آخر
“أمسية تكريمية لسعاد الشنتوف في رمضانيات طنجة الكبرى”

في أمسية الاعتراف بالفعل الجمعوي، استضاف رواق محمد اليوسفي بدار الشباب بطنجة، الفاعلة الحقوقية والمناضلة النسائبة سعاد الشنتوف الرحموني، في إطار برنامج رمضانيات طنجة الكبرى، في نسخته الرابعة، والذي تنظمه مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي.
في بداية اللقاء قال رئيس المؤسسة، عبد الواحد بولعيش، إنه لا يجد العبارات المناسبة لوصف هذه الأمسية التي ليست كباقي الأمسيات، وأن اختيار سعاد الشنتوف لتكون ضيف هذه الأمسية ليس اختيارا عاديا، لأنها سليلة أسرة النضال الجمعوي، وهي الفرد في صيغة الجماعة، “ونحن نفخر بها كل الفخر، وسعداء بوجود نساء مناضلات وفيات للمبادئ والأخلاق بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، يقول بولعيش.
وأضاف “سعاد الشنتوف وحدها استطاعت أن تستقطب في هذه الأمسية كل هذه الوجوه، وهي وجوه مناضلة ومن طينة نادرة”.
وقدمت اللقاء، بتألق، الأستاذة كاميليا بوطمو البقيوي، وقالت إن
لسعاد الشنتوف الرحموني أيادي بيضاء في كل المجالات التي اشتغلت بها لسنوات طويلة.
وشكرت المحتفى بها، سعاد الشنتوف، مؤسسة طنجة الكبرى على هذه الأنشطة التي ليس من السهل أن تستمر، لكنها تواصل ذلك بإصرار وتصل موسمها الرابع باستماتة كبيرة، وبانفتاح على كل الفعاليات، تقول سعاد الشنتوف.
وتحدثت الشنتوف عن نشأتها في بيت حقوقي ومن أسرة متوسطة في طنجة لأب موظف ووالدة معلمة الخياطة و8 أشقاء، والأب كان متفرغا للعمل السياسي، والوالدة كانت متفرعة لدعمه.
وتقول سعاد الشنتوف “كان منزلنا مقصدا لكثير من الأشخاص من ذوي التوجه السياسي الواحد، وفي سنة 1963 تعرض الوالد للطرد من العمل والنفي من طنجة نحو ورزازات لأكثر من سنة، ثم تازة، وأصرت الوالدة على مرافقته. هكذا عشنا زخما كبيرا في أسرة دينامية متفاعلة مع الواقع والأحداث”.
وتضيف الشنتوف في لحظة بوح حميمية “تأثير الأب واضح، فقد كان صديقا ومرافقا لنا في الحياة ومدبرا حكيما للخلافات داخل البيت وخارجه. لقد كنا نتناقش باستمرار ونختلف معه في كثير من الأشياء، ولم يكن يفرض علينا آراءه، أحيانا نرفع شعارات ضد حزبه، ويبقى الحوار مفتوح دائما.
وأضافت الشنتوف “الوالدة كانت تعرف جيدا قيمة الوقت والعمل، وكانت ترافقنا عندما نذهب لدار الشباب أو مشاهدة المسرحيات وغير ذلك، وترافقنا للحدائق أيام العطل.
وتقول “تربيت أيضا بصرامة في البيت. كان الانضباط هو الأساس، وكنا ملزمين بترتيب شؤون منزلنا والخضوع لإجراءات صارمة حتى فيما يخص مواعيد مشاهدة التلفزيون”.
وتضيف “أتذكر أيضا خالتي التي منحتنا الكثير من الحنان، خصوصا خلال فترة مرض والدتي”.
وتحدثت سعاد الشنتوف عن دراستها التي كان لها تأثير كبير على مسارها، حيث واصلت الدراسة الجامعية في فاس، وتزامن ذلك مع فشل مؤتمر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وقضية “الأواكس” الجامعي”.
وتقول “كانت فاس مدرسة للتكوين اليومي، سياسيا ومدنيا، فالذين كانوا يؤطرون الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من العيار الثقيل سياسيا وفكريا. كما أني كنت من الأجيال الأولى التي عانت البطالة الجامعية، حين تم إلغاء الخدمة المدنية”.
وتحدثت عن فترة عملها بعمالة مكناس وقالت إنها كانت تجربة مهنية كبيرة في مجال إعداد التراب. كما اشتغلت في مراكز الاستثمار الجهوي بجهة مكناس تافيلالت، وتقول “ما أدركته وقتها هو أن العمل في وزارة الداخلية يتطلب تطبيق الأوامر وألا تناقش.. وطوال فترة عملي تعرضت لعقوبات وتلقيت إنذارات. كانت تجربة مريرة على العموم. لكن كانت هناك فترة حسن أوريد حين كان واليا على المنطقة فمنحني هامش حرية كبير”.
وتضيف “اليوم يوجد وضع مختلف تماما، ووزارة الداخلية تغيرت كثيرا، وبها الكثير من الكفاءات والخبراء.د”.
وحول توجهها للعمل المدني والميداني قالت سعاد الشنتوف الرحموني إن اهتمامها بدأ يتجه نحو حقوق النساء، وكان هذا اختيارا، لأن النساء هن المنسيات في العالم، وأن الفعل النسائي هو فعل مدني من داخل قلب المجتمع، وهو ليس معاداة للرجال، بل وسيلة لكي نبني المجتمع معا نساء ورجالا لخلخلة المعيار الذكوري وفرض مساواة على مستوى الحقوق”.
وتحدثت الشنتوف بامتنان عن بعض الذين أثروا مسارها الشخصي والمهني، مثل أمينة المريني، التي أثرت فيها كثيرا، وكذلك عبد الله ساعف، الذي قالت عنه “عرفته عن قرب في الرباط في 2007. له أيادي بيضاء على الكثيرين حين كان مشرفا على البحوث الجامعية DSA بالرباط. لقد اشتغلنا مع ساعف في أجواء أكاديمية متفردة ، وقتها اقتنعت بالعمل الجمعوي المحلي بعدما كنت مندمجة في العمل على المستوى الوطني”.
وعن مسارها الحقوقي قالت سعاد الشنتوف “بالنسبة لي لا يكفي أن تنعت نفسك بالشيء لكي تكون فعلا كذلك، فالحقوقي يجب أن يكون مسلحا بالقيم الحقيقية. فالعمل الحقوقي يمنحنا الانسجام مع أنفسنا ومع الآخرين، خصوصا في ظل خطابات مستهلكة رائجة حاليا.
والمجتمع المدني، منذ الثمانينات، كان نضالا كبيرا من أجل الديمقراطية التشاركية”.
وعن مسارها السياسي قالت “كنت في الشبيبة الاتحادية ثم رفاق الشهداء، وأمضيت فترة بسيطة في الطليعة. لكن ارتياحي كان في العمل المدني. فالعملية السياسية تتطلب مواصفات أخرى قد لا أملكها أو لا أحبذها”.
وأضافت “قطعت مع العمل الحزبي منذ أكثر من عقدين وفضلت العمل المدني لأنه يصب في صالح كل الشرائح الاجتماعية، وأشتغل مع كل الأطياف السياسية، لأن البرامج تتطلب خبراء في التنفيذ وليس سياسيين”.
وحول مدونة الأسرة تقول الشنتوف “منذ 2004 كان هناك نقاش عمومي مسؤول. لكن البلد الذي فيه تدين استعراضي من السهل تحويله وخلخلة تفكيره عبر الزعم بأن مدونة الأسرة تهدد الدين والأسرة، بينما المواطن يعيش مشاكل مختلفة”.
واعتبرت الشنتوف أن ورش المدونة وقضايا النساء لا وجود لها في أجندة السياسيين قبل أن تأتيهم الأوامر. مضيفة أن هناك خطاب الكراهية ضد قضايا النساء لأن هناك غيابا للتأطير.
وحول موضوع المرأة الطنجاوية والتنمية في محيطها المحلي قالت “التنمية تتطلب التمكين القانوني والاقتصادي والسياسي، وبدون هذا التمكين لا يمكن أن تكون لدينا تنمية.
على المستوى الاقتصادي مثلا كانت الأمور كارثية. سواء عبر القروض أو التعاونيات، خصوصا في المجال الاقتصادي.
واعتبرت الشنتوف أن الفوارق الجنسية خطيرة وتضعف مساهمة النساء في الدورة الاقتصادية.
وحول دور الإعلام تقول “لدينا نقاش مستمر حول دور الإعلام، الذي يجب أن يرسخ ثقافة التغيير ويتطرق لمشكلات الهشاشة والتحرش في الشوارع وغيرها، أي أن الإعلام يجب أن يلتصق بالقضايا المحلية ويفتح النقاش حول قضايا التنمية.
وختمت الشنتوف بأن المسار النضالي ليس مفروشا بالورود لأن فيه الكثير من الإحباطات والصدمات ويحتاج لكثير من الإصرار والعناد وطول النفس.
وشهدت الأمسية كلمات وتدخلات في حق المحتفى بها، من بينها كلمة مؤثرة لشقيقتها نجاة الشنتوف ولعدد من رفاق هذا الدرب النضالي الطويل.