مقالات الرأي

الحكومة المغربية .. ما محلها من الإعراب؟

الصادق بنعلال:

1 –  إذا كان جل المواطنين المغاربة قد عبروا عن عدم رضاهم عن الأداء الهزيل للحكومة المغربية في عهدي السيد عبد الإله بنكيران و السيد سعد الدين العثماني سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا، فإنهم وصلوا إلى شبه يقين بأن أغلب الوزراء لا نفع من ورائهم، بل إنهم ينتظرون على أحر من الجمر انتهاء مهامهم و طي صفحاتهم المليئة بالقرارات الطائشة و الإجراءات العشوائية المتناقضة و غير السديدة، بل نكاد نقول إن الحكومة المغربية الحالية جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب حسب المفهوم النحوي العربي التقليدي! و لعل الأيام القليلة التي سبقت عيد الأضحى تقوم دليلا بليغا على عشوائية الأداء الحكومي و ارتباكه و تهافته المبين.

2 –  لقد عبرنا عن “ابتهاجنا” إزاء بعض الخطوات الهامة التي صدرت عن السلطات العليا و هي تواجه تداعيات وباء كورونا، بل إننا أشرنا في أكثر من مناسبة إلى نجاح المملكة المغربية في التعاطي الإيجابي مع هذه الجائحة التي ملأت الدنيا و شغلت الناس، مقارنة ببعض البلدان العربية و الدولية المتقدمة على المستوى التدبير الجاد لامتدادات فيروس كوفيد 19؛ خاصة على مستوى حركية مبدأ التضامن الاجتماعي و انخراط المجتمع المدني في التخفيف من معاناة الساكنة المغربية الأكثر تضررا، و الانكباب على توفير المستلزمات الوقائية بالغة الأهمية من قبيل الواقيات الصحية و الكمامات و أدوات التعقيم عالية الجودة، بل إن المغرب تمكن في وقت قياسي من ضمان الاكتفاء الذاتي في هذا المضمار، و انتقل إلى مرحة تصدير المنتوجات الصحية إلى دول أجنبية و مساعدة أقطار إفريقية متعددة..لكن حاليا أصبحنا أمام واقع مخيف يشهد انتشارا غير مسبوق للوباء و ارتفاعا كبيرا للإصابات المؤكدة و ازدياد عدد الموتى، بسبب مرحلة التخفيف غير المدروس من إجراءات الحجر الصحي، و تراخي عدد كبير من المواطنين و استهانتهم بالتدابير الاحترازية المطلوبة.

3 –  و “النقطة التي أفاضت الكأس” تجلت في التخبط الذي وجدت فيه الحكومة نفسها إزاء المناسبة الدينية المتمثلة في إحياء الاحتفال بعيد الأضحى، حيث كنا نمني النفس أن تتخذ قرار إلغاء الاحتفال بهذه الشعيرة الدينية  في ظل هذا الإعصار الوبائي الرهيب، تفاديا للتدافع و الصدامات و حوادث السير المأساوية و السرقة..أثناء السفر الاضطراري لعدد كبير من النساء و الرجاء و الشيوخ و الأطفال في اتجاه مدن أخرى للاحتفال بين أحضان عائلاتهم، بسبب “قرارات منتصف الليل ” و تجنبا للتجمعات غير الصحية  و ما قد تحمله هذه الأمواج من الأفراد من الأعراض المفترضة للوباء إلى باقي تراب المملكة، و ما قد تعرفه أسواق بيع الأضحية من تسيب و عنف و اعتداء..مما قد يفسد قداسة عيد الأضحى المبارك، و ينسف كل ما قدمه الأطراف المعنيون بمواجهة هذه الجائحة، من تضحيات جسام : الأطباء و الممرضون و رجال الأمن و النظافة و جيش من الخبراء و المتطوعين..

4 –  إننا نقدر الوضعية الاجتماعية و المالية للفلاحين المغاربة، و ندعو إلى النظر إلى أحوالهم المزرية و واقعهم الأليم، لكن بكيفية ذكية و راجحة، حتى لا تتحول هذه المناسبة إلى مأتم، و يعم الداء البلاد و العباد. و قد علمنا ديننا الإسلامي الحنيف ممثلا في القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الصحيحة، أنه لا يجب أن نلقي بأنفسنا إلى التهلكة، و أن الضرورات تبيح المحظورات، و أنه لا ضرر و لا ضرار..فما أحوجنا اليوم قبل أي وقت مضى إلى فقه واقعي ينظر إلى أحوال الناس المتجددة بعقل متجدد، فماذا كان سيقع في الكون لو ألغت الحكومة المغربية عيد الأضحى بقرار رسمي بلغة عربية مبينة؟ لكُنا تفادينا ألوانا من المسلكيات الاجتماعية المرفوضة، و ضروبا من الانزلاقات التي تلحق الضرر بالمنجز السياسي و الاجتماعي المغربين، و تقدم صورة مختلة عن حقيقة المغرب، فهل هو جهل متأصل في هيئة “الحكومة المحترمة”، أم حسن نية و تخطيط و اجتهاد، أو عطل في “آلتها” الاقتراحية؟  في جميع الحالات إنه فشل دراماتيكي، و عجز في التعاطي العلمي مع تداعيات  الوباء، المصر على إسدال أجنحته السوداء على أفراد من الشعب، يشكون من نقص في الوعي الصحي  و خصاص في التربية المجتمعية المنفتحة، و قصور في فهم جوهر ديننا الحنيف.و لهذه الدواعي و مثيلاتها الكثيرة لم يعد لهذه الحكومة “المبجلة” أي معنى لوجودها و استمرارها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه !

* كاتب من المغرب  

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق