سلايدر الرئيسيةسياسةطنجة أصيلة

بعد سنوات من التحليق والسفر: العمدة ليموري يهبط اضطراريًا فوق مدينة تُدعى طنجة!

في ظاهرة فلكية لا تحدث إلا كل ست سنوات، ظهر عمدة مدينة طنجة، منير ليموري، من جديد بين الناس، مبتسمًا، مصافحًا، محاطًا بعدسات المصورين وعبارات “التواصل الموسمي”، وكأن المدينة لم تكن يومًا تطارده بشكاوى سكانها، وحفر شوارعها، وتذمّر شبابها.

ففي السنوات الأولى من ولايته، اعتدنا أن نراه فقط في نشرات الطقس أو صور من مطارات بعيدة، إذ لم يكن يكاد ينزل من طائرة حتى يصعد إلى باخرة، ولا يفرغ حقيبة سفره حتى يشد الرحال إلى مؤتمر دولي… خارج المدينة طبعًا!

لكن مع اقتراب الانتخابات، تغيّر المناخ السياسي فجأة. أصبح العمدة يظهر في كل مكان: يقصّ شريطًا، يوقّع اتفاقية، يلتقط صورة مع تلاميذ، ثم أخرى مع جمعويين ومثقفين، وثالثة مع أصحاب عربات المثلجات. لم نكن نعلم أن طنجة أصبحت عاصمة دبلوماسية إلا حين قرر العمدة أن “يعود إلى الوطن”.

ويبدو أنه اكتشف فجأة أن الأرصفة غير مستوية، وأن الحافلات لا تكفي، وأن هناك شيئًا اسمه “ساكنة”، بل وشيئًا أخطر يُدعى “صندوق الاقتراع”.

يقول بعض الملاحظين إن هذه العودة ليست إلا “زيارة انتخابية موسمية”، تدخل ضمن التقاليد السياسية المحلية، حيث يتحوّل المسؤول إلى سوبرمان ميداني كلما اقترب موعد الحسم، يوزّع الابتسامات كما تُوزّع الوعود، وينقشع مع أول تصويت كما ينقشع الضباب.

فجأة، صار العمدة حاضرًا في كل حيّ ونشاط، يبتسم، يُطلق التصريحات، يُصافح الأطفال، ويدشّن ما لا يُدشَّن. إنه موسم “العمدة القريب من المواطن”، ذاك الذي لم يكن متاحًا حتى عبر البريد الإلكتروني في بداية ولايته، لكنه فجأة أطلق لنا كود بار للتواصل والتبليغ عن مشاكل المدينة… يا له من إنجاز عظيم يا سيادة العمدة!

العمدة، الذي قضى نصف ولايته في المؤتمرات الدولية، والنصف الآخر في استصدار التأشيرات، يحاول الآن أن يعوّض غيابه بكثافة الظهور، غير مدرك أن سكان طنجة لا يفتقرون إلى الصور، بل إلى مشاريع حقيقية تُنجز على الأرض لا على الورق.

طنجة تستعد لاحتضان تظاهرات كبرى، من كأس إفريقيا إلى مونديال 2030، لكن مواطنيها ينتظرون من يمشي معهم على الأرض، لا من يحلّق فوقها في مؤتمرات بعيدة.

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

إغلاق