الضفة الأخرى

جهة الأندلس.. الحزب الشعبي يصل إلى السلطة بدعم ومساندة من أقصى اليمين بعد أكثر من 36 سنة من الهيمنة الاشتراكية

بتنصيب مرشح الحزب الشعبي بجهة الأندلس خوانما مورينو أمس الأربعاء رئيسا جديدا للحكومة المحلية لجهة الأندلس يكون حزب يميني قد وصل لأول مرة في تاريخ هذه الجهة التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي إلى السلطة ليضع بذلك حدا لهيمنة اشتراكية استمرت لأكثر من 36 سنة .

وبهذا التنصيب تنطلق مرحلة سياسية جديدة بجهة الأندلس تتميز ليس فقط بوصول الحزب الشعبي إلى السلطة عبر تحالف مع حزب الوسط ( سيودادانوس ) وإنما أيضا من خلال دخول قوي لحزب يمثل أقصى اليمين هو حزب ( فوكس ) إلى البرلمان الجهوي لجهة الأندلس وذلك لأول مرة في تاريخ الديموقراطية الإسبانية .

ويعد حزب ( فوكس ) الذي تأسس عام 2013 أول حزب يمثل أقصى اليمين وذي النزعة الشعبوية الذي يحصل على مقاعد في برلمان جهوي بإسبانيا منذ استعادة الديمقراطية في هذا البلد عام 1975 .

وسيتولى الحزب الشعبي ( محافظ ) الآن رئاسة الحكومة المحلية لجهة الأندلس التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي والتي تعد الأكثر كثافة سكانية بمجموع المناطق الإسبانية ( 4 ر 8 مليون نسمة ) والثانية من حيث المساحة ( 87 ألف و و 268 كلم ) حتى وإن لم يحتل المركز الأول في آخر انتخابات جهوية جرت قبل أوانها في ثاني دجنبر الماضي والتي فاز خلالها الحزب العمالي الاشتراكي وخرج رغم ذلك إلى المعارضة .

ومكنت لعبة التحالفات الحزب الشعبي من إبرام اتفاقيتين مع كل من حزب الوسط ( سيودادانوس ) والحزب اليميني ( فوكس ) اللذين حصلا على التوالي على 21 و 12 مقعدا بالبرلمان الجهوي للأندلس مما فسح المجال لهذه الجهة بأن تنتقل نحو اليمين وتفرز حكومة يقودها الحزب الشعبي في إطار ائتلاف مع حزبين يمثلان وسط وأقصى اليمين .

ولم تكن المفاوضات التي أطلقها الحزب الشعبي مباشرة بعد نتائج الانتخابات الجهوية التي جرت قبل أكثر من شهر ونصف بجهة الأندلس مع حزبي ( سيودادانوس ) و ( فوكس ) سهلة ولا كانت سالكة خاصة بسبب طموحات قادة كل من الحزبين في تولي رئاسة الحكومة المحلية القادمة للجهة ليسلم في النهاية حزب ( سيودادانوس ) لفائدة الحزب الشعبي مقابل حصوله على رئاسة البرلمان الجهوي للإقليم .

وإذا كان انتصار الحزب الشعبي في الانتخابات الجهوية الأخيرة بالأندلس قد شكل مفاجأة كبيرة للمراقبين والمتتبعين فإن وصول ممثلي حزب ( فوكس ) إلى البرلمان بعد حصوله على 12 مقعدا شكل زلزالا كبيرا خلخل المشهد السياسي بإسبانيا ككل وليس فقط على صعيد جهة الأندلس التي كان يهيمن عليها الاشتراكيون لأكثر من 36 سنة .

ويثير وصول المحافظين إلى السلطة في جهة الأندلس بدعم ومساندة من حزب يمثل أقصى اليمين مخاوف كثيرة لدى شرائح واسعة من المجتمع الأندلسي والإسباني التي ترى أن قادة حزب ( فوكس ) هم الذين سيتحكمون في مفاتيح السلطة بهذه المنطقة من خلال نوابهم البالغ عددهم 12 نائبا والذين يمكن لأصواتهم أن تكون حاسمة في اعتماد والمصادقة على قوانين جديدة بالبرلمان الجهوي .

وتزايدت المخاوف من حزب ( فوكس ) خاصة بسبب طروحاته السياسية وخطاباته المناهضة للهجرة ومعاداته لمطالب الحركات النسائية إلى جانب دعواته بوضع حد لنظام الحكم الذاتي بالجهات في إسبانيا وإلغاء قانون مكافحة العنف ضد المرأة وغيرها .

وفي ذات السياق قالت سوزانا دياز الرئيسة السابقة للحكومة المحلية لجهة الأندلس والأمينة العامة للحزب العمالي الاشتراكي بذات الجهة إن الحكومة الأندلسية الجديدة التي سيشكلها الحزب الشعبي وسيودادانوس بدعم من حزب ( فوكس ) ” وإن كانت شرعية فإنها تمثل الانحدار والقهقرة ” على اعتبار أنها ما كانت لتتشكل لولا أصوات اليمين المتطرف .

وخاطبت دياز خلال النقاش الذي شهده البرلمان الجهوي بمناسبة تنصيب الرئيس الجديد للحكومة المحلية لجهة الأندلس خوانما مورينو بالقول ” إن أدولفو سواريز ـ رئيس الحكومة الإسبانية ما بين عامي 1976 و 1981 ـ دفن نظام فرانكو وأنت ستصبح رئيسا للحكومة الأندلسية بدعم من ورثة هذا النظام ” .

وبدخول اليمين المتطرف إلى البرلمان الجهوي في الأندلس وحصوله على تمثيلية وازنة ( 12 نائبا ) لم تعد إسبانيا تمثل الاستثناء على المستوى الأوربي حيث يرى المراقبون أن هذه النتائج التي حصدها حزب ( فوكس ) لها أهميتها وسيكون لها ما بعدها خاصة مع اقتراب دورة انتخابية واسعة تبدأ بالانتخابات البلدية والجهوية ثم الأوربية المقرر إجراؤها خلال شهر ماي المقبل . 

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق