مقالات الرأي

إلى أستاذي “محمد اجبيلو”

كل واحد منا يعايش تجربة أو يصادف شيئاً ما  يكون سبباً في التأثير عليه طوال عمره إما سلباً أو إيجاباً، أما قصتي فمختلفة لم أظن أنها ستظل لصيقة بي إلى الأن و ها أنا أبلغ من الكبر عتياً..

قضيت طفولتي في إحدى المدارس الابتدائية العمومية و التي كانت تعد من أفضل المدارس من حيث جودة التعليم و تسييريها، وعلى  اعتبار أنني كنت ما زلت طفلة مقبلة على هذه الحياة خاصة أنني كنت أتميز بدقة شديدة في الملاحظة و محاولة الفهم و الادراك.

أتذكر يومي الأول في المدرسة حين أمرتنا المعلمة أن نقف كلنا سوياً في الصف لكي نقوم بتحية المدير الجديد للمؤسسة، كنت أشعر بخوف غريب، يا إلهي ! مدير جديد، ترى هل سيكون شخصاَ فضاً مثل ذلك الذي كان يشغل مكانه. هذا ما سمعت بعض التلاميذ يتهامسون به عند دخولنا الفصل، لكنني فوجئت عندما دخل عليا رجل متوسط القامة، ذو عينان زرقاوان، شعره يطفو فوقه بعض البياض و الابتسامة لا تفارق محياه، يرتدي قبعة بنية اللون و قميصاً أبيضاً مع ربطة عنق زرقاء داكنة و جلباب صوفي تقليدي..

لم أدري أين اختفى ذلك القلق و عاد اللون لوجهي عندما رأيته، كيف لشخص مثله أن يكون قاسياً ! أمر غير مقبول في نظري.

عموماً مرت تلك السنة بسرعة البرق ، لتليها سنة أخرى تلك السنة التي فقدت فيها جدي، و الشيء المؤسف أنه كان بعيداً لم أستطيع لا تودعيه ولا حضور جنازته، و هذا ما أثر بي كثيراً في تلك الايام.

لكنني سرعان ما تناسيت الأمر ربما لأنني كنت أرى صورة جدي في شخص المدير خاصة في طريقة تعامله كان شخصاً طيباُ للغاية،  لهذا كان لزاماً أن أتأثر بيه وأنا إبنة الست سنوات أنذاك، بشخصيته المرنة و روحه التي كانت تشكل الجزء الأكبر من المدرسة ، لم أتذكر يوماً موقفاً له و هو يشتم أو ينهار أحداً كانت نظاراته كفيلة بأن تقول الكثير دون أن يلفظ حرفاً، لم نكن نخافه بل كنا نهابه و نحترمه و نحرص أشد الحرص على أن لا نقترف سلوكاً شنيعاً لكي لا يأخذ بخاطره .

مازلت أتذكر يوم إرتدائي للحجاب، كنت في الصف الخامس أنذاك. ركضت مسرعةً في طريقي للمدرسة لأجده واقفاً منتصياً أمام باب المدرسة إتجهت نحوه لأخبره أنني إرتديت الحجاب و أنني قمت بأداء فريضة صلاة الصبح قبل مجيئي للمدرسة، فرح كثيراً لأجلي مربثاً على كتفي ..

كانت تلك الحركة و تلك النظرة كفيلتان بإسعادي ليوم كامل، أحسست بالفخر لا لشيء سوى أنني استطعت أن أرسم تلك البسمة على وجهه.

ها أنا ذا أكتبه إليه لأخبره مدى تعلقي الشديد بيه منذ طفولتي و مدى تأثيره علي كثيراً، علمني أنني أستطيع أن أؤثر في الأخر بحكمة ، ليس من الضروري أن تجادل أو تتفوه بكلمة لتؤثر بشخص ما كما قيل “لسان الحال أبلغ من المقال”.

ختاماً، أريد أن أشكرك من كل قلبي، شكراً  على درس على إبتسامة على نصيحة، سيدي لم تكن (مجرد مدير فقط)، في الواقع كنت المحفز الكبير للذهاب للمدرسة.

شكراً لأنك ساهمت في خلق بيئة جد مناسبة للتعلم أقدر لك ذلك،. جميعهم كانوا الخواتم و أنت سيدي كنت الإسثناء.

أتمنى أن تصلك كلماتي لعلها توفي حقها الجزئي فقط .

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق