آخر

الحكومة المنفتحة ورهان الحكامة الجيدة وتحقيق التنمية بالمغرب

الطالب الباحث مرتضى بن عبد الغفور- تقرير لرسالة نيل دبلوم ماستر في القانون والعلوم الإدارية للتنمية بكلية الحقوق بطنجة

رابط تقرير عن رسالة الماستر 

نشأت فكرة الحكومة المنفتحة كتصـور عـام، لربط المواطن بمختلف الإدارات الحكومية للحصول على الخدمات العمومية بشكل افضل، وإنجاز مختلف الأنشطة الحكومية بالاعتماد على شبكات الاتصالات والمعلومات، فالحكومة المنفتحة عبارة عن نظام وأسلوب جديد تتبناه الحكومات الحقيقيـة “بمعناهـا القـانـوني والإداري” لتوصيل المعلومات والخدمات وتعزز الشفافية والمشاركة، وتقريب الإدارة للمرتفقين عبر شبكة الأنترنت، وهذا المعطى لا يلغي دور الحكومة الحقيقية، وإنما يسانده وينعم كفاءته وفعاليته عن طريق البعد عن الروتين والتعقيدات البيروقراطية وكسر حاجز المسافات وتوفير الوقت والمال والجهد لكلا الطرفين (الحكومة – المواطن).

ففيما كان العالم يلج إلى القرن الواحد والعشرين ويواجه عدة تحديات ذات طابع شمولي ومعقد، اعترفت العديد من الحكومات بأن الطرق القديمة في اتخاذ القرارات والحكم لم تعد ملائمة، فهم في حاجة أكثر من أي وقت مضى، إلى مشاركة جميع السكان وكل الشركاء من خارج الحكومة بهدف حل المشاكل المعقدة، بدأت فكرة الحكومة المنفتحة تتبلور في العديد من بلدان العالم، مع تنامي الأزمة الاقتصادية والمالية سنة 2008، والاحتقان الاجتماعي الـذي عـم في العديد من مناطق دول العالم وأيضـا مـع التحديات البيئية الدولية.

وفي إطار تطلع المغرب إلى ترسيخ هذا المسار الديمقراطي التنموي، انفتح على تجربة دولية رائدة في هذا المجال، وهي مبادرة شراكة الحكومة المنفتحة(OGP)، تهدف هذه المبادرة، التي بلغ عدد أعضائها 78 دولة بما فيها المغرب و76 عضوًا محليًا بما فيها جهة تطوان-طنجة-الحسيمة، و12 برلمانا بما فيها البرلمان المغربي، إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية عبر وضع المواطن في صلب اهتماماتها، كما تقوم على معايير مرتبطة بتعزيز الشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، النزاهة، محاربة الفساد، الاستعمال الأمثل للتكنولوجيات الحديثة، وكذا إشراك المواطن في إعداد السياسات العمومية.

ويعتبر الإطار المفتوح والقوي للحكامة، مصيريا لدعم الإصلاحات، فمرونته تعد عاملا هاما عندما تحدد حالة التحضير والأجل المطلوب لتحقيق أهداف الحكومة المنفتحة ويجب في هذه الحالة التذكير بأن الحكومة المنفتحة ليست في حد ذاتها غاية ولكنها وسيلة للتطور نحو مجتمع ديمقراطي حيوي يستجيب لحاجبات المواطنين.

في هذا الوضع العالمي المتسم بالأزمات، جـاء الربيع العربي كنتيجة لاستياء عام بشـان الظروف السوسيواقتصادية، والنقص في الحقوق والحريات الأولية، الفقر والبطالة، والفساد لدى الموظفين والسياسيين والنقص في احترام الكرامة الإنسانية والحقوق الديمقراطية.

فالسرعة التي تمت بها المطالب الشعبية من أجل الإصلاح الشامل في جميع منطقة العربية، ولم يكن المغرب في معزل عن هذا، فقد نجم عن هذا الاستياء الشعبي إزاء الوضعية الجامدة في المغرب، خلـق حركة 20 فبرايـر لاسيما مـن طـرف الشـباب، فطالبوا بإصلاحات شاملة تحت شعار: “حرية، كرامة، عدالة اجتماعية”، وقد كان تجاوب أعلى سلطة في البلاد سريعا، حيث تم تكوين لجنة لمراجعة الدستور وأعدت مشروعا يدعم الضمانات فيما يتعلق بحقوق الإنسان الأساسية، حيث جعلت لأول مرة من الوزير الاول رئيسا للحكومة وإدخال مجموعة من الاصلاحات التي شملت جميع جوانب حياة المواطنات والمواطنين.

فالمشاركة القوية للمواطنات والمواطنين في هذه المسارات تمثل اتجاهـا واعـدا نـجـو إرضـاء انتظارات الشعوب وإعادة دعم ثقة المواطنين في الحكومات وتجويد الخدمات المقدمة للمواطن باعتماد سياسات عمومية ناجعة تدعم التنمية المستدامة والمندمجة.

وفتح الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 إمكانيات أخرى لتسريع وتعميق إصلاح الحكامة في المملكة، ويعتمد هذا المسار على مجتمع مدني متعدد الأبعاد ونشيط وعلى قطاع خاص تنافسي وموظفين عموميين أكفاء، ومسؤولين سياسيين بإرادة قوية على أعلى مستوى. كما ان الدستور الجديد المصادق عليه في ظل ردود الفعل والمظاهرات المستوحاة من الربيع العربي يمثل تعاقد مع المواطنات والمواطنين لجعل وتفعيل الإصلاح ممكنا وسريعا.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق