أوصى مشاركون في اليوم الدراسي حول “واقع المقاولة الصغرى بالمغرب، ورهانات التطوير” السلطتين التشريعية والتنفيذية، بضرورة مراجعة شروط الدعم والتمويل والولوج للعقار وتبسيط شروط المشاركة في الصفقات وسندات الطلب، أمام المقاولات الصغيرة والتي تشكل أزيد من 90 بالمائة من النسيج الاقتصادي في البلاد، مطالبين الحكومة مراجعة التدابير والإجراءات والشروط المجحفة التي تحول بينها وبين الحصول على تحفيزات عمومية.
ودعا أرباب شركات صغرى في اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، بشراكة مع الهيئة المغربية للمقاولات، يوم الأربعاء 18 يونيو، إلى حمايتهم من الإجحاف الضريبي والثقل الجبائي، والمنافسة أمام القطاع الغير المهيكل، محذرين من أن استمرار مظاهر الاحتكار والهيمنة للشركات الكبرى يهدد الاستقرار الاجتماعي لآلاف فرص الشغل بالمقاولات الصغيرة.
في هذا الصدد، انتقد عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق البرلماني لحزب الاتحاد الاشتراكي بالبرلمان، تداعيات الهوة الشاسعة ما بين الواقع المهني وما بين النصوص التنظيمية والتدابير الإجرائية للبرامج الحكومية، منبها إلى أن الأرقام السنوية لإفلاس الشركات تنذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
وأشار عبد الرحيم شهيد في الجلسة الافتتاحية التي ترأستها البرلمانية سلوى الدمناتي، إلى أن الإحصائيات الأخيرة، سجلت ارتفاع وتيرة المقاولات المفلسة، بلغ معدلها السنوي 33 ألفا سنة 2023، مُعزيا هذه الأرقام إلى تأخر نصوص تشريعية، وعدم استجابة الحكومة لمقترحات الفرقاء السياسيين في مجلس النواب، وهو ما يتنافى مع مبادئ الحكامة والمساواة في الاستفادة من الموارد العمومية المعبأة من الدولة.
من جانبه، قال رشيد الورديغي، رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، إن التحديات الأكثر قلقا تتمثل في صعوبة الولوج للتمويل، ونقص المواكبة والتكوين، وعوائق المشاركة في الصفقات العمومية، وضعف الاستفادة من برامج الدعم، بالإضافة إلى المنافسة غير الشريفة من القطاع غير المهيكل وظاهرة الاحتكار، وهو ما يفسر ضعف مساهمتها في نسبة النمو والتي لا تتعدى 3 بالمائة، حسب الإحصائيات الرسمية.
وأبرز في معرض مداخلته بالجلسة الافتتاحية، أن المقاولات الصغرى التي تشغل أقل من 50 عاملا، تساهم بحوالي 75 في المائة من مناصب الشغل القارة المسجلة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مؤكدا أن هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات جافة، بل هي قصص نجاح يومية، وفرص عمل مستدامة، ومصادر رزق لعائلات مغربية لا حصر لها.
ونبه رئيس الهيئة المغربية للمقاولات، إلى أن الإحصائيات الرسمية تتحدث على أن 75 في المائة من الشركات الصغيرة لا تصمد أكثر من 3 سنوات من تاريخ تأسيسها، وهو ما يدق ناقوس الخطر يتطلب من السلطات العمومية، والمؤسسات المالية، والفاعلين الاقتصاديين، تدخلاً عاجلاً وفعالاً. إن بقاء هذه المقاولات واستمرارها ليس خياراً، بل ضرورة ملحة لضمان استقرارنا الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق طموحات شبابنا في بناء مستقبل واعد، على حد تعبيره.
في سياق متصل، تقاطعت مداخلات ممثلو الجمعيات المهنية وممثلو شركات ناشئة وصغرى تشغل أقل من 10 أشخاص، إلى الإكراهات والإشكالات التي تواجهها، مؤكدين على أن الحكومة تعلم بهاته المشاكل لكن ليست لديها إرادة ولا على رغبة لتغيير الوضع القائم في ظل تمدد ظاهرة “الفراقشية”.
وحذر المتحدثون من هيمنة المقاولات الكبيرة على الامتيازات والتحفيزات المختلفة، حيث تستفيد من 56 في المائة من الدعم العمومي الموجه للإنتاج، في حين لا يتعدى تحصل سوى 15 في المائة من المقاولات الصغرى على الدعم والقروض.
وطالب المتحدثون الحكومة العمل على إيجاد حلولً متكاملة تشمل إصلاح نظام التمويل، وتعزيز المواكبة والتكوين المستمر، وتمكين المقاولات الصغرى في الصفقات العمومية، وتحسين برامج الدعم، ومواجهة المنافسة غير الشريفة، والحد من مظاهر الهيمنة والاحتكار في الطلبيات العمومية، من أجل ضمان إنتاجية الشركات الصغيرة واستدامة توفيرها لفرص الشغل.
بدوره، تطرق عضو مجلس النواب عن الفريق الاشتراكي، عبد القادر بن الطاهر، إلى اختلالات المراسيم التنظيمية لميثاق الاستثمار، مشيرا إلى أن شروط الولوج للدعم للمقاولات الصغرى تبدأ من رقم معاملات 100 مليون سنتيم في السنة، معتبرا أن مبلغ مليون الدرهم هو طموح آلاف الشركات الصغيرة لتحقيق، داعيا إلى تخفيض هذا الرقم حتى لا تتحول آلية الدعم إلى آلية إقصائية تفوق إمكانيات المقاولات الصغرى خصوصا في الجهات والأقاليم الهشة.
تجدر الإشارة إلى أن اللقاء الدراسي، جرى في جلستين ومناقشة عامة خصصت للإنصات لرواد الأعمال، والمرأة المقاولة، وعرف مشاركة كل من الكاتب العام لوزارة الاستثمار والالتقائية والسياسات العمومية، إبراهيم بنموسى، ومدير التشغيل بوزارة الإدماج الاقتصادي، سمير اجرعام، وأمل الإدريسي، المديرة التنفيذية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، ونواب برلمانيين من حزب الاتحاد الاشتراكي، وممثلو الهيئات المهنية.