سلايدر الرئيسيةطنجة أصيلةكوكتيل

طلبة بجامعة عبد المالك السعدي يبدعون في بناء “منزل أخضر” صديق للبيئة

كلمة “تدارت” ليست فقط مجرد مصطلح يجمع بين كلمتي “تدارت” و”الدار” باللغتين الأمازيغية والعربية، وإنما هو أيضا اسم ثمرة تجربة غير مسبوقة لشباب استثمروا طاقاتهم بالكامل في مجال البيئة من أجل إنشاء منزل أخضر.

فإنشاء منزل بيئي يستخدم الألواح الشمسية فقط لإنتاج احتياجاته الخاصة من الطاقة الكهربائية ليس بالأمر الهين، لكن نحو 40 طالبا شابا وباحثا في سلك الدكتوراه ضمن فريق “تدارت” بجامعة عبد المالك السعدي رفعوا هذا التحدي ببراعة.

وإذا كان إنشاء هذا البيت يمثل إنجازا في حد ذاته، فإن فريق تدارت يسعى، حسب ما أوضح بلال لمراني، أستاذ باحث في الطاقة بكلية العلوم والتقنيات بطنجة والمشرف على المشروع، إلى التتويج بالمسابقة الدولية “سولار ديكاتلون أفريكا” التي ستنظم لأول مرة بالمغرب.

وجهز سقف مبنى تدارت، الذي يمزج بين الهندسة المعمارية العصرية والتقليدية المغربية، على نظام لاستعادة مياه الأمطار وتقنية لإعادة استخدام المياه العادمة من أجل التقليل من استهلاك المياه.

وبهدف ضمان راحة قاطني المنزل مع أخذ معيار الاستدامة بعين الاعتبار، لم يترك الفريق أي شيء للصدفة، على اعتبار أن اللجنة المكلفة بهذا الموضوع داخل الفريق الذي تؤطره نسرين لغميش، باحثة في سلك الدكتوراه بكلية العلوم والتقنيات بطنجة، انكبت على تركيب طبقات عازلة مختلفة، تمت صناعتها انطلاقا من مواد قابلة للتدوير بنسبة 100 في المائة، مستخرجة من الأقمشة.

وكانت جميع الخيارات التي تم القيام بها في مرحلة إنشاء مبنى تدارت موضوع تقدير للكلفة من خلال معرفة الأسعار في السوقين الوطني والدولي، لإيجاد أفضل جودة ممكنة بأحسن سعر متاح، مع احترام سقف توقعات الساكنة المستهدفة، المتمثلة في أسرة مكونة من خمسة أشخاص تنتمي للطبقة المتوسطة.

وتم إجراء هذا التقدير الخاص بالكلفة بعناية من قبل لجنة (طلب السوق) التي سجلت المشرفة عليها، يسرى مودني، طالبة بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة، أن تلبية احتياجات الساكنة المستهدفة يمر عبر توفير الراحة والأمان والوظائف اللازمة للعيش بسعادة في هذا البيت.

كما تم إحداث لجان أخرى داخل فريق تدارت لإنجاز هذا المشروع، لاسميا لجنة الطاقة التي يشرف عليها إلياس عبد النور، طالب بسلك الدكتوراه بكلية العلوم والتقنيات بطنجة، واللجنة المكلفة بالكهرباء التي يشرف عليها الكنوني محمد، مهندس دولة، ولجنة الصرف والصحة التي يديرها ياسر خدور، طالب بالكلية، إضافة إلى لجنة الابتكار التي تشرف عليها سارة حفان، طالبة بسلك الدكتوراه بالكلية.

واكتست مرحلة البناء أهمية بالغة بالنسبة لهؤلاء الشباب. وفي الواقع، لجأت اللجنة المعنية التي تشرف عليها ياسمين رغيف، طالبة بسلك الدكتوراه بالكلية إلى الخشب، باعتباره مادة طبيعية ذات خصائص تقنية ومعمارية واقتصادية وبيئية مهمة، كما حرص أعضاء اللجنة على بناء جدران قادرة على تحمل الضغوط ودعامات قابلة للإزالة وسهلة التجميع.

من جهتها، أوضحت جيهان عبد الصادق، طالبة بسلك الدكتوراه بالكلية ونائبة المشرفة على المشروع، أن أعضاء هذا الفريق متعدد التخصصات لم يتوقف طيلة السنتين اللتين استغرقهما إنجاز المشروع، على اعتبار أنه بالإضافة إلى الجدول الزمني الذي كان يتعين اتباعه وإدخال تعديلات عليه بين الفينة والأخرى، استفاد جميع أعضاء الفريق من ورشات في إدارة النزاعات وتدبير الضغط، وآليات بناء الفريق، من أجل العمل في انسجام تام.

ويسعى هؤلاء الشباب الذين يشعرون اليوم بالفخر بالنتيجة التي حققوها، إلى تحسيس الساكنة بضرورة استعمال الطاقات المتجددة والاستعمال المعقلن للماء، وتشجيع الدوائر الصناعية على دعم المشاريع المستدامة على غرار “تدارت”.

ولهذا الغرض، أوضحت شيماء الجباري، طالبة بشعبة الهندسة بكلية العلوم والتقنيات بطنجة وعضو اللجنة المكلفة بالتواصل والتحسيس، أن اللجنة تسعى للتعريف بهذا المشروع لدى الساكنة المغربية من خلال القيام بمجموعة من العروض، وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن المشاركة في التظاهرات الهامة التي يحتضنها المغرب ك (سولار ديكاتلون أفريكا)

وبالنسبة لمحمد أحشاد، الأستاذ بكلية العلوم والتقنيات ومؤطر مشروع تدارت، فإن المشروع يمضي أبعد من قانون العزل الحراري للبنايات الذي اعتمده المغرب، على اعتبار أن هذا المبنى سيساهم في التقليل بشكل كبير من الحاجيات الحرارية وسيمكن من تلبية الاحتياجات المتبقية بفضل إدماج الطاقة الشمسية.

وخلص إلى أن الهدف من المشروع يتمثل في إنجاز منزل بيئي يلبي مختلف الاحتياجات الطاقية للسكان عبر الاستفادة من تكامل الطاقات المتجددة، وهو ما يجعل منه، دون أدنى شك، منزلا للمستقبل.

الوسوم

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق