آخر

خواطر سدرواي.. هل “أرض ڤولتير” دولة الحريات وحقوق الإنسان ؟

الدكتور عزيز سدراوي

نتابع شريط وثائقي يوثق بالصورة لبلد الأضواء، أرض ڤولتير، روسو، و بومارشي.

يظهر في الصورة، صفوف متراصة، من رجال مدججين بأحدث وسائل محاربة المظاهرات السلمية ” الشغب”.

ثم أناس، رجال و نساء، شباب و شيوخ، يلبسون سترات صفراء، عزل، بحملون لافتات مكتوب عليها عبارات مختلفة تعبر عن مطالب شعبية اجتماعية.

نصدم عندما نراهم يرمى بهم على الارض، توجه لهم لكمات متتابعة و متوالية، متعددة وفي مناطق مختلفة من الجسم.

تتواصل لقطات الشريط، يظهر فخامة الرئيس، الشاب، المتباهي بقوامه، الرشيق، لعله آت من ليلة حمراء قضاها مع “حبيبة قلبه” ورفيقة دربه منذ صباه، و هو يقول : أجد البلد سلبي و يتحامل على نفسه.

يسترسل الشريط بلكمة ثم لكمات على وجوه المتظاهرين، و هذا أحد الشرطيين و هو يوجه كلامه لاحدى المتظاهرات التي يكون سنها من سن أمه وهي تبتسم له كانها تقول له نحن نتظاهر من أجلكم أنتم كذلك، فيقول لها، نحن لنا في نفس المعسكر، و في آخر الصورة هناك أربعة من أفراد الشرطة بالزي المدني يحملون رجل من أطرافه الأربعة و يلقون به داخل سيارة شرطة و كانه خروف، كل هذا ونسمع صوت الرئيس يعلو و يصف المتظاهرين بالمتخاذلين “fenians ” و تتوالى الضربات.

يسترسل الشريط بشهادة لشخص ذو بشرة بيضاء، وجهه مشوه بالانتفاخ و الكدمات و الزرقة، يروي بحسرة و حرقة ما جرى.

صورة أخرى أكثر بشاعة هاته المرة لشخص من أصل افريقي و هو يتلقى الضربات بعنف شديد و بطريقة مليئة بالحقد و الميز العنصر، وأخرى لسيدة في عقدها الرابع تعلو جبهتها اليسرى جروح، ثم لشابة في سنتها العشرين و قد فقدت عينها اليسرى في مظاهرة بمدينة الأنوار وسوف تقضي بقية حياتها بعاهة مستديمة، كل هذا و صوت فخامته يعلق على أنهم أناس لا يساوون أي شيء و أنه يجب على الإنسان الفرنسي الغولي ” gaulois ” أن يتقبل التغيير.

هاته هي الصورة عن الدويلة التي تعتبر نفسها مثال في الحضارة و تعطينا دروس في حقوق الانسان ودروس في القانون و احترام الرأي الآخر وحرية العدالة.

هاته هي الدويلة التي تعتبر مثال في الحداثة، هذه هي دويلة القرن الحادي و العشرين التي قال رئيسها انه لا يجب ان نتحدث عن تعامل الشرطة “بالعنف” لانه شيء عادي للمحافظة على القانون في دولة القانون.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق