اقتصاد
التعاونيات.. الرقمنة، آلية مهمة لتحقيق انتعاش مستدام
(هشام لوراوي)
تجد التعاونيات المغربية، التي لا تزال تعاني من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا (كوفيد- 19)، نفسها أكثر من أي وقت مضى أمام ضرورة تسريع تحولها الرقمي لتحقيق انتعاش مستدام وقوي.
وقد بدأ بعض الفاعلين في القطاع التعاوني هذا التحول، الذي انطلق التفكير فيه قبل الأزمة بكثير ويبدو هيكليا بطبيعته وكذا بالنظر إلى الاستثمارات الهائلة التي يتطلبها، خلال فترة الحجر الصحي عبر إطلاق مواقع الكترونية تجارية لمواصلة تسويق منتجاتهم.
+ اهتمام كبير بتطوير مبادرات مبتكرة +
تم تسجيل العديد من المبادرات الرامية للنهوض ومواكبة هذا التطور الواعد، كما هو الحال بالنسبة ل” AgriSoo9″، وهي منصة للتجارة الإلكترونية تم إطلاقها في شهر ماي الماضي بواسطة وحدة الأعمال “Agri Edge”، بهدف مساعدة التعاونيات على تسويق منتوجاتها مباشرة لدى الزبناء، وتسليط الأضواء عليها بشكل أكبر من خلال الاعتماد على قوة الرقمنة.
كما توفر هذه المنصة إمكانية التواصل عبر الرسائل النصية القصيرة بالنسبة للتعاونيات التي لا تمتلك أدوات مكيفة للتواصل الرقمي، بل الأكثر من ذلك فهي تسمح للتعاونيات المسجلة بالاستفادة من تكوينات في مجال التسويق والتواصل الرقمي.
وهكذا، يبدو جليا أن التعاونية المغربية مطالبة أكثر فأكثر بالعمل في إطار الروح المقاولاتية، مع استثمار مختلف مواردها، لاسيما البشرية من أجل تحقيق الاندماج الاجتماعي والنمو المستدام المنشودين.
وفي هذا السياق، كانت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنجرير ومؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط قد أطلقتا في شهر ماي مختبر “Cooplab” للخبرة ودعم التعاونيات .
وتتمثل مهمة هذا المختبر في اقتراح عرض للتكوين والتقاسم والمواكبة لصالح الفاعلين، استنادا إلى “التعلم بالممارسة” ، وكذا في تعزيز ثقافة الابتكار والتميز من خلال إتاحة خبرة المنظومة المقاولاتية للجامعة.
كما يهدف مختبر “Cooplab” الذي يعد آلية لتطوير اقتصاد شامل ومنصف، ومحفزا للتغيير وحلقة مهمة ضمن عملية تقوية النظام التعاوني، إلى مواكبة التعاونيات عبر خدمة احترافية بمقاربة شاملة ومبتكرة.
وبالموازاة مع ذلك، قام مكتب تنمية التعاون بسلسلة من المبادرات لتزويد التعاونيات بالوسائل اللازمة للاستئناف على أسس جيدة. وتحقيقا لهذه الغاية، أطلق المكتب طلبا لإبداء الاهتمام للاستفادة من الشطر الرابع من برنامج “مرافقة” لدعم التعاونيات، وهي مبادرة تهم 500 تعاونية مغربية وتهدف إلى إخراج جيل جديد من التعاونيات الفعالة والمبتكرة، للوجود.
كما أعلن مكتب تنمية التعاون عن مواكبة التعاونيات الراغبة في الاستفادة من عروض التمويل للبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات “انطلاقة”.
+ تحفيزات للمضي قدما والربح على مستوى الأداء +
لتشجيع هذه التعاونيات على الاستثمار بشكل أكبر في هذه المقاربة الرقمية التي تعزز بشكل كبير الفعالية والأداء، نظم المركز المغربي لتأهيل التعاونيات “جائزة وطنية للتعاونيات”.
وأوضح رئيس المركز، السيد محمد جيلو، وهو أيضا خبير في التسويق الرقمي والتجارة الالكترونية، أن الأمر يتعلق بأول مسابقة رقمية لفائدة التعاونيات المغربية، بهدف تشجيعها على الخروج من هذه الأزمة وخلق أجواء التنافس ومساعدتها على تسويق مشاريعها ومنتوجاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف السيد جيلو من جهة أخرى، أن المركز نظم العديد من الدورات التكوينية عن بعد في التسويق الإلكتروني والتجارة الإلكترونية لفائدة التعاونيات المشاركة في هذه المسابقة.
وقال أيضا “في إطار تثمين جهود الدولة لمساعدة التعاونيات في تسويق منتجاتها، قام المركز بتطوير منصة “Coop Maroc” التي يشرف عليها خبراء في التسويق الإلكتروني”.
وأبرز أنه تمت إضافة خدمة تسويق المنتجات لفائدة التعاونيات المغربية من كل القطاعات، بعد أن كانت المنصة معروفة كأكبر دليل للتعاونيات، حيث وصل عدد التعاونيات المسجلة في المنصة إلى أكثر من 2600.
وأكد أن التعاونيات التي تعتبر عنصرا مهما ضمن الاقتصاد الوطني، تأثرت بشدة بتداعيات أزمة (كوفيد- 19) خاصة خلال فترة الحجر الصحي حيث عرفت توقفا حادا لمعظم أنشطتها، بينما تمكن القليل من هذه المقاولات من مجاراة الأزمة والاستفادة منها لزيادة المبيعات، ويتعلق الأمر خصوصا بالتعاونيات التي اتجهت نحو التسويق الإلكتروني كوسيلة لتسويق منتجاتها على المستوى الوطني.
واعتبر أن الأزمة كان لها دور مهم في اكتشاف العديد من التعاونيات لعالم التسويق الإلكتروني في ظل البحث عن سبل لتسويق المنتجات والتخلص من المخزون الذي كان موجها في الأساس للأسواق أو المعارض المحلية والوطنية.
وقد لعبت مواقع التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية دورا كبيرا في الربط بين البائعين والزبناء حسب السيد جيلو، الذي أكد أن الرقمنة كانت مفيدة أيضا في تنظيم دورات تكوينية عن بعد وتسهيل الوصول للمعلومة.
وحسب إحصائيات لمكتب تنمية التعاون برسم سنة 2019، فإن النسيج التعاوني المغربي يضم 27 ألف و262 تعاونية، 35 في المائة منها نسوية. وتتوزع هذه التعاونيات على جهات الدار البيضاء- سطات (3.091)، وفاس- مكناس (3.050)، والشرق (3.027)، والرباط- سلا- القنيطرة (2.653)، ومراكش- آسفي (2.558)، وسوس- ماسة (2.501)، وطنجة- تطوان- الحسيمة (2.270)، وكلميم- واد نون (2.194)، والعيون- الساقية الحمراء (2.013)، ودرعة- تافيلالت (1.814)، وبني ملال- خنيفرة (1.747)، والداخلة- وادي الذهب (342).
ويزخر قطاع التعاونيات، الذي تتنوع مجالات أنشطته (تجارة الكترونية، معالجة النفايات، يد عاملة، فلاحة، غابات، صيد بحري، مناجم، صناعة تقليدية، سكنى، نقل، محاربة الأمية، تجارة بالتقسيط، فن وثقافة…)، بمؤهلات هامة من شأنها المساهمة في محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي والقطاع غير المنظم.