مقالات الرأي

همس الحب والكراهية.. هوامش “جبرونية”

محمد أمحجور

تحدث الصديق جبرون مرتين عن ما هاله من الحقد الكبير لدى الكثيرين من أعضاء حزب العدالة والتنمية، مرة أولى في تدوينية على صفحته ومرة أخرى اليوم في ميد راديو..
وكما قلت له قبل أيام لقد بالغ كثيرا في هذا التوصيف، أو على الأقل لم يكن دقيقا فيه..
فهو يعلم جيدا أن هذه الفكرة الإصلاحية التي بدأت قبل عقود، بعيدا عن العمل السياسي المباشر، أسست على مراجعات عميقة للقيم والمناهج الإصلاحية، ومن أهم تلك المراجعات الاستيعاب عِوَض الاقصاء والتعاون عِوَض التنازع والمخالطة الإيجابية عِوَض الانغلاق …
طبعا هذه القيم ستصاحبنا في العمل السياسي المباشر فيما بعد، فما كان الكره ولا الكراهية منهجا ولا خلقا مطردا لدى أُطر الحزب وقادته وعموم أعضائه…
ثم إن العمل السياسي موضوعيا لا يبنى على علاقة الحب والكراهية فلا عداوة دائمة ممتدة في السياسة ولا صداقة محصنة من شوائب العداوة” السياسية” …
وإن كان هناك من “كره” تجاه الأصالة والمعاصرة، وأنا من الكارهين له، فهو كره للدور الذي كان يلعبه، وهو كره أيضا لما قام به من إضرار كبير بالمسار السياسي للمغرب، من خلال استعمال أسلحة محرمة ديموقراطيا، وهنا ما ينبغي لمؤرخ كجبرون أن ينسى ما عشناه بين 2009 و 2011، من اجواء إرهاب وإرعاب وتهديد لم توقفه إلا رياح الربيع حينما هبت …
ويكفي أيضا للتدليل على أن الكره إنما هو للسلوك وليس للأشخاص، أن يتأمل العزيز جبرون كيف تجاوز عبد الاله بنكيران ومعه كل الحزب لكل الأذى والاتهامات والكلام غير اللائق الذي لحقه من شباط، بل أسوأ من كل ذلك الأذى السياسي الكبير والإرباك الأكبر الذي حاول شباط ان يقوم به لإنهاك وانهاء تجربة العدالة والتنمية في ظرف دقيق وجد حساس…
رغم كل ذلك عندما راجع حزب الاستقلال وامينه العام مواقفه وانخرط في انسجام تام مع العدالة والتنمية في مهام المرحلة تم طَي صفحة “العداوة” بيسر وسهولة لأن المسألة في العمق كانت “كراهية كبيرة” للسلوك والدور…
اليوم بنفس المنهج ونفس المقاربة، الكراهية الكبيرة للأصالة والمعاصرة هي ثابتة تجاه دوره ووظيفته وأسلحته وما راكمه من خطايا تجاه الوطن..
ويوم يراجع الأصالة والمعاصرة سلوكياته ومسلكياته ومواقفه وأدواره، المعادية للعدالة والتنمية والمسيئة للوطن، وحينما يراجع دوره ووظيفته ويتحول إلى حزب “عادي” إن استطاع ذلك، يومها تأكد صديقي جبرون أن كرهنا للأصالة والمعاصرة بما هو فكرة فاسدة ومسلكية مفسدة سينتفي تلقائيا…
وأما العلاقات الشخصية فهي قلوب يقلبها الله حبا وكرها لن تضبط إيقاعها لا انت ولا أنا، فهي موكولة إلى الطبائع والسلوكيات الفردية، وما شهدت يوما في الحزب دعوة لكراهية أعضاء الاصالة والمعاصرة لأشخاصهم.. بل أذكر في عز الصراع مع الأصالة والمعاصرة كيف كان البعض من أعضاء الحزب يحاول استخدام وصف الحزب “اللقيط” وكيف تدخل السي عبد الإله بنكيران والمرحوم عبد الله بها بقوة ضد هذا النعت القدحي الذي انقطع حينا ولم يعد له ذكرا…
ورحم الله عمر ابن الخطاب الذي يحكى عنه أن أعرابيا كان قد قتل قبل أن يسلم أحد أقاربه، ولما أسلم بدأ يجاهد ويأخذ نصيبه من الغنائم، فجاء يوما عند عمر رضي الله عنه ليأخذ نصيبه فقال له عمر: “إنني أكرهك”، فأجابه “هل يمنعك كرهك لي أن تعطيني حقي؟!” فأجابه عمر: “لا”، فقال الأعرابي: ” هات إنما يأسى على الحب النساء”…
صديقي جبرون لا حب في السياسة يدوم ولا كراهية تخلد …
دمت ودمنا معك سالمين..

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق