا يطاق والإهمال الذي تحول إلى مصدر إحباط للشباب مما جعلهم يفكرون في الهجرة الاضطرارية، و بسبب عدم الاستجابة من طرف الجهات المسؤولة والمنتخبة، وعدم وجود أية مؤشرات تدل على ذلك، انبقتث فكرة الاستغاثة عن طريق لفت الاتنباه من خلال حملة للنظافة وإنجاز جداريات من طرف متطوعين ومتطوعات من أبناء وبنات وزان والاقليم. و قد لاقت تجاوبا ونجاحا كبيرين رغم محاولات تقزيمها من طرف من يرون في الشباب المتطوع منافسا محتملا في الانتخابات القادمة.. إذ أن هاته الأعمال تنجز في مختلف واجهات المدينة بفضل تبرعات المتطوعين وبعض الغيورين من أبناء المدينة في غياب تام لأي دعم مادي أو معنوي من طرف المجلسين البلدي والاقليمي . وقد لقيت المبادرة تنويها ومتابعة إعلامية واسعة من طرف مؤسسات إعلامية كقناة الجزيرة القطرية وراديو طنجة والقناة الثانية، باعتبارها مبادرة فريدة ورائدة.

ويراهن شباب “حملة الاستغاثة “على استمرارها لمدة سنة. وهي الكفيلة بإثارة انتباه المسؤولين لإخراج المدينة والإقليم من واقع التهميش والإهمال، و قد يبدعون خلالها أشكال غير مسبوقة من “الاستغاثة” لعل الجهات المعنية تصلها رسالة مدينة عانت ولا تزال من ظلم الزمان وظلم الانسان.

 

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق