آخر

الجمعيات الكشفية الفرنسية بالمغرب في ظل الاستعمار ونشأة  الحركة الكشفية المغربية

بقلم : الأستاذ عدنان المعز

رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث

عضو القيادة العامة لجمعية كشافة المغرب

  1. الفرق الكشفية الفرنسية بالمغرب النواة الأولى لنشأة  الكشفية المغربية :

أسس اللورد بادن باول الحركة الكشفية  سنة 1907  بأدبيات وطرائق جديدة وممتعة استرعت اهتمام الفتية بإنجلترا فتوسع عدد المنخرطين بالحركة  بشكل كبير وفي مدة قصيرة   ،  وستحظى الحركة  بنفس الاهتمام خارج إنجلترا  حيث عرفت انتشارا واسعا وسريعا بالقارة الأروبية في بداية الامر ثم شمل الانتشار باقي بقاع العالم ، وبالنظر الى الطريقة الجديدة التي أتت بها الحركة الكشفية والقائمة على التعلم بالممارسة داخل فرق صغيرة  في جو من الحماس واللعب ، مما شكل ثورة على مناهج وطرائق  التربية السائدة أنذاك بالقارة العجوز ، ان ظهور الحركة الكشفية مثلا في فرنسا  لم يتأخر كثيرا  حيث ستظهر أول فرقة  كشفية فرنسية سنة 2011  ، وسيتم تأسيس مجموعة من الجمعيات تباعا حيث ظهرت الكشافة الفرنسية (المحايدة) LES ÉCLAIREURS DE FRANCE (NEUTRES) و الكشافة  المتحدة الفرنسية (البروتستانت)  LES ÉCLAIREURS UNIONISTES DE FRANCE (PROTESTANTS) ، وبالنظر الى معارضة الكنيسة الكاثوليكية بداية الامر  لتأسيس جمعية كشفية  سيتأخر ظهورها الى غاية 1920  تاريخ تأسيس جمعية الكشافة الفرنسية (الكاثوليكية) LES SCOUTS DE FRANCE  .

كما ستتميز الحركة الكشفية الفرنسية سواء في هاته المرحلة المتقدمة من نشأة الفرق والجمعيات الكشفية أو بعدها بقرن من الزمن بخاصية ظهور الاتحاد الكشفية وانصهار  الجمعيات لتشكيل جمعيات كبرى جديدة ، فمثلا تم انشاء  اتحاد الكشافة (FFE)  عام 1921  جمع  بين الاتجاهات الثلاثة (المحايدة، الكاثوليكية  والبروتستانتية)، و سيتم تشكيل أول وحدة نسائية يهودية  بالكامل في عام 1926. وتم احداث  جمعية الكشافة اليهودية في فرنسا ومرشدات فرنسا (الكاثوليكية) في عام 1923 ، كما تم إنشاء مكتب مشترك بين  (مرشدات والكشافة ) ولجنة اتصال (الكشافة والمرشدات) في نفس العام. و ستعمل الحركة الكشفية  الفرنسية على تعزيز الروابط بين جميع الجمعيات الكشفية  الفرنسية  سنة  1940 ، وبالنظر لاحتلال فرنسا للمغرب وفرضها نظام الحماية سنة 1912  سيتكثف الوجود الفرنسي بالمغرب ، وبالتالي ظهور فرق لهاته الجمعيات الكشفية الفرنسية في عدة مدن مغربية لتربية أبناء الجالية الفرنسية ، فرق كشفية لم تبقى حكرا على الفرنسيين بل فتحت أبوابها لأبناء المغاربة مسلمين ويهود ، والتي ستشكل المدرسة الأولى للمغاربة قبل تأسيس فرق كشفية مغربية مستقلة سواء في المنطقة الاسبانية أو الفرنسية .

  1. ظهور الفرق الكشفية الفرنسية بالمدن المغربية

أ – نشأة  الحركة الكشفية الفرنسية  في مدينة مراكش  منذ عشرينيات القرن الماضي :

