مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، يزداد النقاش داخل الأوساط السياسية بدائرة طنجة-أصيلة حول احتمال لجوء وزارة الداخلية إلى آليات غير مباشرة لإبعاد بعض الوجوه التقليدية من الترشح، في مشهد يعيد إلى الأذهان سيناريو انتخابات 2003، حينما جرى إبعاد عدد من الأعيان والشخصيات البارزة بقرارات غير معلنة.
تُعد دائرة طنجة-أصيلة واحدة من أبرز الدوائر الانتخابية على الصعيد الوطني، بحكم حجم الكتلة الناخبة ووزنها السياسي، إذ اعتادت أن تجذب قيادات حزبية وطنية وأسماء وازنة. وهو ما يجعل أي تحولات أو تغييرات في موازين القوى داخلها يكتسي أهمية وطنية، لا محلية فقط. وحتى الآن، لم تحسم أبرز الأحزاب المتنافسة – مثل الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار، الاستقلال، العدالة والتنمية، الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي – في أسماء وكلاء لوائحها، وهو ما يعكس حجم الرهانات وضغط التوازنات الداخلية. وتتحدث مصادر محلية عن حالة ترقب تسود عدداً من المرشحين المحتملين، بسبب تداول أخبار عن احتمال إقصاء غير معلن قد يتم عبر مساطر إدارية أو عبر ضغوط مباشرة على الأحزاب لفسح المجال أمام مرشحين آخرين.
المقارنة مع انتخابات 2003 تبدو حاضرة بقوة. آنذاك، أُبعدت وجوه بارزة وأعيان معروفون، في خطوة فسحت المجال أمام أسماء جديدة. اليوم، يتساءل المتتبعون: هل نحن أمام تكرار للتجربة نفسها، أم أن الظرفية السياسية اختلفت وأصبحت العملية الانتخابية أكثر انفتاحاً؟ وفي مقابل هذه التكهنات، يبرز خطاب سياسي يدعو إلى تجديد النخب وإدماج الشباب والنساء في اللوائح الانتخابية، باعتبار ذلك فرصة لإعادة الثقة للمواطنين. لكن المخاوف تظل قائمة من أن يتم هذا التجديد بطريقة فوقية أو مفروضة، بعيداً عن الاختيار الطبيعي للناخبين.
وتتخوف السلطات في الآن ذاته، بأن أي إقصاء لوجوه تقليدية قد ينعكس مباشرة على نسب المشاركة، خاصة وأن بعض هذه الأسماء راكمت قواعد انتخابية واسعة مرتبطة بشبكات النفوذ المحلي. في المقابل، قد يفتح دخول وجوه جديدة المجال أمام فئات لم تكن منخرطة في العملية السياسية، بما قد يعيد الحيوية للمشهد الانتخابي. وبعيداً عن الصراع الحزبي والقرارات المفاجئة، تبقى ساكنة طنجة-أصيلة في انتظار وجوه سياسية قادرة على حمل قضاياها التنموية والاجتماعية، خصوصاً مع التحديات المرتبطة بالتوسع العمراني، النقل، التشغيل، وتدبير الخدمات العمومية.
وبين تكهنات الإقصاء المفروض أو التجديد الطوعي، تظل دائرة طنجة-أصيلة مفتوحة على جميع السيناريوهات. ويبقى السؤال معلقاً: هل ستكتفي وزارة الداخلية بدور المراقب في هذه الانتخابات، أم أنها ستعود لتلعب دوراً حاسماً في رسم خريطة المرشحين كما فعلت قبل عقدين؟