مقالات الرأي

قصة الدكتور الفايد مع الوالد والحرب الدائرة

منذ سنوات سطع نجم الفايد وهو يحاضر في التغذية وينبه إلى شرور المعلبات والتغذية الصناعية وأهمية تقوية جهاز المناعة وأهمية الخضر والفواكه والحبوب والأعشاب و… وطريقة الطهي وخطورة القلي و٠ ووو وهو في ذلك يستشهد بالايات القرانية والاحاديث النبوية ويتحدث حديثا قريبا من وجدان الناس يجعل الغذاء جزءا من العبادة وهو كذلك. ومن شأن هذا الخطاب أن يعلي من القيم الاسلامية في نفوس الناس ومن اعتدادهم بموروثهم الثقافي. وكان كلامه يحمل كثيرا من الفائدة لكنه يحمل مخاطر أيضا منها:
* أسلوب التعميم والاطلاقية حيث يكثر من عبارات : لا يمكن : لا يمكن إطلاقا ان يصاب بالمرض من يتناول كذا وكذا ، لا يمكن أن يشفى من هذا المرض …ولا وجود لدواء لهذا المرض ومن قال لكم غير هذا فهو كاذب….
* أسلوب التهويل والتضخيم : بعد كذا سنة سيصبح الجميع مريضا بكذا إذا لم نفعل كذا …
* مخالفة الرأي الصريح لأطباء متخصصين في عدم جواز صوم بعض المرضى وخطورة ذلك وتاكيده على أنه يتحمل مسؤوليته عن موتهم، وهو في ذلك يناقض ترخيص آيات القرآن في الافطار لاصحاب الأعذار من المرضى والشيوخ العجزة والحوامل والمرضعات إذا خشين على أنفسهن… وقد تراجع عن موقفه هذا ضمنيا بتقريره لأمر مخالف دون أن يعتذر عن خطئه السابق حتى لا يقع الناس في اللبس
* المبالغة في كثير من الأحيان خاصة إذا أخذته الحماسة، من ذلك تقريره أن صوم 36 يوما تشفي من عدة امراض كثيرة عددها وأحصاها من أمراض المناعة إلى السرطان مرورا بمرض بهجة والباركينسون وغيرها كثير…(لا أحد يجال في أهمية الصوم ودوره في الوقاية وفي دعم الدواء ولكن لا يمكن ان يكون دواء لهذه الامراض)
* التبخيس خاصة في أول عهده من الأطباء والأدوية
* نبرة الاعتداد الكبيرة في التعبير عن قناعاته مما يجعل الآخرين في موقف الدفاع حتى آخر رمق: الفايد في حديثه يجعل المخالف او المتردد في أحد موقفين اما الاذعان المطلق أو القتال حتى الموت!
ما تاثير ذلك من الناحية العملية على تصرفات الناس؟
كان والدي رحمه الله يكابد آلام المرض ويصبر على معاناة الدواء تقبل الله منه صبره …وكان معجبا أشد ما يكون الاعجاب بصاحبنا الفايد فلا يفوت تسجيلا له وكان يستمع إلى برنامجه الإذاعي في إذاعة محمد السادس مرتين ويحرص على أن نستمع نحن أيضا ولو مرة واحدة! ويرفض أي حديث يشوش على المسامع أثناء فترة إذاعة البرنامج. المشكلة أن الوالد رحمه الله كان ياخذ كلام الرجل مأخذ الجد منتهى الجد وينزل به إلى التطبيق العملي والفوري وفضلا عن العنت الذي قد يقع فإن بعض النصائح لم تكن دائما دقيقة خاصة في حالة الوالد والحمد لله أنه لم يأخذ بأمره المطاع دوما! في قضية الدواء والصوم وإلا لكنا أمام كارثة محققة لا قدر الله. وكانت بيني وبين الوالد رحمه الله نقاشات حول رفضي لأسلوب الفايد وعدم واقعية بعض كلامه وهو ما كان يثير غضبه مما جعلني أتفادى الجدل بشأنه والحمد لله قيض الله ظهور أسماء أخرى أكثر اعتدالا مثل الدكتور الحليمي . .
الخلاصة أن الفايد وما يقدمه من نصائح مهمة يشوش عليها أسلوب خطابه الذي لا يكون موفقا. وهو ما يجعل الناس في ضيق من أمرهم فيتخلصون من كل توجيه ضروري لتغذية سليمة او يعمدون الى٢تطبيق حرفي لكلامه مع ما يحسون من عنت ومشقة وو.. وقد حدثني من لا أتهم أنه هو نفسه لا يطبق بشكل حرفي كل ما يوصي به …
المخاطر التي أشرت إليها آنفا شكلت مدخلا للكثيرين خاصة من يكرهون الربط بين الدين وواقع الناس لممارسة حرب غير أخلاقية في كثير من جوانبها بغرض إخراسه، وما عرفه من تضييق في مجاله المهني رغم صدور احكام قضائية جزء من هاته الحرب، ومنع برنامجه : نخل ورمان جزء من هاته الحرب أيضا،…
وفي المقابل هاته الحرب جعلت آخرين يناصرونه بكل قوة وبحماس يلغي أي مكان للإنصاف.
الحديث ليس عن التغذية السليمة وأهميتها ولا عن خطورة المواد الصناعية والعادات السيئة في الغذاء، ولا عن جشع بعض المنتجين …
الدفاع عن الفايد دفاع عن مظلوم ضد التحامل، ولكن دون غض الطرف عن الأخطاء او جعلها حربا مقدسة لحراسة الهوية والقيم.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق