مقالات الرأي

باكالوريا كورونا

مليكة الزغوطي

“بعد التمديد في الحجر المنزلي, تلاميذ الباكالوريا  وآباؤهم وأمهاتهم أضحوا محبطين, والتعليم عن بعد لا يعول عليه، لذا بات لزاما على وزارة التربية الوطنية وأضحى شرطا أساسيا، الخروج بتوصيات وقرارات موضوعية وبرؤية واضحة للحد من تيه وضياع التلاميذ ولتحفيزهم على بداية التهييء للإمتحان”.

هذا ما جاء على لسان التلاميذ وآبائهم وأساتذتهم ,وفي هذا المقال تحليل هذه الفكرة مع إعطاء بعض الحلول والمقترحات .

من حسنات كورونا أنها  وضعت عملية  التعليم عن بعد  في الفعل ,  إنها تجربة رائدة ,لكنها  فيئت  المتعاملين معها إلى فئتين غير متكافئتين :  ما بعد الباكالوريا  , وما قبل الباكالوريا .

الفئة الأولى ما بعد الباكالوريا :

يتلقى الطالب الجامعي دروسه على شكل محاضرات , فهو ملزم بتوسيع المعلومات وآستنباطها والإلمام بها  آعتمادا على  الذات والبحت والتواصل والورشات ,يدرب الطالب على القدرة لإختيار المعلومة المناسبة وسط  إشكال ووضعيات  مفتوحة,   إنها من متطلبات هذه المرحلة , وذلك لإستكمال نضجه الفكري وقدراته التعليمية  ,وليأهل  للبحت العلمي أو لتحمل منصب الشغل  بكل مسؤولية وفاعلية , إن مرحلته العمرية (وغالبا ما تكون فوق 18سنة ) تساعده على آستيعاب ما يتطلب منه , كما نجد أن التوجيهات العليا كانت تخدم هذا الهدف , فنشكر مبادرات وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي التي كانت  تحرص على تمكين جل الطلبة الجامعيين بحواسيب ممتازة عبر برنامج ” إنجاز”  (والذي نناشد تفعيله واستمراره) كما أنها كانت تتقصى كل الفرص لإهداء التلاميد المتفوقين أو المبدعين  حواسيب , وبهذا مكنت غالبية  الطلاب بحواسيب ,و كما لا يخفى على هذه الفئة العمرية توفرها على هاتف ذكي يسهل بحتها وتواصلها لإستكمال مسارها التعليمي والمهني .

فالتعلم عن بعد لهذه الفئة وجد أرضية مهيئة  له , كمالا نغفل أن جل الأساتذة الجامعيين مدربين من هذه التقنية ( التواصل العلمي عن بعد ) وذلك لطبيعة شغلهم ولمتطلبات عملهم من بحت علمي وشراكات مع جامعات ومدارس العالم .

ونشيد هنا با لمدرسة الوطنية  للعلوم التطبيقية بطنجة  التي فعلت هذه التقنية ونجحت فيها بشكل كبير, حيث  درس الأستاذ  طلابه  مباشرة بواسطة وسائل التواصل عن بعد (مثل : skype.zoom.hangouts/Meet  (   , فيسجل الحضور ويستقبل الأسئلة ويتتبع  إنجاهم  للتمارين , وكانت النيتيجة فعالة , ولها مميزات أخرى حيث يبقى التفاعل مسجلا عند الطلبة ليعودوا له إن لم يستوعبوا فقرة ما ..

 

الفئة الثانية  ما قبل الباكالوريا  :

بالنسبة لتلاميد الثانوي مثلا ,لم يكن ملزما ولا مطروحا للنقاش بشكل صارم  أن يتوفر التلميذ على حاسوب أو هاتف ذكي بشكل أساسي لمتابعة دراسته , “غير أنه بات من متطلبات النهوض بالتعليم  ” فغالبية التلاميذ لا  يمتلكون لا هواتف ذكية ولا حاسوب , وإن استطاع الأب توفيره لأحدهم فلا يستطيع توفيره للأخرين من أبنائه , كما أن هناك عقليات لا تسمح بتمكين الأبناء في هذه المرحلة العمرية بالهواتف والحواسيب دون مراقبة, لكي لا يتشتت تركيزهم ,  وفجأة, ومع كورونا  أصبحت هذه هي الوسائل  الأساسية والضرورية لمتابعة الدراسة .

إن التلاميذ في هذه المرحلة  , حسب التوصيات التربوية والديداكتيكية , لازالو في طور صناعة الفكرة والخاصية والدرس بصحبة الأستاذ عن قرب ,فالمحاولات عبر المنصات الاليكترونية   لم يتمكن  التلاميذ الاستفادة منها بشكل فعال , والأقسام الإفتراضية  التي كان يعول عليها لتواصل التلميذ والأستاذ بشكل جيد و يشبه القرب ,قد لاقى صعوبات مادية ومعنوية , فلا الأستاذ مدرب ولا له الوسائل الكافية للقيام بهذا العمل ,وتجد من حاول تطوير نفسه وذاته وأذواته وجد الكل مقفل بسبب الحظر , وإن نجح الأستاذ , تجد غالبية التلاميد لم يستطيعوا التكيف مع هذه التقنية لغياب أكثر مقوماتها , . كما أن الدراسة عن بعد لهذه الفئة نجحت معهم عبر الواتساب  للأغلبية الساحقة , إلا أن الدراسة عبر الواتساب لا تكفي لنسمح لأنفسنا بتقييم  و قياس  قدرات التلميذ  أو امتحانه  , إن  هذه التجربة  لازالت تحتاج للتأطير والتنقيح والتفتيش والتقييم  ولتوفير اللوازم المادية والمعنوية للكل لتكون فعالة , فهناك كثير من الإختلالات تمنع  آختبار التلاميد في دروس درسوها عن بعد .

فالحجر المنزلي ضاغط على الكل آباءا وتلاميذ  , والتلاميذ  يتساؤلون على ماذا سيركزون وفيما سيمتحنون وكيف ?, هل يسايرون الدروس عن بعد , أم يراجعوا الدروس السابقة , وتجد من له ابن في قسم الثانية  باكالوريا مثلا  له اخر في السنة الاولى او قسم اشهادي اخر ,كما أن  التلاميذ  الذين كانت لهم تعثرات وصعوبات كانوا يستعينون بالساعات الإضافية التي تعذرت عليهم اليوم ,  لذا أصبح لزاما على وزارة التربية  الوطنية  أن تكون واضحة في قرارها فيما يخص امتحانات الباكالوريا , ليتسنى للتلاميد التهييء للإمتحان ,

وأنا أقترح أن الإمتحانات الوطنية أو الجهوية , عليها أن تكون فقط في الدروس التي درست بشكل فعلي في القسم ,وأن نكتفي في آختبارهم فيها , ولنحول الدراسة عن بعد:  بدل إعطاء دروس جديدة,  الى إعطا ء الدعم والتمارين في التي درست من قبل في القسم , أما ما بقي من المقرر  فالأفظل  أن نراجعه مع التلاميد بعد رفع الحجر إن شاء الله ,ويجتازوا في هذه الدروس الأخيرة  مراقبة مستمرة وتدخل ضمن مكونات المباريات .

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق