مقالات الرأي

طنجة والتنمية المستدامة المفقودة ؟

عدنان معز

طنجة مدينة الأسطورة أنتي ابن بوسيدون وغايا الذي بنى مملكته فأسمها باسم زوجته طِنجة ، طنجة الآلهة “تِنجِيس” إبنة الإله أطلس ، طنجة الميناء اي “تيجيزيس” ، طنجة البيضا ء وليلى خلال العصور الإسلامية ، طنجة جوهرة الشمال وعاصمة البُوغاز .
خلال كل هاته العصور كانت طنجة مدينة تعيش في أمان واستدامة بموارد طبيعية تكفي الساكن والزائر تشبعهما وتامن الباقي للاجيال القادمة ، مدينة الاسطورة والخرافة والخيال… ، بيرديكاريس حيت قصة رجل عشق زوجته فاختار لها احدى جنان الارض طنجة ، طنجة المشاهير ، طنجة الغابات الغناء التي تحتوي على جنيات العهد القديم والاشجار الذي يتساقط منها الذهب .
طنجة التلوث ” حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية” واجتثاث الغابات واحراقها وزحف اسمنت العالي التكلفة ،
طنجة الحقارة باطفال الشارع والمدمنين والمخبولين واصحاب العاهات ……هكذا اصبحت طنجة بفعل اسناد تدبير المدينة ولسنوات لغير اهلها وللمرتزقة وابناء دهن السير يسير ، وانا ومن بعدي الطوفان .
نتاسف على مدينة وان تم تجميلها مؤخرا واصبحت جميلة في شطر منها الا انها تحمل جراح عميقة تهددها بالفناء والشيخوخة المبكرة .
من اسوء الجراح و الملفات التي يجب على كل المهتمين والغيوريين على مدينة طنجة الترافع من اجل ايجاد حل مستعجل لها معضلة التلوث .
فطنجة تسجل مستويات مرتفعة وخطيرة للتلوث وخصوصا التلوث المرتبط بالساحل والذي ادى الى تغييركبير بالمنظومة البيولوجية لساحل طنجة الذي كان مصدر ثروة سمكية وسياحية مصنفة ، كان البحر بطنجة رئة حقيقية للمدينة بالاضافة الى غابات المدينة وهو ماجعلها لعقود قبلة للادباء والمفكرين … ، اليوم روائح المجاري تعطب الحواس، بكورنيش طنجة ، 130 الف لتر مكعب من مياه الصرف الصحي يتم القائها بالبحر يوميا بدون حسيب ولا رقيب مدني محايد يهتم للبحر ولمستقبله المنظور .
مياه عادمة تكلف الملايير لسكان المدينة والتي عوض معالجتها واستغلالها في سقي المناطق الخضراء يتم القائها في البحر لتلوثه وتضيع المبالغ المرصودة لها سدا.
مع الاسف فعوض الاستثمار في هكذا مشاريع محورية للمدينة المستدامة ، يتم تجديد الكورنيش لمرة أخرى وطريق الرباط للمرة الرابعة وفتح طرق جديدة مؤدية الى جبل الكبير كما لوانه الحي الوحيد الموجود بالمدينة ، وبناء سوق جملة جديد مرة اخرى بعد اقل من 5 سنوات على بناء سابقه والذي كلف ميزانية المدينة مبالغ ضخمة ، وهي نماذج من مشاريع ماتزال قريحة وعقلية المسؤولين بولاية طنجة يتحفون بها سكان مدينة طنجة كما لو ان طنجة لا تتطلب الا اعمدة الانارة والنخل والزفت …… ،فيما يتم اهمال مثل هاته المشاريع المهيكلة والتي تستثمر موارد المدينة وتحافظ عليها .
من بين الموارد الطبيعية التي يجب ان يساءل عليها مسيرو مدينة طنجة والتي تعاني التهميش والضياع ، بعض الابار وعيون المياه المتدفقة والتي تدهب سدى بينما فاتورة سقي المناطق الخضراء بجماعة طنجة تفوق مليارونصف وهو المبلغ المؤدى عنه لامانديس لشراء الماء الشروب المخصص لسقي المناطق الخضراء سنويا ، بينما العديد من مصادر المياه تبقى دون استغلال ، ومن بين هاته المصادر عين سيدي ميمون المشهورة والتي كانت تحمل البركات والشفاء من الامراض لسكان طنجة القديمة ، بينما هي اليوم تجري للعدم ، تجري لتصل الى مياه البحر بدل استغلالها .
هي تنمية مستدامة يجب ان تجد طريقها الى عقول مسؤولينا قبل الحديث عن مشاريع كبرى في الجرائد والتلفاز ، صغرى على مستوى واقع مدينة طنجة وتنميتها المستدامة المنشودة.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق