سياسة

جمعية حسنونة بطنجة تناقش إمكانية ولوج متعاطي المخدرات إلى الخدمات الصحية

أيوب الخياطي

نظمت جمعية حسنونة لمساعدة متعاطي المخدرات ندوة حول موضوع “الحق في الصحة بالمغرب: ماهي إمكانية ولوج متعاطي المخدرات إلى الخدمات الصحية ؟” بشراكة مع جمعية  “dels infants     la casal  ” يوم الجمعة الماضي  بمقر جمعية دارنا بطنجة ،شارك فيها الفاعل الحقوقي كريم مبروك و مديرة جمعية حسنونة فوزية بوزيتون، وذلك بحضور هيئات جمعوية وحقوقية بالمدينة.

وتأتي هذه الندوة في سياق مشروع “كلمات” الذي يهدف إلى تعميق فهم المشكلات الاجتماعية التي تجعل متعاطي المخدرات يلجؤون إلى هذه الوسيلة ،بالإضافة إلى فتح نقاش عمومي مع مختلف القطاعات المعنية بذلك من أجل المساهمة في خلق سياسات عمومية أكثر تجاوبا مع موضوع الإدمان وتفعيل حلول ناجعة للحد من هذه الظاهرة  .

وركز كريم مبروك في مداخلته على مقاربة الحق في الصحة من خلال مجموعة من القوانين الدولية –الميثاق العالمي لحقوق الإنسان –الحقوق الاقتصادية والاجتماعية- وأعطى تعريفا للصحة مقتبسا من ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية (الصحة هي حالة اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا ،لا مجرد انعدام المرض أو العجز.

وعرج مبروك على المادة 31 من دستور 2011 ،حيث نصت على أن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتسيير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في العلاج والعناية الصحية-الحماية الاجتماعية-التغطية الصحية وغيرها من الحقوق ،لكن حسب الفاعل الحقوقي فإن هناك خلل على مستوى تنزيل هذه الفصول. واختتم مداخلته بمجموعة من الملاحظات أبرزها أن الحق في الصحة يعاني الامرين ،أخطاء طبية وظروف صحية كارثية بالإضافة إلى وجود عوامل أخرى تجعل المواطن “يخاف على نفسه عندما يمرض بسبب الوضع الكارثي للمستشفيات” حسب تعبيره.

ومن جهتها أكدت فوزية بوزيتون في مداخلتها “الحق في الصحة ورزمة الخدمات المتوفرة على المستوى الوطني للولوج إلى الخدمات الاجتماعية” على أن المخدرات ارتبطت بالإنسان منذ القدم ،وكل المجتمعات تتوفر على المخدرات إما لأغراض علاجية أو لأغراض الإدمان.

وأضافت بوزيتون أن الوضعية القانونية للمخدرات تختلف من بلد إلى آخر مشيرة إلى تجارب بعض الدول الأوروبية التي قننت تعاطي المخدرات وقامت باتخاذ إجراءات عملية تمثلت في بيع هذه المادة داخل الصيدليات واستعملها بوصفة طبية ،وذلك للحد من الإصابة بأمراض معدية تنقل من مصاب إلى آخر ،إما عن طريق الحقن أو وسيلة أخرى. مؤكدة  على أن المغرب لم يكن يعرف سوى القنب الهندي في السبعينات من القرن الماضي وبالتالي فالقانون المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة 21 ماي 1974 لم يراعي التطور السريع الذي عرفه هذا المجال وظهور أشكال جديدة للمخدرات أكثر فتكا بالإنسان ، كما أن التطبيق العملي لهذه النصوص الزجرية عجز عن احتواء الظاهرة في كل أبعادها الجديدة .

ويرجع السبب حسب مديرة جمعية حسنونة إلى غياب استراتيجية وطنية واضحة لمحاربة هذه الآفة ،خصوصا وأن هناك إقصاء اجتماعي وشبه غياب للتتبع النفسي والصحي لمتعاطين المخدرات أثناء خضوعهم للعلاج الطبي،وهو أمر ضروري في هذه المرحلة .

واستعرضت بوزيتون خلال مداخلتها أهم المراحل التي يمر منها المتعاطي ليصل في الأخير إلى الإدمان الكلي على المادة حيث أن أغلب الأشخاص لا يلجؤون إلى العلاج في هذه المرحلة،وشددت على ضرورة تتبع حالة المدمن بعد العلاج لأن مسألة العودة مرة أخرى إلى التعاطي أمر وارد ومرتبط بمجموعة من العوامل والظروف البيئية المحيطة بالمدمن.

وقالت المتحدثة ذاتها، أن انتشار الأمراض المنقولة جنسا –السيدا- والتهاب الفيروس الكبدي بين المتعاطين يرجع بالأساس إلى تبادل الحقن والأغراض الأخرى التي يستعملها المدمن ،في ظل غياب الوعي بتلك المخاطر،كما تم عرض مجموعة من الإحصائيات التي تؤكد ذالك، أبرزها-نسبة السيدا تصل إلى 23 في المائة بالنسبة لمتعاطي المخدرات-علاج التهاب الفيروس الكبدي غير متوفر في المستشفيات العمومية وبطاقة الرميد لا تسمن ولا تغني.

وفي الختام شددت بوزيتون على ضرورة إدماج برامج العلاج من الإدمان في السجون ،لأن أعلى نسبة من المتعاطين هم من النزلاء ،وقامت بعرض مجموعة من المشاكل التي تحد من التعاطي مع موضوع الإدمان مثل –غياب الموارد البشرية في المستشفيات والتجهيزات اللوجيستيكية-مشكل التدريب والتكوين-رفض الأطر الصحية الاشتغال مع متعاطي المخدرات وغيرها.

جدير بالذكر ، أن جمعية حسنونة لمساعدة متعاطي المخدرات تعتبر من بين الجمعيات الرائدة في هذا المجال على مستوى شمال إفريقيا من خلال مساعدة المدمنين للتغلب على إدمانهم عبر استراتيجية “تقاربية” مبنية على علاقة ثقة ومصاحبة مع المدمنين.

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق