مقالات الرأي

خولة بلفقيه: مأساة حلب … مأساة الإنسانية

خولة بلفقيه : طالبة

في حلب .. لم يكن الموت فجائيا أبدا … بل فقط استمرار الحياة هناك يأتي فجأة … في سوريا الخراب … يأبى صاحب القلب الخراب .. إلا أن يحكم الخراب … وينصب كرسيه على الخراب … لأنه لا يجرأ على النظر في عيون ما تبقى من شعبه … بعد أن عات فيهم ذبحا وحرقا و غرقا

ثلاث سنوات و بضعة أشهر … نامت و افترشت بحر الموت المتوسط سريرا … بعد أن تلاعبت الأمواج بجسدها الصغير الملائكي … لتلفظه بوجع بعد أن عجزت أعماقه الحبلى بالأسرار على احتضانه … ليصبح مجرد صورة بأحمر الإثارة و الخطر وأزرق الضعف … لطفل منكفئ يدس رأسه في التراب .. رافضا أن يرينا وجهه .. حتى لا نرى بشاعة وجوهنا … و ندرك مدى بشاعة صمتنا … وأحيانا تواطؤنا …

ست سنوات لم تقترف ذنبا .. يوم خرجت من بلادها قهرا و ظلما .. جوعا وخوفا …. حزنا و ألما .. خرجت من الشام بقلب معبأ بذخيرة الطفولة وعيون تحمل الوطن … تجوب شوارع الغربة صورة معلنة للعالم بشاعة صمته و أحيانا تواطئه …

سنتين و نيف … تختبئ من القصف في إطار عجلة سيارة .. بوجه مرعوب و يدين صغيرتين مرتجفتين … وبكاء مكتوم … لندرك أن المطاط أحن منا .. … و أننا لسنا من صنف كل ذي كبد رطب .. صورة للخوف وطلب الحماية … ندرك معها مدى بشاعة صمتنا وأحيانا تواطئنا …

خوفي … إذا وجدنا تارة في حائط الموقع الأزرق صورا أخرى .. ” دماء سوريا +18 ” .. فلا نقتحمها خوفا .. متناسين أن صورهم لن تكون أبشع من مواقفنا تجاهها ابدا…

خوفي … أن تتحول مناصرتنا إلى مجرد نقر على زر “إعجاب” لهذه الصور .. وفي أقصى الحالات زر ” أشارك ” … لندرك مدى بشاعة “إعجابنا” … و “تشاركنا” … وصمتنا … و أحيانا تواطؤنا …

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق