في خضم الجدل المجتمعي والتفاعلات المتصاعدة بشأن مشروع تهيئة “الشرفة الأطلسية” بمدينة العرائش، أصدرت ثلاث هيئات سياسية رئيسية بالإقليم، بلاغات متقاربة في مضامينها، عبّرت من خلالها عن مواقفها تجاه المشروع، مشددة على أهمية الموروث الثقافي للمدينة، وضرورة الانفتاح على آراء الساكنة.
الأصالة والمعاصرة: تأكيد على استمرارية المشروع ومطالب بتأثيث يحترم روح المكان
في بلاغها الصادر يوم 22 يوليوز 2025، عبّرت الأمانة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة، باعتباره أحد مكونات الأغلبية المسيرة لمجلس جماعة العرائش، عن وعيها بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، وتقديرها للتفاعل الحضاري لساكنة المدينة مع مشروع تهيئة الشرفة الأطلسية.
وأكد الحزب أن المشروع جزء من سلسلة أوراش تنموية كبرى تشهدها المدينة، بتمويل من عدة قطاعات حكومية وجهات فاعلة، منها وزارة إعداد التراب الوطني، ووزارة الثقافة، ومجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، ووزارة التجهيز. كما أوضح البلاغ أن تهيئة الشرفة تشمل ثلاث مستويات، لازالت في طور الإنجاز، مع التزام الحزب بمواكبة التنفيذ وضمان احترام البعد التاريخي والثقافي للموقع.
وطالب الحزب بإدماج مطالب الساكنة التقنية والرمزية، مثل الحفاظ على الأعمدة والحدائق والعريشات، واستعمال اللون الأزرق في التهيئة، بما يعكس هوية المدينة.
الاستقلال: دعوة لمواصلة التهيئة في إطار تشاركي واحترام رمزية المكان
من جهتها، أصدرت المفتشية الإقليمية لحزب الاستقلال بلاغًا أشادت فيه بالاحتجاجات السلمية الحضارية التي شهدتها المدينة، والتي اعتبرتها تجسيدًا لتعلق الساكنة بموروثها وهويتها.
وثمّن الحزب الانفتاح الذي أبدته السلطات الإقليمية، وخصوصًا في دعوة فعاليات المجتمع المدني لاجتماع تشاوري، وأكد على ضرورة الحفاظ على عناصر الهوية البصرية والهندسية للشرفة، من خلال إعادة استعمال اللونين الأبيض والأزرق، والحفاظ على الأعمدة التاريخية، وحدائق “إسبريديس”، وممرات الرؤية البانورامية نحو البحر.
كما شدد الحزب على أهمية إشراك مهندسين مختصين في ترميم التراث، وتوفير الولوجيات والإنارة المتطورة، مؤكدًا أن نجاح المشاريع مرتبط بمشاركة الساكنة في كافة مراحل التنفيذ.
العدالة والتنمية: تثمين للمشروع مع دعوة لتصويب بعض الاختلالات التقنية والجمالية
الكتابة المحلية لحزب العدالة والتنمية بالعرائش عبرت بدورها عن دعمها لمجمل المشاريع الجارية لتأهيل الواجهة البحرية للمدينة، وثمنت التدخلات الهادفة إلى إنقاذ الشرفة من الانهيار، وتوسيعها لضمان فضاءات أرحب.
لكن الحزب سجل مجموعة من الملاحظات التي وصفها بـ”الأساسية”، أبرزها الدعوة إلى اعتماد اللونين الأبيض والأزرق السماوي بدل الألوان الحالية، وإعادة العريشات، وتوسيع المجال الأخضر مع تحسين طرق الري، وتطوير المسرح الرمزي، وتقوية الإنارة بطريقة متناسقة مع السور الحاجز.
كما اقترح الحزب إعادة ترصيف الأرضية بالزليج بدل “الپافي”، واستعمال ما تم نزعه في مناطق ناقصة التجهيز، داعيًا إلى إشراك المثقفين والمهندسين المحليين في تقييم المشروع الحالي والمراحل المقبلة.
توجه موحد.. وتأكيد على المقاربة التشاركية
رغم اختلاف مواقع الأحزاب الثلاثة ، إلا أن بلاغاتها توحدت حول جوهر المطالب، المتمثل في:
الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري للشرفة الأطلسية.
استعمال رموز المدينة اللونية والمعمارية في عملية التهيئة.
الانفتاح على المجتمع المدني والنخب المحلية خلال التنفيذ.
مواكبة المشروع تقنيًا وفنيًا بشكل يليق بمدينة لها وزن ثقافي وسياحي.
ويأتي هذا الإجماع السياسي في سياق احتقان محلي غير مسبوق بسبب تغييب رأي الساكنة في مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع، ما ينبئ بانفراج ممكن إذا تم التفاعل الإيجابي مع هذه المواقف وتوصياتها.
وعقد اجتماع موسع بين فعاليات مدنية وممثلين عن السلطات اليوم الثلاثاء المقبل لمناقشة الملاحظات التقنية المرتبطة بالشرفة الأطلسية، ما قد يشكل فرصة لإعادة ضبط المشروع بما ينسجم مع انتظارات المدينة وتاريخها.