سلايدر الرئيسيةكوكتيل

مغرس.. استقصاء محرك بحث إخباري يقود إلى الوقوف على روابط غير مرغوب فيها 

يحدث أن يدخل الطالب الجامعي شادي مراعي “اسم مستعار” لمحرك البحث الإخباري “مغرس” قصد قراءة مقال للاستشهاد به في ورقة بحثية، فيبدأ في القراءة والتصفح حتى إذا أكمل المقال وجد ملاحظة أسفله باللون الأزرق تأمره أن “انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره” فيجره فضوله المعرفي لتوثيق التفاصيل، فيجد نفسه في قلب موقع “إباحي”.

ويجد الناشط الحقوقي عماد المعادري “اسم مستعار” نفسه في هذا المضمار، وهو يقوده الاشتغال على تفسير خلفية أحداث حرك اجتماعي بالمغرب إلى مقال على محرك البحث الإخباري “مغرس”، فما أن يتقدم في الخبر ويضغط على أيقونة “هنا” حتى يحيله على موقع لعرض الكلاب، فيصاب بالذهول لكون الموقع في أصله عبارة عن جريدة الكترونية لهيئة إعلامية مرموقة كانت قد شغلت الناس ردحا من الزمن.

ويقتفي خبير مصري في الآثار حسونة محمد علي (اسم مستعار) نفس الدرب باحثا عن مقال في صحيفة إلكترونية مغربية فيصل لمقالة محكمة الطراز، وعند النقر يجد نفسه في وسط موقع لإعلانات مجهولة. مثل هذه القصص وغيرها كثير نجد لها أمثلة على “تورس ومصرس، وسعورس، ويمرس، وجزايرس، وسودارس) وهي كلها تابعة لنفس المحرك الإخباري.

وما كانت لتثير الملاحظات المسجلة في المغرب الاستغراب لو لا كون الصحف الرقمية المدرجة على محرك “مغرس” هي تقريبا نفس القائمة التي تقدمت لوزارة الاتصال المغربية بتصريح للصدور، وتضمنها تقريرها السنوي حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة 2015.

استقصاء عن مسؤولية تقصيرية

ويفترض هذا الاستقصاء وجود مسؤولية تقصيرية، تنشأ عنها عدة أسئلة منها هل هناك علاقة وطيدة بين عدم تحيين محرك البحث الإخباري وبين ظهور طفرات على مستوى صحف إلكترونية المدرجة ضمن قوائمه؟ أليس من الأولى إيقاف الإحالة على مواقع بعد اكتشاف اختفائها من الساحة الإعلامية؟ هل تتم الصيانة الدورية تجنا لكل اختراق أو جعل الجمهور عرضة للاختراق عبر نقرهم على موقع والوقوع في التصيد الإلكتروني؟

يعد محرك البحث “مغرس” واحدا من ضمن (7) سبعة محركات طورها فريق من المهندسين العرب. ويقدم “محرك البحث مغرس (مغرب برس) نفسه بكون موقعا مغربيا يقدم خدمة فريدة للأخبار. يقوم الموقع بجمع الأخبار والمقالات من 157 صحيفة مغربية، ويصنفها، ثم يرتبها حسب أهميتها”. لكن هذا الرقم قديم نسبيا.

ويظهر باستعراض قائمة الصحف الواردة ضمن المحرك أن الرقم الذي أورده المحرك ضمن إحصاءاته غير دقيق لأنه لا يتجاوز يوم الأربعاء 12 أبريل 2023 نحو 125 صحيفة مغربية، 56 منها لازالت تصدر على شبكة الأنترنيت، بينما 61 منها توقفت عن الصدور، وربما يعزى ذلك إلى شطب مواقع أو أن. وتشير معطيات محرك البحث الإخباري بمحركاته السبعة إلى احتوائه على 80808201 خبرا ومقالا مفهرسا.

ويحتفظ محرك (مغرس) بمقالات لصحف إلكترونية تابعة لجرائد ورقية مازالت تصدر في اليوم مثل (الاتحاد الاشتراكي والأحداث المغربية ورسالة الأمة والأيام والصحراء المغربية وبيان اليوم..)، وأخرى توقفت عن الصدور مثل (أخبار اليوم والتجديد/ جديد بريس والمساء الورقية..).

كما يتضمن المحرك مقالات مؤرشفة لصحف إلكترونية بعضها لازالت تصدر على شبكة الأنترنيت مثل (هسبريس واليوم 24 والعمق المغربي والصحيفة وبرلمان وشمالي وزنقة 20 وهوية بريس وكود وفبراير ولوسيت أنفو ولكم والأول..)، وكذا صحفا إلكترونية توقفت عن البث مثل (عالم بريس وصحراء بريس وأيت ملول وريف بوست وبوابة القصر الكبير ودنيا بريس..).

من صحف إلى مواقع خليعة

يتسبب إغلاق بعض الصحف الإلكترونية أو بيعها أو تحويل نطاقاتها على شبكة الأنترنيت في ظهور مشاكل على محرك البحث “مغرس”، حيث يمكن أن توصل أيقونة “اضغط هنا” الباحث إلى مواقع خليعة، وقد تم تحديد بعضها بناء على البحث في قائمة المحرك. بحيث تم التعرف على ثلاثة روابط توصل إلى وجهات غير مرغوب فيها وهي كلها لصحف الكترونية توقفت عن الصدور على شبكة الأنترنيت.

وهنا يخلي محرك البحث مسؤوليتهم من إذ يقول “إن الموقع يعرض اسم الصحيفة التي حررت الخبر مع رابطه. إذا كان مضمون الموضوع غير صحيح فيمكنك الاتصال مباشرة بالصحيفة الناشرة له”. لكن المحرك لا يجب عن كيفية التعامل مع الموقف في حال توقفت الصحف الإلكترونية عن الصدور الصحف، لكنه للأمانة فإن المحرك يضع أيقونة لطلب إزالة صحيفة من مصادر الأخبار، أو طلب القيام بتصحيح خبر.

صحيفة تتحول لموقع عرض الكلاب

ويكشف البحث في محرك البحث الإخباري “مغرس” عن ظهور طفرات في جرائد الكترونية كانت معروفة في فترة لدى الجمهور، ومن أمثلة ذلك الجريدة الإلكترونية “نبراس الشباب” الذي تحول لموقع للكلاب والقطط، والصحيفة الإلكترونية “مرايا بريس” التي تحولت لموقع للرهانات وهو نفس الأمر الذي وقع مع الصحيفة الإلكترونية أخبار الناظور..

لكون هذا الاستقصاء يتصل ببحث سابق يمتد إلى سنة 2017، انطلق من قائمة المواقع التي تقدمت بتصاريح الصدور لوزارة الاتصال فإنه سعى إلى التوسع ليشمل محرك البحث مغرس المختص في أرشفة مقالات الصحف الإلكترونية المغربية ولمحركات التوائم، لذلك يظهر تشابهات في الخصائص وحتى في المشاكل.‬‬‬‬

لذلك تقع حدود مسؤولية المحرك في التحيين وإزالة رابط الوصول للصحيفة الإلكترونية رغم الاحتفاظ بأرشيفها، خصوصا أن عددها محدود وليس بالأمر العسير كما هو الشأن بالنسبة لمحركات البحث العملاقة مثل غوغل وبينغ وياهو وفاير فوكس، وطور، وموزيلا..

صحف رائجة وأخرى راحلة

ويكشف البحث في المحركات الستة (جزايرس، وتورس، ومصرس، وسعورس، وسودارس، ويمرس) التي تتبع نفس الجهة أنها تعرف نفس المشاكل، بحيث تجد أن محرك تورس (تونس برس) يتحدث عن وجود 45 صحيفة ضمن قوائمه ولكن عن البحث نجد أن العدد الحقيقي هو 30 صحيفة، بحيث تعمل فقط 14 صحيفة فقط بينما 16 صحيفة احتجبت عن الصدور. وبإطلالة على محرك سودارس (سودان برس) نجده يتحدث عن وجود 31 صحيفة ضمن قوائمه ونجد أن البحث يقر بوجود ذلك، لكن نجد أن 10 صحيفة فقط تعمل بينما 21 صحيفة احتجبت عن الصدور. ويفصح محرك سعورس (سعودية برس) عن أرشفة 47 صحيفة إلكترونية بينما العدد الحقيقي هو 43، يعمل منها 10 فقط.

وبالرجوع إلى محرك جزايرس (جزائر برس) نجده يتحدث أرشفة المقالات من 63 صحيفة جزائرية، بينما العدد الحقيقي هو 40 جريدة إلكترونية، يعمل منها 10 صحف، نفس الشيء بالنسبة لمحرك مصرس (مصر برس) الذي يتحدث عن جمع الأخبار والمقالات من 107 صحيفة مصرية، بينما العدد الحقيقي هو 95 صحيفة بالتحديد، غير أن العدد الذي لازال يحيين لا يتجاوز 30 صحيفة. أما فيما يتعلق بمحرك يمرس (يمن برس) فهو يجمع الأخبار والمقالات من 65 صحيفة يمنية، وهو نفس العدد الذي تحدث عنه الموقع لكن الصحف المحينة لا تتعدى 20 صحيفة.

اسم المحرك

إحصائيات المحرك

الإحصائيات الحقيقية

مغرس

157 صحيفة

125 صحيفة

مصرس

107 صحف

95 صحيفة

يمرس

65 صحيفة

65 صحيفة

جزايرس

63 صحيفة

40 صحيفة

سعورس

47 صحيفة

43 صحيفة

تورس

45 صحيفة

30 صحيفة

سودارس

31 صحيفة

31 صحيفة

المجموع

515 صحيفة

429 صحيفة

انحسار ظهور أخبار الصحف

كل هذه الأرقام تفسر سبب انحسار ظهور أخبار الصحف على الصفحة الرئيسية، فمثلا على مستوى محرك سودارس (سودان برس) تظهر الصحف التالية (الصيحة وباج نيوز والسوداني وكوش نيوز والراكوبة وكورة سودانية)، وعلى محرك تورس (تونس برس) تظهر الصحف التالية (الشروق والمصدر وتونسكوب ووكالة تونس للأنباء وكوورة وصحفيو صفاقس)، وفي محرك سعورس (سعودية برس) ينحسر الظهور على الصحف (الرياض وعكاظ والرأي والوطن والبلاد والوكاد والخرج اليوم ووكالة الأنباء السعودية).

أما على مستوى محرك جزايرس (جزائر برس) فتظهر الصحف التالية (أخبار اليوم والمساء والنصر وآخر ساعة والشعب والراية والحياة العربية ووكالة الأنباء الجزائرية)، وأما محرك مصرس (مصر برس) فتظهر الصحف الآتية (صدى البلد واليوم السابع والمصري اليوم وبوابة أخبار اليوم ومصراوي والبوابة والشروق الجديد وفيتو والوطن وأموال الغد وصوت الأمة والموجز والزمان المصري والمستقبل).

وفي شأن محرك البحث الإخباري “مغرس” نجده يحيين صفحاته بالصحف التالية (هسبريس وهوية بريس ولكم والعمق المغربي وشمالي وكود وأخبارنا واليوم24 وكش24 والعلم والاتحاد الاشتراكي والأيام24 والدار وطنجة الأدبية وأكادير24 وبرلمان وطنجة نيوز والجديدة24 وبريس تطوان وكاب24 وأريفينو ورسالة الأمة وأكورا والأول). ويظهر أن محركي البحث (مغرس ومصرس) هما الأنشط من حيث قائمة الصحف وعددها مقارنة مع باقي المحركات التوائم.

إن هذا التقصي في قائمة الصحف المدرجة في موقع مغرس لا يستهدف التقليل من قيمة المحرك باعتباره من أحسن المحركات الموجود الآن، وإنما يرمي إلى إثارة مشكل التحيين الذي تعاني منه العديد من المواقع والصحف والمؤسسات بما فيها الحكومية التي قد تجد بعضها توقفت عن تحيين قوائم المواقع والاتصال دون إدراك المشاكل المترتبة عن ذلك.

وفي إطار المسؤولية الاجتماعية وصحافة الحلول فقد تقرر العمل على بعث قائمة المواقع إلى إدارة النشر، مادامت تتيح تلك الإمكانية، قصد اقتراح تحيينها مادام الصحف في العالم الرقمي تعيش دورة الحياة والموت، ومادام هذا القطاع يشهد تحولات كبيرة تؤدي إلى غلقها أو بيعها لمؤسسات وشركات وأفراد، وهذا يضمن المحرك مصداقية النشر والاشهار.

عبد الله أموش

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق