سياسة

طالب بكلية العلوم تطوان يروي القصة الكاملة لما وقع يوم الثلاثاء الأسود

تشهد كلية العلوم بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان عدة مشاكل أبرزها  الإكتظاظ  و نقص في معدات الأقسام التطبيقية،  و شهد هذا الموسم تغييرا في اجراءات بيداغوجية مثل رفض طلب استكمال الوحدات في الدورتين بالنسبة للسنة الأخيرة من الاجازة  بالإضافة إلى فرض النقطة الاقصائية لإجتياز الدورة الاستدراكية، و هي النقطة التي أفاضت الكأس،  ليقرر طلبة كلية العلوم الدخول في أشكال إحتجاجية سلمية تعبر عن رفضهم للوضعية التي أصبحت عليها كليتهم.

و إنطلقت إحتجاجات الطلبة في الأول من شهر فبراير، عبر عدة أشكال إحتجاجية، حلقات نقاش، مسيرات  و في الأخير مقاطعة شاملة للدراسة، لكن للأسف لم يفتح أي باب للحوار من طرف  رئاسة الجامعة ولا من طرف عمادة الكلية،  و بشكل غريب و غير متوقع تم الإعلان عن تاريخ الدورة الاستدراكية الذي هو يوم 22 فبراير 2016 ، كأن شيء لم يكن.

هذا الأمر جعل الطلبة  يقررون في حلقات النقاش بساحات الكلية و بأغلبية ساحقة مقاطعة الدورة الإستدراكية، وفي صبيحة يوم الإثنين 22 فبراير، فوجئ الطلبة و الطالبات بتواجد قوات أمن بزي مدني يرغمونهم  من داخل قاعات الدرس على إجتياز الامتحانات، في إنتهاك سافر لحرمة الكلية، و انتهاكا أيضا لمبدأ الحق في الإضراب الذي يكفله الدستور المغربي.

ورغم هذا التحرش الغير قانوني من طرف قوات الأمن التي بدل حمايتهم من السرقات و التحرشات و توفير جو آمن للدراسة بالكلية و محيطها، ورغم الإعتداءات و الإعتقالات و التهديدات التي تعرض لها عدة طلبة في ذلك اليوم، إلا أن الطلبة  و لإيمانهم بمشروعية مطالبهم تمكنوا من إنجاح هذه مقاطعة رغم كل تهديدات و المناوشات.

بعد تلك الحادثة المشينة توقع الطلبة من إدارة الكلية أن تتدارك أخطاءها السابقة و تدخل في حوار جاد معهم،  لكن للأسف وبشكل غريب أصرت إدارة الكلية على إجراء الدورة الاستدراكية في اليوم الموالي.

الثلاثاء 15 مارس 2016 ، هذا اليوم الذي سيظل أسودا في ذاكرة طلبة كلية العلوم تطوان، نعم انه اليوم الذي لن يغادر ابدا  ذاكرة هذا الجيل الطلابي، في صبيحته تفاجئ الطلبة بتواجد أعداد هائلة لقوات الامن تحيط  بأسوار الكلية، يخيل لمن رآى تلك المشاهد، أن بلادنا في حرب و أن القوات تحاصر قلاع العدو في مشهد مؤسف لمغرب ما بعد دستور 2011…..

كانت الخطة المعتمدة عندهم هو السماح فقط للطبة الذين سيجتازون الامتحانات بدخول أسوار الكلية، يرافقونهم حتى حجرة الدرس ويرغمونهم على إجتياز الإمتحان قسرا،  بقي حوالي ألف طالب خارج الكلية ينتظرون ويراقبون الاوضاع، و بدون سابق إنذار بدأت الإعتقالات  في صفوفهم مع ذلك إستمر الطلبة بضبط أنفسهم امام إستفزازات قوات الامن.

دقت ساعة الحسم الثامنة وثلاثون دقيقة هي  ساعة انطلاق الامتحانات الكل يترقب و ينتظر، قوات الامن متواجدون بكثافة  داخل الحرم الجامعي وخارجه و الطلبة كذالك، في قاعات الإمتحان أصر الطلبة على إستكمال مقاطعتهم من الداخل، بشكل سلمي وحضاري فاجئ قوات الامن.

لكن هذه القوات لا تعترف بشيء اسمه السلمية، و بدأوا بالاعتقالات و الاعتداءات  في صفوف الطلبة و الطالبات و مع بدأ وصول سيارات الاسعاف  و اتصالات عدة من طرف الطلبة المتواجدون في الكلية يستغيتون . عرف الطلبة المتواجدون خارج الكلية ان الامور ليست بخير في الحرم الجامعي فقرروا تنظيم مسيرة باتجاه الكلية و ما ان بدأت المسيرة بالتحرك وأصواتهم ترتفع بشعار ( سلمية سلمية سلمية ….) حتى تعالت هروات قوات الأمن تنهال على اجسادهم بشكل عنيف جداا لا تميز فيه بين ذكر أو أنثى، الى ان وصل المشهد الى الاعتداء على احد الطالبات بشكل رهيب جداا، سقط مع هذا المشهد من أذهان الطلبة كل شعارات حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، و سبب هذا المشهد  في انفجار الاوضاع فبدأ الطلبة بالدفاع عن أنفسهم من هراوات الظلم و الحكرة، ولم يجد الطلبة ملجأ  يحتمون به بعد هروبهم من ساحة الجريمة التي إرتكبت في حقهم سوى ساحة المدينة فإتجهو نحو ساحة مولاي المهدي بمسيرة عنوانها السلمية، فرغم كل ما حدث لم يتراجع الطلبة عن منهجهم السلمي.

في مساء من ذالك اليوم كانت الاخبار تتكلم عن عشرات  المعتقلين و المصابين ليتأكد عدد المعتقلين في 96 طالب و طالبة وعشرات المصابين، و في العاشرة ليلا من نفس اليوم تم الافراج عن جميع الطلبة بإستسناء سبعة منهم.

و يقول الطلبة أن هؤلاء المعتقلين  ما هم إلا ضحايا إعتقلوا من اجل هدف واحد فقط هو إسكات و تخويف و ثني الطلبة على استمرارهم في نضالهم السلمي و المشروع، و خير دليل على ذلك هو التوزيع الجغرافي لمكان سكن المعتقلين ( تطوان , طنجة , القصر الكبير , باب تازة ).

يوم الخميس 17 مارس 2016 كان اول يوم لتقديم الطلبة المعتقلين امام المحكمة الابتدائية و كالعادة يأبى الطالب الحر أن يترك زميله وراء القضبان بدون سند و دعم،  فاحتج المئات من الطلاب امام المحكمة للمطالبة بالافراج الفوري للمعتقلين هذا الاحتجاج الذي دام اكثر من 10 ساعات لتقرر المحكمة تاجيل المحاكمة الى يوم الخميس 24 مارس الامر الذي احبط الطلبة، لكنه لم يوقف من عزيمتهم في نضالهم و احتجاجهم السلمي .

يوم الاحد 20 مارس سنفاجئ بخبر صادم اخر و هو اعتقال طالب اخر و الذي لم يصلنا خبر اعتقاله إلا في يوم تقديمه للمحاكمة يوم الاربعاء  23 مارس أي قبل يوم واحد من محاكمة الطلبة الاخرين كل هذه التأجيلات  كان الهدف منه هو اتعاب و ارباك صفوف الجماهير الطلابية لكن العزيمة و الاصرار و الوحدة كان عنوان الطلبة فاستمرت المسيرات و الاعتصامات امام المحكمة الابتدائية الى ان وصل يوم الحسم .

يوم الخميس 31 مارس 2016 موعد محاكمة الطلبة التمانية كالعادة نظم الطلبة مسيرة انطلقت من الكلية باتجاه المحكمة الابتدائية،  ليبدأ اعتصام الطلبة الذي إستمر ل 17 ساعة، لغاية النطق بالحكم فجر يوم الجمعة  على الساعة الرابعة أي بعد 11 ساعة من بداية المحاكمة ، بدأنا نسمع احد المحامين يتلوا الاسماء أربعة من الطلبة حكم عليهم بسنة سجن نافدة و أربعة آخرين بستة اشهر نافدة.

و قبل ان يكمل المحامي كلامه بدأت الاغماءات في صفوف امهات المعتقلين وبعدها في صفوف الطالبات في مشهد رهيب جدا صراخ و بكاء و شعارات قوية انطلقت من حناجر الطلبة، تستنكر الأحكام القاسية و الظالمة في حق المعتقلين.

و في صباح الجمعة كانت كلية العلوم في مشهد جنائزي حزين، عبر فيه  الطلبة  عن أنهم لا يعرفون معنى الاستسلام معنى الخضوع لكنه يعرف معنى الصمود و هو عنوان مستمر الى غاية سراح الطلبة المعتقلين و تحقيق المطالب مستمرون في النضال ثم النضال ثم النضال …

الوسوم

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق