فجّرت الفيديوهات المسرّبة من اجتماع لجنة التأديب وأخلاقيات المهنة باللجنة المؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة، والتي نشرها موقع “بديل” على قناة يوتيوب، موجة غضب عارمة داخل الوسط الإعلامي المغربي، بعدما كشفت مضامين وُصفت بـ”الخطيرة” و”المهينة” لمبادئ التنظيم الذاتي ولحقوق الصحافيين. وفي هذا السياق، عبّرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف عن صدمتها وذهولها إزاء ما ورد في التسجيلات، معتبرة الأمر “مجزرة أخلاقية وحقوقية” تستدعي تدخلاً عاجلاً من الدولة والقضاء.
استنكار شديد لما ورد في الفيديوهات المسربة
وأكّدت الفيدرالية، في بلاغ شديد اللهجة، أن ما تضمّنه الاجتماع المسرّب يكشف عن “خواء معرفي وانحطاط أخلاقي” داخل لجنة يُفترض أنها تحمي أخلاقيات المهنة، مشيرة إلى أن لغة التخاطب المستعملة وما ظهر من نزعة “انتقامية” يشكلان مساسًا خطيرًا بشروط العدالة التأديبية وبكرامة الصحافيين، وعلى رأسهم الصحافي حميد المهداوي الذي كان موضوع النقاش.
وأضافت أن ما ورد في التسجيلات “ليس حادثًا معزولًا”، بل يأتي امتدادًا لمسار بدأ – حسب قولها – بمحاولة إضعاف الفيدرالية وإقصائها من الحوار المؤسساتي، وحرمانها من تمثيلية مستحقة داخل هيئات القطاع عبر ما وصفته بـ”تدبير انشقاق مدروس” و”استفراد فئة واحدة بمفاتيح القطاع”.
دعوة إلى فتح تحقيق عاجل
وطالبت الفيدرالية بفتح تحقيق مستعجل من طرف النيابة العامة والسلطات المختصة، للكشف عن ملابسات ما جرى في ملف المهداوي وكافة الملفات التي بتّت فيها اللجنة المؤقتة خلال ولايتها، مع ترتيب الجزاءات القانونية اللازمة وإطلاع الرأي العام المهني والوطني على النتائج.
كما شددت على أن موضوع التسريب يجب ألا يتحول إلى “قضية تقنية”، فالمشكلة الجوهرية – حسب البلاغ – تتعلق بمضمون ما قيل داخل الاجتماع، في وقت تتحمل فيه اللجنة المؤقتة كامل المسؤولية عن سرية تسجيلاتها ومعطياتها.
مطالبة بتعليق مناقشة قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة
ودعت الفيدرالية إلى تعليق مسطرة مناقشة مشروع القانون الخاص بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة داخل مجلس المستشارين، معتبرة أن خلفيته التشريعية تنطلق من “نفس العقلية الإقصائية” التي كشفتها الفيديوهات، وداعية الحكومة إلى بحث صيغة جديدة لإصلاح القطاع عبر حوار جدي وموسع مع المنظمات المهنية الحقيقية.
اللجنة المؤقتة “منتهية الصلاحية” وتواصل عملها دون سند قانوني
وشدد البلاغ على أن الولاية القانونية للجنة المؤقتة انتهت منذ بداية أكتوبر 2025، وفق النص المُحدث لها، غير أنها استمرت في ممارسة صلاحياتها “خارج إطار الشرعية”، معتبرة ذلك “تعديًا واضحًا على القانون وعلى دولة المؤسسات”.
تحذير من مخطط “سطو منظم” على القطاع
وأكدت الفيدرالية أن ما وقع يمثل فرصة لكشف ما وصفته بـ”مخطط السطو على قطاع الصحافة”، سواء عبر التحكم في الدعم العمومي، أو في اعتمادات تغطية التظاهرات الرياضية، أو من خلال إعادة تشكيل المجلس الوطني للصحافة بطريقة تخدم فئة واحدة.
وقالت إن ما يجري يهدف إلى تدجين الإعلام واستبدال دوره في الرقابة والتنوير بتوجه تجاري صرف يقوم على “التخويف والتخوين وإعلاء التفاهة”، وهو ما “لا يليق بمغرب المؤسسات والديمقراطية”.
دعوة إلى حوار وطني لإنقاذ التنظيم الذاتي
وختمت الفيدرالية موقفها بالدعوة إلى إطلاق حوار مهني عاجل ومسؤول لإعادة بناء آليات التنظيم الذاتي على أسس سليمة، بما يعيد للصحافة المغربية مكانتها بوصفها “رئة للديمقراطية” وليس أداة لتصفية الحسابات أو التحكم في الرأي العام.









