مقالات الرأي

طارق يكتب.. شباط الخائن و بنكيران المنبطح الذي لم يتمسك بشباط البطل

كثيرون اعتبروا تصريحات شباط مغامرة طائشة، ثم عادوا بعد يومين أو ثلاث يعتبرون بلاغ العدالة والتنمية قمة في الخذلان تجاه حليف صادق ووفي.

كثيرون كانوا قد ذهبوا أو كادوا يذهبون نحو التخوين الوطني لحزب الاستقلال، عادوا بعد يومين أو ثلاث إلى لهجة التخوين السياسي للعدالة والتنمية.

كثيرون قدروا أن تصريحات شباط غير محسوبة، ثم عادوا بعد يومين أو ثلاث ليقدروا أن بلاغ العدالة والتنمية لم يكن في مستوى “بطولة” شباط.

كثيرون ظلوا يعتبرون “التحكم” مجرد وهم من صناعة بنكيران، عادوا بعد يومين أو ثلاث إلى اتهام بنكيران بالتنازل في معركته مع “التحكم”.

كثيرون إقتنعوا بأن شباط خائن للقضية الوطنية، عادوا ليقتنعوا بعد يومين أو ثلاث،  أن بنكيران منبطح لأنه لم يتمسك كما يجب بالبطل الوطني شباط.

كثيرون اعتبروا أن إنتخابات 7 أكتوبر ستكون محسومة للجهة المعلومة، وأن قرار الدولة بإنهاء تجربة بنكيران قرار جاهز، عادوا بعد يومين أو ثلاث ليعتبروا بنكيران مجرد خادم مطيع للدولة العميقة.

كثيرون يفكرون بالسياسة بمنطق مقطع قصيدة درويش “يجب الذي يجب “، ويكفرون في السياسيين بمنطق قصيدته الأخرى “لاشيء يعجبني”!.

كثيرون ينتظرون من داخل بطانية دافئة وخلف شاشة حاسوب، تمرد شباط، و صمود بنكيران وعودة الاتحاد، ونهاية أحزاب الإدارة، وإحياء 20 فبراير، والتحاق العدل والإحسان بالكتلة التاريخية، لكن في انتظار ذلك لابأس من الهجوم على الإصلاح بلغة الثوار ولابأس من مناهضة الجرأة بلغة المحافظين، ولابأس من إتهام الثوار بعبارات الخيانة، ولابأس من التهكم على مقاومي الفساد بمنطق الواقعية، ولابأس من رمي الواقعيين بتهمة التطبيع مع الفساد .

في إنتظار الذي يأتي أو لايأتي لابأس من أن نقرأ مع محمود درويش قصيدته “لاشيء يعجبني “:

يقول مسافرٌ في الباصِ .. لا شيءَ يُعْجبُني

لا الراديو و لا صُحُفُ الصباح , و لا القلاعُ على التلال. أُريد أن أبكي.

يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ، وابْكِ وحدك ما استطعت َ.

تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً، أنا لا شيءَ يُعْجبُني. دَلَلْتُ اُبني على قبري’ فأعْجَبَهُ ونامَ’ ولم يُوَدِّعْني .

يقول الجامعيُّ: ولا أَنا ‘ لا شيءَ يعجبني. دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن جأَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة.

هل أنا حقاً أَنا؟

ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضاً. أَنا لا شيءَ يُعْجبُني . أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً يُحاصِرُني

يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن اقتربنا من محطتنا الأخيرة’ فاستعدوا للنزول…فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ’ .. فانطلق!

أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا . أنا مثلهم لا شيء يعجبني ‘ ولكني تعبتُ من السِّفَرْ.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق