مقالات الرأي

الرفاعي يكتب.. “قراءة في المادة 86 من القانون المنظم لمهنة المحاماة”

تعتبر المادة 86 من قانون المحاماة الإطار القانوني المنظم لشروط الترشيح لمنصب النقيب بحيث تنص على أنه :

( لا ينتخب نقيبا إلا المحامي الذي تتوفر فيه الشروط التالية :
1- أن يكون مسجلا في الجدول منذ خمسة عشر سنوات على الأقل.
2- أن يكون قد مارس من قبل مهام العضوية بالمجلس.
3- أن لا يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية.
4- أن لا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف أو المروءة.)

إن قراءة سريعة لمقتضيات المادة 86 من قانون مهنة المحاماة تدفع إلى ضرورة التمييز ما بين القضايا الزجرية التي تكفي فيها مجرد المتابعة لإعتبارها مانعا من موانع الترشيح و القضايا التأدببية التي يتعين صدور عقوبة تأديبية بشأنها حتى تعد كذلك و يمكن تعليل هذه القراءة كما يلي :

إن الشرط الثالث جاء واضحا و لا يحتاج إلى تفسير بحيث أن صدور عقوبة تأديبية في حق المترشح لمنصب النقيب هو الذي يعد مانعا من الترشيح و ليس المتابعة لأنها بكل بساطة لم ترد في المادة و لا يمكن أن يكون التفسير بالإضافة و إلا سقطنا في التشريع و لو كان المشرع يقصد حتى وجود المتابعة كشرط مانع للترشح لمنصب النقيب لنص على ذلك صراحة.

إن الشرط الرابع يتعلق بوجود حكم زجري أو متابعة زجرية ضد المترشح (في موضوع يتعلق بالمس بالشرف أو المروءة) و ما يؤكد ذلك هو أن عبارة( محكوما عليه ) تنصرف الى المحكمة و لا يمكن أن تنصرف الى مجلس الهيئة إذ أن مجلس الهيئة باعتباره مجلسا تأديبيا لم يستعمل المشرع في أي مادة من مواد قانون المحاماة عبارة مماثلة للدلالة عليه أو للدلالة على ما يصدر عنه و إن كان فعلا هو درجة من درجات التقاضي في القضايا التأديبية للمحامين.

إن ما يصدر عن مجلس الهيئة لا يسمى حكما و إنما قرارا أو مقررا بحيث تبتدئ على سبيل المثال لا الحصر المادة 92 بعبارة ( كل المداولات و المقررات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العمومية او مجلس الهيئة ) و تبتدئ المادة 93 بعبارة ( تبلغ قرارات النقيب ) و عبارة ( يجري تبليغ مقررات مجلس الهيئة و قرارات النقيب ).

و تبعا لذلك فإن قصد المشرع من عبارة الشرط الرابع هو صدور حكم أو وجود متابعة جارية في المادة الزجرية في قضية تمس بالشرف أو المروءة.

و حتى على فرض ( و هو إحتمال جد مستبعد ) أن المشرع بمقتضى الشرط الرابع يقصد صدور حكم أو وجود متابعة في القضايا التأديبية و الزجرية معا فإن المنطق القانوني السليم يفرض التفسير التالي :

أن يكون الحكم بالمؤاخذة أو بالإدانة و ليس بعدم المؤاخذة أو البراءة سواء كان ابتدائيا أو نهائيا و أن تكون المتابعة جارية و ليست منتهية لأن بانتهائها ننتقل إلى شرط وجود حكم لأن انتهاءها لا يكون إلا بحكم.

خلاصة القراءة : المشرع من خلال المادة 86 يميز بين المادة التأديبية التي لا تكفي فيها المتابعة و لا بد فيها من صدور عقوبة تأديبية و المادة الزجرية حيث تكفي فيها المتابعة فقط في قضية تمس بالشرف أو المروءة لمنع المترشح من الترشح لمنصب النقيب.

لكن محكمة النقض في قضية الأستاذ محمد صباري المحامي بهيئة المحامين بمراكش كان لها رأي مناقض بحيث توسعت في تفسير مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 86 و جعلتها تشمل القضايا التأديبية و الزجرية معا بل و أمعنت في التوسع بحيث اعتبرت المتابعة التأديبية المنتهية بعدم المؤاخذة مانعا من موانع الترشح لمنصب النقيب و هي بذلك تكون قد صادقت على قرار محكمة الإستئناف القاضي بإلغاء انتخاب الأستاذ محمد صباري.

و لعل وقائع قضية انتخاب الأستاذ هشام الوهابي كنقيب لهيئة المحامين بطنجة تتطابق أو تتشابه مع القضية موضوع قرار محكمة النقض- إلا إذا كانت المتابعة التأديبية لا زالت جارية أي لا زال لم يصدر بشأنها حكم – و من شأن الطعن في انتخابه أن يثير نفس الجدال القانوني المثار سلفا و الذي حسم بقرار فضائي نهائي صادر عن غرفتين مجتمعتين بمحكمة النقض.

و هنا تجدر الإشارة إلى ضرورة تعديل مقتضيات المادة 95 من قانون المحاماة بجعل الهيئة التي تبت في القضايا التأديبية و كل الطعون المقدمة في مواجهة مقررات مجلس الهيئة و الطعون المتعلقة بانتخاب النقيب و المجلس مشكلة من محامين و مستشارين حتى تكون القرارات الصادرة عن غرفة المشورة قرارات منسجمة مع روح القانون و مع مقاصد المشرع المتعلقة بتنظيم مهنة المحاماة و أجهزتها المسيرة.

عبد المنعم الرفاعي
محام بهيئة المحامين بطنجة.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق