مقالات الرأي
اللواري يكتب.. استفحال ظاهرة الهجرة السرية بالمغرب
محمد اللواري
نطمح من خلال هذا المقال إلى إلقاء نظرة شاملة حول ظاهرة الهجرة السرية حيث تعتبر هذه الأخيرة من بين الظواهر الحساسة التي تشغل الرأي العام المغربي ، ولايمكننا الحديث عنها من دون أن نستحضر ما تخلفه من مآسي في صفوف شريحة هامة من الشباب المغربي ،حيث أصبح من المألوف الحديث عن انتشال غرقى وموتى وضياع بين هذه الفئة التي تعتبر أهم ما يعتمد عليه المجتمع في تحقيق التنمية ، والجدير بالذكر أن الهجرة في مفهومها الشامل ظاهرة كونية ليست وقفا على بلد دون آخر ،وهي لاتعني المغرب وحده ولكنها تعني كل بلدان العالم تقريبا وبالأخص منطقة شمال إفريقيا، وفي مفهومها الخاص تعتبر الهجرة خاصية إنسانية تتمثل في إنتقال الفرد أو الجماعة من وطنهم الأم إلى وطن آخر بحثا عن حياة أفضل وهروبا من الوضع السيئ الذي يعيشونه في أوطانهم و إكتشاف واقع أحسن .
وقد تنامت هذه الظاهرة بالمغرب خلال الآونة الأخيرة بشكل مرعب ومخيف بعد أن أصبح المئات يحاولون العبور شهريا إلى الضفة الأخرى بما في ذلك النساء والأطفال بسبب الأوضاع الصعبة التي تعيشها الفئة الهشة في المجتمع ، وفي هذا الصدد تورد صحيفة “la vanguardia” الإسبانية ” أن عدد المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى السواحل الإسبانية ارتفع بنسبة %17 خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2018 مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية وفق البيانات التي صدرت عن اللجنة الأوروبية مضيفة أن خمس هؤلاء المهاجرين يحملون الجنسية المغربية ،قدم معظمهم من خلال العبور انطلاقا من سبة ومليلية المحتلتين وكذا مدينة الحسيمة وبدوره سجل “مرصد الشمال لحقوق الإنسان ” محاولة 1712 فرد للعبور نحو أروبا إنطلاقا من المغرب خلال شهر فبراير من هذا العام ، ونجح 280 مهاجر منهم في الوصول إلى مبتغاهم ،فيما لقي 33 فردا من المهاجرين حتفهم ،والبقية فشلت في اجتياز الحدود بفعل الطوق الأمني الذي تفرضه السلطات الأمنية المغربية والإسبانية .
-فماهي إذا الأسباب الكامنة وراء ارتفاع هذه الظاهرة المقلقة ؟
-وماهي الحلول المقترحة للحد منها؟
تعدد الأسباب والعوامل التي تدفع الشباب المغربي إلى الهجرة ،وتتجلى أساسا في الظروف الإقتصادية والإجتماعية والسياسة التي يعيشها المغرب ، كما تبرز أسباب أخرى ذات أهمية بالغة في توجيه تيارات الهجرة السرية ومن ضمنها القرب الجغرافي وكذلك التمثلات التي يحملها بعض الشباب حول أروبا كأرض خلاص.
_في ما يخص الأسباب الإقتصادية: والتي تتمثل في ضعف الإقتصاد المغربي وكذا انصياعه وتبعيته للغرب ،هذه التبعية فرضت على المغرب الإلتزام بشروط وتوصيات المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ،وهو ما أدى إلى تضرر الإقتصاد المغربي الذي يعاني من ضعف التجهيزات في ظل المنافسة الغير المتكافئة، الأمر الذي نتج عنه تراجع في الأنشطة الإقتصادية وتضاءلت معه فرص الشغل .
_ أما الشق الإجتماعي : فالفقر يعتبر سببا من أسباب الهجرة ، وهناك أيضا أسباب أخرى والتي تتجلى في تفشي البطالة وانخفاض في الأجور وما يقابله من ارتفاع في مستوى المعيشة، الشيء الذي يؤدي إلى فقدان الشباب الأمل في ايجاد فرص العمل ،سواء في تخصصاتهم أو حتى في غيرها ،ورؤية بعض الشباب لما حققه أخرون من نجاحات بعد هجرتهم بطريقة شرعية أو غير شرعية ، وعدم وجود مشاريع قوية يلتف حولها الشباب وكذلك عدم ملاءمة بين التكوين والتشغيل وانعدام مبدأ تكافؤ الفرص وبالتالي إنتشار الوساطة والمحسوبية .
_ إلى جانب هذه الأسباب هناك عوامل أخرى تساهم بشكل كبير في ارتفاع ظاهرة الهجرة من بينها عامل القرب الجغرافي وكذا العامل النفسي.إذا ماهي الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة؟
لمعالجة ظاهرة الهجرة السرية أو التقليل منها يجب اتخاذ مجموعة من التدابير التي يمكن إجمالها في التالي: -يجب على الحكومة العمل على تسريع وثيرة التنمية واتخاذ خطوات للحد من البطالة وذلك بتوفير فرص الشغل للشباب ، وكذا تشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية والقضاء على المحسوبية والفقر والتهميش وتحقيق مبدأ المساواة والعدل بين جميع شرائح المجتمع.