مقالات الرأي

مكتب اتحاد طنجة و منطق الاستقالة

الصادق بنعلال

 

ننطلق في هذا المقال من مسلمة رياضية مفادها أن ارتباطنا الوجداني بالاتحاد الرياضي لطنجة حق مشروع يضرب في عمق التاريخ ، غير أن عشقنا غير المحدود لفارس البوغاز يجب أن يكون بعيدا عن النزعة العاطفية المرضية ، قريبا من التعاطي الإيجابي و الموضوعي مع منجزاته و إخفاقاته ، من أجل تخطي مظاهر الضعف و الفشل ، قصد إيجاد حلول كفيلة بجعله ضمن النوادي الكروية الوطنية المرجعية .

لقد تحمل مسؤولون كثيرون مهمة الإشراف على الاتحاد الذي ذاق الأمرين في قسم الظلمات ، و لا يصعد لقسم الأضواء إلا ليعود مجددا إلى وضعيته سيئة الذكر ، بسبب التسيير الإداري العشوائي . أخيرا تمكن من الالتحاق بالبطولة الوطنية الاحترافية ، و قدم في السنتين السابقتين إنجازا محترما ، و مشاهد فنية أضحت علامة فارقة في الرياضة الوطنية ، إذ  لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية يشاهد المتلقي المغربي أداء فرجويا بالمقاييس العالمية ، و حضورا جماهيريا قياسيا ، و مساندة حماسية محكمة التنظيم أفاقت الملاعب الوطنية من سباتها العميق ، و اعتقدنا خاطئين أن زمن التدبير العفوي و الساذج قد ولى بغير رجعة ، إلا أننا و جدنا أنفسنا من جديد ندور في حلقة الكولسة و تغليب المصالح الفردية الضيقة ، مما يهدد النادي بمصير مأساوي غير مقبول . فما هي الأخطاء الدراماتيكية التي اقترفت في حقه منذ مدة غير يسيرة ؟

1 . غياب رؤية استراتيجية متوسطة و بعيدة الأمد ، و منظومة رياضية محكمة البناء و التخطيط ،  تأخذ بعين الاعتبار بلورة مدرسة كروية اتحادية بالمقاييس الدولية ، ترصد لها ميزانية معتبرة ، مجهزة بكل الوسائل المادية و اللوجستيكية لتكوين الناشئة و إعداد لاعبي الغد .

2 . إقالة مذلة و مزاجية للأطر التقنية المقتدرة ، و دون سابق إنذار ، فهل يعقل أن يتناوب على الإدارة التقنية للفريق ستة مدربين في أقل من أربع سنوات ؟ أين هي الرؤية العلمية الهادئة و الرصينة ؟  أين هو الاحترام المطلوب لربان النادي الذي يحتاج في الغالب لثلاث سنوات لوضع بصمته الخاصة ، و خلق الانسجام الفني و النفسي بين اللاعبين ؟

3 . عبثية الانتدابات و لامسؤوليتها ، فبعد كل سنة يتم إقحام جيش من اللاعبين الجدد عديمي الخبرة و الجدوي الفنية ، وغالبية هؤلاء الوافدون الجدد لا يقدمون أية إضافية تذكر للفريق ، و يثقلون كاهله بمصاريف مادية وازنة .

4 . التخلي غير المفهوم عن لاعبين متميزين و أساسيين ، طالما ساهموا في جني الثمار الطيبة أداء و نتيجة ،  ينتقلون إلى أندية وطنية أخري و يستمرون في عزف أغاني الإنجاز المتميز ، فأين هي النظرة الفنية الحصيفة التي تقدر هؤلاء اللاعبين و تستقرئ كفاءاتهم  و تستجلي إمكانياتهم الرفيعة ؟

5 . معاكسة متطلبات الجماهير الغفيرة ، و إقرار ما ترفضه من طريقة في اللعب ، و المناداة على مدرب  أثبت محدوديته التقنية في أكثر من مناسبة ، و عجزه الغريب عن إيجاد الحلول الكفيلة بالتصالح مع النتائج الإيجابية .

6 . غياب شبه كلي للتواصل البناء مع المساندين ، و إخبارهم بوضوح عن القرارات و المعلومات ذات الصلة بالنادي ، و هيمنة لغة الخشب غير المجدية بالنسبة لجل أعضاء المكتب المسير ، فقبل يومين من إقالة السيد إدريس المرابط من مهمة  التدريب على سبيل المثال ، صرح أحد هؤلاء المسؤولين لإذاعة مغربية تعني بشؤون الرياضة ،  بأن ” الشريف ” إدريس المرابط سيستمر مدربا لفارس البوغاز ! أما   الصفحة الرسمية  لهذا الأخير ، فأقل ما يقال عنها إنها بدون أهمية  ، تكاد تقتصر على أخبار سطحية متجاوزة لا تشفي غليل المتلقي .

و جملة القول ، إن الاتحاد الرياضي لطنجة فريق كروي واعد ، يطمح إلى أن يمثل مدينة تنافس بقوة العاصمة الاقتصادية  للمملكة ، و تراهن على أن تجسد جانبا من أحلام المغاربة في التنمية و الانفتاح و التقدم ، و بالتالي غير مسموح لأي كان أن يعرضه للمجهول ، لأن في ذلك خسارة كبرى للرياضة المغربية دون أي مزايدة . فهل المكتب المسير مستعد للانسحاب بشرف ، بعد عجزه الواضح عن القيادة الراجحة ، و إخفاقه في الرسالة المنوطة به ؟

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق