مقالات الرأي
بوعشرين يكتب.. البام يواجه عزلة قاتلة
اتهم الياس العماري حزب العدالة والتنمية الفائز في اقتراع السابع من اكتوبر ( بالانخراط في مشروع دعوي متوحش العقيدة ،مشروعا أمميا جبارا فائق الوسائط التواصلية والموارد اللوجستيكية والمادية وله قدرة على تجنيد شبكات التواطؤ والعمالة الداخلية والخارجية) …هذا بكاء على اطلال السابع من اكتوبر وهو عويل ناتج عن الصدمة ولهذا لن يلتفت اليه احدا، لكن في نفس الوقت هذا المانيفستو الاسود فيه اهانة لاكثر من ١،٨ مليون مغربي الذين وضعوا ثقتهم في هذا الحزب وصوتوا له وفيه احتقار لذكاء المغاربة شعبا وموسسات اذ كيف يسلم المغاربة رئاسة الحكومة الى حزب متوحش وكيف يسمحون له بدفع ١٢٥ نائبا عميلا الى البرلمان ؟ قد يخسر المرء الانتخابات لكن لا يجب ان يخسر عقله ومنطقه لانه انذاك فقد القدرة على تعويض خسائره ولو بعد قرن … هذا يسمى في التحليل النفسي إنكار الواقع déni de réalité وهو مرض يمنع صاحبه من رؤية الواقع كما هو فيلجأ الى انكاره ضنا منه ان هذا هو الحل للهروب من تبعاته وضغوطاته..
الان لنخرج من التحليل النفسي السيكولوجي الى التحليل السياسي ، الخاسر الاكبر في انتخابات الجمعة هو مشروع ( التحكم) وواجهته الحزبية الاصالة والمعاصرة فرغم حصوله على ١٠٢ مقعدا ورغم مضاعفة أرقامه السابقة فانه يبقى الخاسر الاكبر لماذا ؟
اولا لانه ليس حزبا عاديا كان يتبارى مع احزاب اخرى على اصوات الناس بل هو مشروع سياسي ولد في كنف حجر سلطوي وكان يعلن ان هدفه الاول والاخير هو الفوز بالمرتبة الاولى في انتخابات ٢٠١٦ لتشكيل حكومة ونزع السلطة التنفيذية من يد حزب العدالة والتنمية ولهذا فان نجاحه او فشله يقاس بنوع الاهداف التي سطرها فلو مثلا كان حزب العدالة والتنمية قد جاء في الصف الثاني وليس الاول حتى وان حصل على ١٥٠ مقعدا فان الراي العام سيعتبره انهزم لان بنكيران اعلن ان هدفه هو الوصول اولا الى خط النهاية …
ثانيا اعتبر البام اكبر الخاسرين لانه ( تورط مع جهات في السلطة ) في افساد العملية الانتخابية ولولا تصويت المغاربة بقوة على الحزب ولولا وجود اطراف عاقلة في الدولة رفضت الانسياق الى النهاية في هذا المسار لكن المحظور قد وقع والمواطنون اليوم يتداولون الاف الأدلة والوثائق والفيديوهات والشهادات والقرائن والمحاضر التي تشكل اساسا قانونيا لفتح تحقيق معمقا لو كان في البلاد قضاء مستيقض ومتنبه لدوره في حماية الاختيار الديمقراطي لكن وبما اننا في بلاد فيها محاكم وليس فيها عدالة فان قضاء الراي العام والتاريخ سيحكم في هذه النازلة .
ثالثا: الفريق الذي حصل عليه البام في مجلس النواب والمكون من ١٠٢ برلمانيا جلهم سيدخل لاول مرة الى قبة التشريع واكثر من ثلثيهم سيحضر مرة في السنة الى البرلمان اثناء افتتاحه هولاء لن يستطيعوا مراقبة الحكومة ولا المساهمة في التشريع وبالتالي سيشكلون كتلة برلمانية بالروح تقريبا ولا قدرة على انتاج خطاب معارض من داخل البرلمان …
اذا نجح عبد الاله بنكيران في ضم احزاب الكتلة الثلاثة الى الائتلاف الحكومي ( الاستقلال والاتحاد والتقدم والاشتراكية ) مع العلم ان المقاعد التي بحوزتهم تعطيهم اغلبية مريحة دون اللجوء الى حزب الحمامة المتلونة ولا الى حزب السنبلة المتعبة فانه سيفرض عزلة قاتلة على البام وسيحرم الجرار من حلفاء يدفيء بهم ظهره في المعارضة ويأكلهم عند كل انتخابات، لقد ظهر لشباط ولشكر ان ركوب الجرار لا يودي الا للخسارة وان البام لا ياكل من كعكة المصباح ولكنه يتغدى على طعام الوردة والميزان لقد نبهنا الى هذه الظاهرة اقتراب الاستقلال والاتحاد من البام لكن لا حياة لمن تنادي لان الرفيق لشكر أقفل عقله السياسي اعطى المفتاح الياس العماري وشباط ادخل حزب علال الفاسي الى كازينو القمار السياسي ولما خسر خرج يبكي ويقول ان القمار حرام …
اذا فطن بنكيران الى ألاعيب حزب الاحرار الذي أزاح ( الفعفاع) وراح يحتمي( بمول الغاز) في محاولة لرجوع الاثنين الى الحكومة رغم كل المشاكل التي خلافاها وآرائهما ولاستئناف العمل الذي بداه في الولاية الاولى وهو دق مسمار جحى في بيت الحكومة ،ومنع اي انسجام داخلها، وحماية اطر الادارة الذين وقفوا في وجه رئيس الحكومة وإصلاحاته وشكلوا ( خلية نشيطة) في وزارة المالية وغيرها من المراكز الحساسة خلية تتغدى مع رئيس الحكومة في النهار وتتعشى مع البام في الليل ولا يعرف احد ان تقضي الليل…
اذا نجح بنكيران في ضم الاستقلال والاتحاد الى حكومته واذا استوعب لشكر وشباط الدرس وقررا فتح صفحة جديدة ليس مع بنكيران ولكن مع الراي العام الذي أعقبهما على جريرة زواج متعة عقداه خارج الطبيعة مع حزب الدولة فان الجميع سيخرج رابحا من وراء الائتلاف الحكومي الجديد الذي امامه تحديات كثيرة ومهام جسيمة ، اذ ذاك سيراجع الذي اشترى ( فكرة البام ) حساباته وسيدرك معنى المثال الذي يقول ( ليس كل ما يلمع ذهبا )