كوكتيل

ندوة فكرية بطنجة تناقش تحديات ورش الدولة الاجتماعية وآفاقه

في إطار النسخة الرابعة من برنامج “رمضانيات طنجة الكبرى”، احتضن رواق محمد اليوسفي بدار الشباب حسنونة ندوة فكرية ضمن سلسلة “في حضرة الفكر”، تناولت موضوع “ورش الدولة الاجتماعية” بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء في علم الاجتماع والسياسات الاجتماعية.

شارك في الندوة كل من الدكتور عبد الرحمن الزكريتي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عبد المالك السعدي، والدكتورة جميلة العماري، الأستاذة الجامعية المتخصصة في القضايا الاجتماعية، والمهندس محمد أمزيان، الإطار السابق بعمالة المحمدية ورئيس قسم العمل الاجتماعي بولاية طنجة سابقًا، إضافة إلى الدكتور مصطفى الغاشي، الأستاذ الجامعي والعميد السابق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان.

افتتح اللقاء عبد الواحد بولعيش، رئيس مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والثقافي والاجتماعي والرياضي، حيث رحب بالمشاركين وشكرهم على مساهماتهم القيمة في فعاليات “رمضانيات طنجة الكبرى”، مشيدًا بالاستمرارية والتألق الذي يميز هذه المبادرة للسنة الرابعة على التوالي.

أدارت الجلسة الدكتورة نادية العشيري، التي أكدت على أهمية موضوع الدولة الاجتماعية بالنسبة للمغاربة، معتبرة أنه يمثل تحديًا كبيرًا يستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والعمل وغيرها، وفق رؤية ملكية تهدف إلى تعزيز المساواة في الاستفادة من الخدمات الاجتماعية.

في مداخلته، تناول الدكتور عبد الرحمن الزكريتي مفهوم الدولة الاجتماعية من منظور علم الاجتماع، موضحًا أن المصطلح نشأ في الغرب في سياق تاريخي مرتبط بالحروب والكوارث، حيث سعت الدول إلى إعادة الحقوق لمواطنيها بعد فترات من المعاناة. وطرح تساؤلات حول العلاقة بين الدولة الديمقراطية والدولة الاجتماعية، ومدى تأثير نظام الضرائب في تحقيق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الدولة الاجتماعية ليست مجرد مبادرات إحسانية، بل هي نسق تضامني يعزز المواطنة. كما شدد على ضرورة الحفاظ على هذا الورش من خلال النضال المستمر، معتبراً أن الثقافة تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق التوازن الاجتماعي، منتقدًا هيمنة بعض الثقافات على حساب أخرى.

أما الدكتورة جميلة العماري، فأكدت أن الوصول إلى الدولة الاجتماعية جاء نتيجة تراكمات تاريخية، مشيرة إلى دور الحكومات المتعاقبة في دفع هذا الورش إلى الأمام وفق التوجيهات الملكية. واعتبرت أن أزمة جائحة كورونا أثبتت صلابة المجتمع المغربي، لكنها أظهرت في الوقت ذاته الحاجة إلى حكامة قوية لضمان تنفيذ القوانين الداعمة للعدالة الاجتماعية.

بدوره، تحدث الدكتور مصطفى الغاشي عن التحديات التي واجهتها الحكومات المغربية في التعامل مع القضايا الاجتماعية، مشيرًا إلى أن تجربة “الربيع العربي” أبرزت مدى إلحاح المطالب الاجتماعية. واعتبر أن الدولة الاجتماعية لا يمكن أن تتحقق عبر القوانين فقط، بل تحتاج إلى رؤية متكاملة تعالج التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية. كما سلط الضوء على خطب الملك محمد السادس، التي شددت على ضرورة إعطاء الأولوية للجانب الاجتماعي، منتقدًا ضعف أداء الأحزاب السياسية في هذا المجال.

من جانبه، قدم المهندس محمد أمزيان قراءة تقنية لمفهوم “ورش الدولة الاجتماعية”، معتبرًا أن استخدام مصطلح “ورش” يعكس الطابع التدريجي لهذا المشروع. وأوضح أن المغرب يسير في مسار متوازن لبناء نموذج خاص به، رغم تأثير السياسات الدولية على بعض القرارات الاجتماعية. وأشار إلى أن الدولة اتخذت خطوات مهمة في هذا السياق، بدءًا من التقويم الهيكلي وصولًا إلى دستور 2011، لكنه حذر من خطورة “مأسسة الفقر”، مشددًا على ضرورة إدماج الاقتصاد غير المهيكل في المنظومة الاقتصادية الوطنية.

في ختام الندوة، شكر عبد الواحد بولعيش المشاركين على مساهماتهم، وتم تقديم دروع تذكارية للمحاضرين والتقاط صورة جماعية توثيقًا لهذه الندوة الفكرية التي شهدت نقاشًا غنيًا حول مستقبل الدولة الاجتماعية في المغرب.

 

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق