مقالات الرأي

محمد الرماش : التعليم حقيقة وفكر

هل البرلمان يصلح التعليم؟ هل التعليم مشروع سياسي أم قضية مواطنة؟ هل المصلحون الطيبون الذين يسهرون على إصلاح النظام التعليمي يدرسون أبنائهم في المدرسة العمومية؟ وهل مشكل التعليم هو مشكل لغة التدريس فقط ؟

هي مجموعة من الأسئلة يطرحها المرء على نفسه وهو جالس على كرسي أمام شاشة التلفاز يشاهد حادثة سير مروعة، حادثة سقوط شاحنة ضخمة في الوادي الكبير، شاحنة محملة بكتب مدرسية، بالمدرسة العمومية وبالتلميذ المغربي.

لقد طفح الكيل من مسرحية يتم تكررها في كل جلسة برلمانية بطلها التعليم تحت رحمة الحكومة والمعارضة، الحكومة يمتلها رجال رقميون يتكلمون بلغة الأرقام ونجاح التعليم بالنسبة لهم هو عبارة عن أرقام يجب أن تتزايد وأخرى يجب أن تتناقص، مثلا: نسبة النجاح لقسم معين في السنة وعدد الهدر المدرسي في السنة……..إلخ. وكما يقال: الغاية تبرر الوسيلة ووسائلهم متعددة الطرق لا يفرق بين الصالح والطالح منها، لأن هدفهم النبيل هو تحقيق نجاح رقمي على أرقام الحكومة السابقة. أما المعارضة فيمثلها رجال معارضون بالفطرة، يعارضون من أجل المعارضة، يعارضون الأشخاص وليس الأفكار، معارضة بدون بديل، هدفهم فقط اتقان دور المعارض في المسرحية. للأسف التعليم ما هو إلى ورقة حزبية يقامروا بها سياسيون مغضوب عليهم في أمسية برلمانية.

لكن لماذا يراهنون بقضية وطنية ويضحون بها من أجل حرب حزبية؟….. السؤال الذي يجب طرحه هو العكس تماما، ما الشيء الذي يجعل السياسيين يسهرون على إصلاح التعليم الوطني ودفعه نحو التألق وتحقيق مراتب مشرفة دوليا وصناعة أجيال نابغة؟

الجواب سهل جدا، لا شيء، لا شيء على الإطلاق، ففاقد الشيء لا يعطيه ولا يوجد أي محفز لديهم لأن هذا المنتوج الذي يطبخونه لا يستهلكون منه شيئا وأبنائهم يدرسون في مدارس فرنكوفونية وأنجلوفونية الأصل والبعض منهم نفذ البحر إلى مدارس وجامعات خارج الوطن. إذن كيف يعقل أن نضع مصير التعليم في أيدي هؤلاء الرجال!….. رحمك الله يا رابعة عدوية، مت شاهدا يا محمد ابن عبد الكريم الخطابي وطر يا أبي عباس السبتي كما طار عباس ابن فرناس ثم اُسقط واَكسر ضلوعك، المهدي المنتظر لن يأتي لينقد التعليم، سيدي الوزير هو الفارس المغوار الذي سينقده، وكيف ذلك! بعد نوم عميق وعندما يدق ناقوس الخطر ويشتعل الضوء الأحمر ويضغط الكبار وتحرك الأقلام والصحف يفيق ليحدث زلزلا كما فعل العباقرة من قبله، ألا وهو تغيير لغة تدريس مادة ما من العربية إلى الفرنسية ثم وبكل بساطة معضلة التعليم تنتهي. أ ليس هذا هو الغباء الذي تحدث عنه أينشتاين وقال: الغباء هو تكرار نفس التجربة وتوقع نتيجة مختلفة في كل مرة، وهل ترسيخ الفرنكوفونية هو الإصلاح المنتظر! أ ليس الفرنكوفونية هي السلاح الفتاك الذي اِنتهش عظام التعليم الوطني!

نعم الفرنكوفونية فيروس قضى على التعليم الوطني كالطاعون لأن التلميذ كالرضيع والمنهج التعليمي كالحليب والرضيع لا يحب إلى حليب أمه، إذن الإصلاح الحقيقي للتعليم يكمن في تغيير المناهج التعليمية لجميع المستويات المستوردة من فرنسا وإعداد مناهج وطنية عربية بهوية إسلامية لمعالجة الاستعمار أو الإرهاب الفكري الفرنسي الذي قام بمحو العروبة والهوية باِختيار مواضيع سطحية في التربية والتركيز في دروس التاريخ على انجازات أروبا اقتصاديا واستعماريا وإقصاء التاريخ الوطني والعربي في عهد الفتوحات الإسلامية. كذلك بالنسبة للأدب والفكر بحيث نجد أن المواضيع والنصوص الفكرية تخاطب فرنسي تحرر من النظام الكاثوليكي ولا تخاطب مغربي مسلم، وهي عبارة عن نصوص مختارة فيها أعمال مفكرين وكتاب وفلاسفة أجانب من قبل الميلاد إلى ما بعد الأنوار ولا وجود للإسهامات المسلمين في القرون الوسطى كابن رشد، ابن خلدون…….إلخ. وأيضا في عالم الرياضيات والفيزياء والعلوم التطبيقية لا وجود للإسهامات المسلمين التي هي أصل التقدم العلمي والتكنولوجي الراهن كابن الهيثم، الخوارزمي، ابن سينا…..إلخ.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق