سياسة

طنجة : حياة القلوب في رحاب الذكر..محور محاضرة دينية لفضيلة الشيخ ياسين الوزاني

بدعوة من جمعية” السعادة للتنمية والتضامن بطنجة” وفي إطار الملتقى الرمضاني الذي تنظمه الجمعية تحت شعار ” رمضان التضامن ” ، ألقى فضيلة  الشيخ “ياسين الوزاني”  محاضرة قيمة حول موضوع (  حياة القلوب في رحاب الذكر ) وذلك يوم السبت 03 يونيو 2017 الموافق ل (08 رمضان 1438 ه ) مباشرة بعد صلاة التراويح، بقاعة العروض التابعة  لمجلس مدينة طنجة .

وفي جو من الخشوع الرباني تابع الحضور الكريم الذي غص  قاعة  العرض عن آخرها ، بالدرس والتحليل أهمية الذكر في حياة الإنسان والذي يعتبر قوت للقلوب، وقرّة للعيون، وسرور للنفوس، به تُجلب النِّعم وتُدفع النِّقم؛ فهو نعمة عظمى ومنحة كبرى، له لذة لا يدركها إلاّ من ذاقها.

وأوضح  فضيلة الشيخ “ياسين الوزاني”  في عرضه القيم ،  أن الذكر هو أحد الأمور التي تعين على تربية النفس وتنقية الذهن وسمو الروح، وهي أمور لا غنى للداعية عنها؛ ولذا جاء الأمر القرآني للرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- وهو في بداية الدعوة، بعد أن أمره بقيام الليل وتلاوة القرآن استعدادا لتقبل الأمر .

وأشار الوزاني أن ذكر الله تعالى هو أحد أسباب تحقق الصبر، ولذا قرن الله تعالى بين الصبر والذكر والتسبيح في أكثر من موضع في كتابه؛ وذكر الله تعالى وتسبيحه من المنجيات للداعية من عقاب الله تعالى إذا تعرض لبعض نزغات الشيطان، أو حدثته نفسه الضعيفة بما لا ينبغي لأمثاله أن يفعله .

ولا نقصد بالحياة هنا الحياة المحسوسة التي يشترك فيها الإنسان مع باقي الكائنات الحية؛ وإنما نقصد بها حياة الروح وروح الحياة، حياة القلب وقلب الحياة، نقصد الحياة التي عبر عنها الله تعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}. فهذه الحياة متحققة بالاستجابة لأمر الله ورسوله. وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت” .

ومن مظاهر هذه الحياة اطمئنان القلب ويقينه في الله تعالى، واستكمال الآية الكريمة آنفة الذكر: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. وهذا يعني أن هناك علاقة قوية ومباشرة بين هذه الحياة والقلب؛ فحيلولة الله بين المرء وقلبه تعني موات هذا القلب وعدم انتفاعه بالموعظة.

وأكد فضيلة الشيخ أن ذكر الله عز وجل هو الطريق الرئيسي لتحقيق هذا اليقين القلبي، ومصداق ذلك قول الله عز وجل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. ومن أول صفات المخبتين {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}، وتوعد سبحانه وتعالى القلب الميت الذي لا يتأثر بالذكر {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ” .

وأضاف أنه علاقة اطمئنان القلب بالذكر أن العبد إذا ذكر من أسماء الله وصفاته: الرزاق الفتاح الوهاب الكريم الباسط؛ اطمأن على رزقه. وإذا ذكر من أسمائه تعالى: الغفور الرحيم التواب العفو؛ اطمأن على مغفرة ذنوبه وتكفير سيئاته. وإذا ذكر من أسمائه: العليم الخبير السميع البصير؛ اطمأن على أن ما أصابه فإنما هو بقدر الله وعلمه.

وهكذا فالعيش مع أسماء الله وصفاته يكسب القلب طمأنينة ويقينا، وينزل على النفس بردا وسلاما. ويكتمل اليقين القلبي بالتغلب على الشيطان الذي أخذ على نفسه العهد أن يضل الإنسان، وأن يوسوس له ويزعزع إيمانه ويقينه في ربه.

واستعرض “ياسين الوزاني” حديثه بأن المتعارف عليه في دنيا الناس أن الفقير هو الذي يذكر الغني، والضعيف يذكر القوي. ولكن مع الله تعالى الأمر مختلف؛ فهو سبحانه يعامل عبيده من باب الكرم والفضل. فنجده سبحانه يخبرنا أنه يذكر من يذكره. بل ويذكره في ملأ خير من ملئه، وهذا منتهى التفضل والمن.

يقول تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، قال الحسن البصري في معناها: “قال: فاذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي”، وقال سعيد بن جبير: “فاذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي ورحمتي” .

فيا له من شرف وفضل؛ أن يذكر الربُّ الغنيُّ العبدَ الفقيرَ. إنه ذكر ما بعده ذكر؛ فاذكروني بالتذلل أذكركم بالتفضل. اذكروني بالأسحار أذكركم بالليل والنهار. اذكروني بالجهد أذكركم بالجود. اذكروني بالثناء أذكركم بالعطاء. اذكروني بالندم أذكركم بالكرم. اذكروني في دار الفناء أذكركم في دار البقاء. اذكروني في دار المحنة أذكركم في دار النعمة. اذكروني في دار الشقاء أذكركم في دار النعماء.

واختتمت هذه  الأجواء الروحانية لهذه المحاضر ة القيمة بتلاوة الذكر والدعاء الصالح لأمير المؤمنين والأسرة الملكية الشريفة .

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق