في خطوة قضائية وُصفت بالسابقة على الصعيد الوطني، أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة حكمًا تاريخيًا يلزم شخصًا بأداء غرامة وتعويض مالي لفائدة شركة مفوضة لتدبير مرأب جماعي، بعدما امتنع عن تسديد واجب ركن سيارته، في ملف يُتوقع أن يشكل مرجعًا لمواجهة ظاهرة التهرب من الأداء في المرافق العمومية.
تعود فصول الملف إلى يونيو 2023، حين أقدم المدعى عليه على ركن سيارته في أحد المرائب الجماعية وسط مدينة طنجة، التي تديرها شركة خاصة بموجب عقد التدبير المفوض، دون أن يقوم بتسديد التعريفة المقررة قانونًا. وبحسب المعطيات الواردة في الحكم، فقد ظل المعني بالأمر ممتنعًا عن الأداء رغم مطالبته بذلك من قبل العاملين في المرأب، ليتم تحرير محضر مخالفة ضده وإحالته على السلطات المختصة.
حجج الأطراف ومداولات المحكمة
الشركة المدعية أوضحت في دعواها أن تصرف المدعى عليه ألحق بها خسائر مادية، ليس فقط بفعل ضياع مبلغ الأداء، بل أيضًا لما يمثله هذا السلوك من إخلال بالالتزامات التعاقدية والإضرار بمداخيل المرفق العمومي. واستندت الشركة في مطالبها إلى النصوص القانونية المؤطرة للتدبير المفوض للمرافق الجماعية، وإلى محضر المعاينة الذي يثبت المخالفة.
من جهته، حاول المدعى عليه الدفع بعدم قانونية المطالبة، غير أن المحكمة اعتبرت أن الوقائع الثابتة في الملف، والمستندات الرسمية المرفقة به، تؤكد وقوع المخالفة وتثبت الأضرار المادية التي لحقت بالشركة.
الحكم وتعليلاته
بعد دراسة الملف، قضت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأداء غرامة مالية قدرها 1500 درهم لفائدة الشركة المدعية، إضافة إلى 500 درهم كتعويض مدني عن الضرر اللاحق بها، مع تحميله صائر الدعوى. وأكدت المحكمة في حيثياتها أن الامتناع عن الأداء في مرافق مؤدى عنها، والمشمولة بعقود تدبير مفوض، يشكل مخالفة صريحة تستوجب التعويض.
انعكاسات الحكم
يرى متابعون أن هذا القرار القضائي قد يفتح الباب أمام الجماعات المحلية والشركات المفوضة لتكثيف متابعة المخالفين الممتنعين عن الأداء، بما يساهم في الحد من الظاهرة وتحسين مردودية المرافق العمومية. كما أنه يوجه رسالة واضحة إلى مستعملي المرائب العمومية بأن الامتناع عن تسديد واجب الركن قد يعرضهم لمتابعات قضائية وغرامات مالية.
هذا الحكم، الذي حمل صبغة “السابقة القضائية”، قد يشكل مرجعًا مهمًا في اجتهادات المحاكم بالمغرب في ملفات مشابهة، خاصة مع تزايد شكايات شركات التدبير المفوض من حالات الامتناع عن الأداء، وما يترتب عنها من خسائر مالية تؤثر على استمرارية وجودة الخدمات المقدمة.