بعد فرض الحماية الفرنسية سنة 1912 توافد العديد من الفرنسيين الى المغرب للعمل في الإدارات  المغربية المشكلة من طرف الإقامة العامة أو كتجار ومقولين ومقدمي الخدمات… ، ورويدا رويدا تشكلت جالية فرنسية مهمة أصبحت تشكل مجتمعا شبه مغلق خاص بها ، فتم احداث  مجموعة من التشكيلات المجتمعية التي كانت موجودة في فرنسا أنذاك من قبيل النقابات ، والمدارس الخاصة ، الروابط المهنية ،  الجمعيات الكشفية…. ، فتشكلت بذلك مجموعة من الفرق الكشفية التي تتبع جمعيات كشفية تأسست في فرنسا ، فظهرت  في مدينة مراكش الحاضرة المغربية التي كانت  بمثابة عاصمة جنوب المغرب أنذاك بالنسبة للاستعمار الفرنسي ، جمعية كشافة الاتحاد الفرنسي بداية  ،  ثم تلتها سريعًا كشافة فرنسا، والتي ضمت في ذلك الوقت عددًا قليلًا من الكشافة اليهود و الكشافة المسلمين ، الذين سيشكلون النواة الأولى لكل من الجمعية الكشفية اليهودية ثم الكشفية الإسلامية الحسنية بالمغرب سنة 1933 . و كما أسلفنا الذكر فلقد تم إنشاء جمعيتي  (SDF، GDF) ذات التوجه  الكاثوليكي في وقت لاحق، لأن التسلسل الهرمي الكاثوليكي عارض انشاء الكشافة في البداية، ثم لاحظت الكنيسة  أن الشباب الكاثوليك كانوا يسجلون في جمعيتي كشافة فرنسا و الكشافة المتحدة  EDF أو EU فتبعا لذلك تم إنشاء حركته الكشفية الذكورية الخاصة بالكاثوليك  في عام 1920 SDF Scouts de France،  وتم اشتراط تواجد قس  لكل وحدة من الوحدات الكشفية  حيث نجد كل صور الفرق الكشفية التابعة للجمعية بوجود قس يلبس الزي الكهني الخاص به ،  كما انهم رفضوا  في البداية إنشاء حركة  كشفية نسائية خاصة بهم .

في مراكش كانت أولى هاته الجمعيات في الظهور  جمعية الكشافة الاتحادية (ذات التوجه  البروتستانتي ولكنها  كانت مفتوحة للجميع) وذلك في  بداية عشرينيات القرن الماضي .  ومن خلال البحث في ادبيات هاته الحقبة التاريخية التي شكلت بداية الحركة الكشفية الفرنسية بالمغرب، وجدنا شهادة للسيدة جولييت بولاك إحدى قائدات كشافة فرنسا بالمغرب تتذكر تلك الحقبة التاريخية حيث تقول بأن القائدان  الذين ساهموا في تأسيس الفرق الكشفية التابعة لجمعية كشافة فرنسا بالمغرب هما موفلون تينكيرر (روجيه بيرينود) وفوكس أون ذا لوك أوت (سيبليراس) ، ويلاحظ ان القائدة تستعمل اسم القائدين بالإضافة الى لقبها الكشفي ،وتضيف بأن تأسيس أول عشيرة للجراميز ( الأشبال ) كان بين عامي 1920 و1921، مع باغيرا  (مارثي برونيكيل) في بدايات ظهور الجمعية الكشفية .  وافتتحت جولييت بولاك  في فترتها عشيرة  الجراميز SDF في عام 1929 وكان القائد  هارولد مارال   Harold Maral.[1] قد أسس أول فرقة من الكشافة الفرنسية في عام 1927 ، كما تأسست بعد ذلك في مراكش   فرقة ” Les Jeannettes et les Guides ”   بين عامي 1939 و1940  ، وشغلت القائدة  جولييت بولاك  في حياتها منصب رئيسة للصليب الأحمر في مراكش و توفيت في فبراير 1996. [2]  لتترك لنا شهادة قيمة عن فترة تأسيس الفرق  الكشفية الفرنسية بالمغرب .

وكانت الأنشطة الكشفية في تلك الفترة بمدينة مراكش والدار البيضاء  وغيرها من المدن المغربية ، تمارس في الهواء الطلق بالغابات ،المتنزهات والمخيمات التي شيدت بجبال الاطلس ، وللوقوف على هاته الفترة التاريخية نسوق مقتطف من كتاب للمؤلفة اليهودية من أصول مغربية زريهين-دفير ( بينيتو والكشافة “ذات مرة كانت هناك مراكش اليهودية ) يؤرخ لتلك الفترة  حيث تقول ” مع حلول فصل الربيع نظمت الحركة الكشفية un gymkhana   لجميع أتباعها اليهود المغاربة   ، كان المخيم الواقع بالقرب من الدار البيضاء يمتد على مساحة واسعة غير مبنية ، خالية من النباتات ويقطعها نهر ،  جمع هذا التجمع الضخم كل  الكشفية  اليهودية بالمغرب، أولادًا وبناتًا ، صغارًا وكبارًا.  فلقد خرجت الحافلات والقطارات محملة بمجموعات من الأطفال والشباب والفتيات، يرتدون زيهم الرسمي ويحملون حقائب الظهر الثقيلة. تحت إشراف مرشديهم فتوزعت  المجموعات المختلفة على القطاع المخصص لها وبدأت في نصب خيامها” .  ففي هذا الكتاب تشير الكاتبة الى النشاط  الكشفي الذي كان يمارس تحت تأطير القادة  ، حيث التجمعات الوطنية للكشفية اليهودية بالدار البيضاء ، مراكش ، رأس الما و خرزوزة  ثم المشاركة الدولية بعد ذلك في الملتقيات الكشفية  الدولية .

كما وجدنا في كتاب جماعي لمجموعة من رواد الحركة الكشفية اليهود المغاربة  عنوانه   “Le Souffle Vespéral” رقم 16-1993. وهو عبارة عن شهادات موثقة لتلك المرحلة الجميلة والغنية من تاريخ المغرب الكشفي ، طريقة انتظام الحركة الكشفية بمراكش والاحداث التي طبعت تلك المرحلة التي عرف معها المغاربة اليهود المنتسبين للحركة الكشفية طعم السعادة في لعبة الكشف حيث توثق  قائدة كشفية لها لقب كشفي الهدهد المتحمس (راشيل بيراهيا) 1938-1942 عن بداياتها كقائدة كشفية  في مراكش عام 1938، وتدريبها مع مارابوت (جول روش)، المفوض المحلي لكشافة فرنسا وكشافة اتحاديو فرنسا  Éclaireurs de France وÉclaireurs Unionistes،  حيث تشير إلى عشيرة  الجراميز  ( الأشبال )  الذي كانت موجودًا قبل بداياتها حيث قالت  ” كنت أعرف أقل عن  بعض شيوخ القطيع : هاربون، وأسولين، وأبو ، وغيرهم. حاولوا مساعدتي وإعلامي بالطقوس، إلى درجة أن الآخرين وافقوا ذات يوم على أن يصرخوا بدلاً من “أكيلة”، “أسولين، سنبذل قصارى جهدنا، أفضل-أفضل، أفضل-أفضل”. لقد عاد كل شيء إلى طبيعته عندما تم إرسال هؤلاء الشيوخ إلى الكشافة ” . وبالتالي فمن خلال هاته الشهادة نستطيع الوقوف على  تاريخ الحركة الكشفية  المغربية بعد 1938 حيث كانت تمارس في ظل الجمعيات الكشفية الفرنسية  ، وأيضا يمكننا القول ان المكون اليهودي للمغاربة كان أكثر تواجدا بالفرق الكشفية الفرنسية  التي ظهرت بالمغرب في ذلك التاريخ . وتقول القائدة في حديثها عن تلك المرحلة  بوصفها لأنشطة فرقة الكشافة سنة 1939  “كان أطفال مراكش يتمتعون بحيوية غير عادية. كانت اجتماعاتنا يوم الأحد في الساعة 7:30 صباحًا وقمنا بقطع  مسافة 10 كيلومترات في يوم واحد في غابة أوكالبتوس و بستان النخيل، وهي ريف حقيقي لم يعد موجودًا في فرنسا، بالقرب من المدن. كان هؤلاء الأطفال غير قابلين للتدمير ( في إشارة لحركية الأطفال وحبهم للنشاط الكشفي ومقاومتهم للإعياء ). وكانت  أم أحد الجراميز  قالت لي ذات يوم ، ماذا تجعلهم يفعلون؟ لقد سقط كالحجر في ليلة الأحد ونام دون عشاء.  لقد كان عمري أنذاك  19 عامًا، وكنت لا أعرف الكلل أيضًا.  كانت اجتماعاتنا يوم الأربعاء تتم في المقر ، وهو عبارة عن بيت عربي في وسط المدينة حيث كانت كل غرفة تشغلها وحدة كشفية. » و في شهادة  أخرى وثقتها هاته (راشيل بيراهيا)  صرحت بان من أهم  المحطات الفارقة  في تاريخ الحركة الكشفية بمراكش تنظيم استعراض كشفي سنة  1941 يجمع  كل كشافة  مراكش، أمام بوروترا [3]وزير الشباب والرياضة  في حكومة فيشي[4] التي كانت تحكم فرنسا أنذاك بعد هزيمتها أمام ألمانيا النازية  ،  وتضيف القائدة في وصفها للأنشطة  في تلك الفترة “أرى بشكل خاص صورًا  للأطفال الضاحكين الذين يدخلون الغابة المشمسة ويغنون “ما أجمل الطبيعة في الهواء الطلق مثل موكلي”؛ وأنا معهم، فخورة بارتداء السراويل الواسعة – لم تكن السراويل موجودة بعد بالنسبة لنا   ( تقصد النساء ) و أشعر بالقرب منهم من خلال أحاسيسي…

في شهادة أخرى موثقة بنفس الكتاب للسيد لوسيان يوسف كامهي ووالده رينيه كامهي  تحت عنوان  ذكريات لوسيان يوسف كامهي عن الكشافة مابين  1947 – 1963 يتحدث القائد الكشفي في عام 1946  أصدر “زوزيو” (الطائر المحاكي)، المفوض الرئيسي لكشافة فرنسا   EDF ، تعليماته إلى والدي (رينيه كامهي) باختيار دورية من الكشافة اليهودية “للمشاركة مع ثلاث دوريات أخرى (E.U., SDF, EDF, neutre) ،  في اجتماع دولي في الدنمارك.  ويقول في وصفه للأجواء هناك  ” كان الترحيب من الدنماركيين حارًا بشكل خاص ما زلنا نحلم به … كانت خيامنا  محاطة بازدحام كبير ، وخاصة خيمة مغربي ذو بشرة داكنة جدًا … في هذه الدورية كان هناك العديد من سكان الدار البيضاء والمراكشيين : جورج عبو، والدته السيدة عبو، المولودة بنسوسن، كانت معلمة في التحالف في مراكش لسنوات عديدة، وأنا  أيضا .”

وتؤرخ هاته الشهادة للمشاركة المغربية في اللقاءات الكشفية الدولية  تحت جناح السلطة الاستعمارية الفرنسية أنذاك  ، حيث سيتطرق لوسيان يوسف كامهي الى جزء من هذا التاريخ المنسي في الحركة الكشفية المغربية ، حيث يقول في شهادته  في عام 1947، اختار والدي فرقة يهودية بأكملها للمشاركة في المخيم الكشفي الذي أقيم بعد الحرب العالمية الثانية، وهو “مخيم السلام”  « Jam de la paix » في مواسون على مقربة من باريس، حيث اجتمع 42 ألف كشاف من جميع أنحاء العالم. كانت هذه الفرقة بقيادة رجل مراكشي، أسولين (سيجون) وكان معه جيلبرت بوجو نائبًا له ولوسيان جوزيف كامهي (درومادير) مساعدًا له، وكان من بين الكشافة الشباب من مراكش، من بين آخرين، أندريه جولدنبرج وأخي الأصغر، رايمون”.  لزيارة هذا المخيم العملاق، كان بإمكانك، مجانًا “.

ونجد أيضا ذكريات مهمة ل رينيه كامهي، مفوض EDF  كشافة فرنسا  الذي تم تعينه في هذا المنصب الذي قال  : “عندما وصلت إلى مراكش في عام 1947 كان من دواعي سروري العثور ليس فقط على فرقة منظمة جيدًا ولكن أيضًا على أرض خصبة لقادة من بين الجراميز السابقين للقائدة  راشيل بيراهيا. لقد تمكنت من تطوير الحركة وتكوين مجموعتين وفرقتين ،  وفريق رائع من الرواد الذين شكلوا معًا مجموعة أطلس، وهي الأكبر في المغرب، مع علمها (من عمل أوكنين) ونشيدها “Vers les cimes” ..

في مخيم باد إيشل عام 1951[5] تم تعيين رينيه كامهي رئيسًا للوفد الكشفي المغربي بكامله  ويعلق على الرحلة ” لقد أخذنا القطار عبر فرنسا وسويسرا والنمسا والمناظر الطبيعية الخضراء والألوان المتلألئة في تيرول، وتوقفنا في إنسبروك ثم سالزبورغ. وجبات الطعام، الاستحمام، في الهواء الطلق… التجول في المدينة، والتسوق لشراء الهدايا التذكارية. وصلنا أخيرًا إلى موقع باد إيشل الذي لا يُنسى بالقرب من المقر الصيفي السابق للعائلة الإمبراطورية، في غابة الصنوبر الرائعة وبالقرب من بحيرة يقع على حافتها فندق Auberge du Cheval Blanc الشهير. ” توقفنا في سالزبورغ، ولاحظنا القائد  هـ. أسولين  في اليوم الأخير قبل المغادرة كان هناك عرض عام حيث سارت جميع الفرق ، كل منها تحمل علمها الوطني على رأسها، حول كرة أرضية هائلة تمثل العالم. ثم صافح جميع الكشافة وغنوا “إنه الوداع يا إخوتي فقط”. لقد كانت سلسلة ضخمة ودافئة ومؤثرة، ترمز إلى الأخوة العالمية ”

كان وفد الكشفية  من المغرب، بما في ذلك الكشافة المسلمين ، جزءًا من الوفد الفرنسي واستعرضوا عند وصولهم إلى  JAM  خلف العلم ثلاثي الألوان ( علم فرنسا ) . حيث كان  المغرب لم يتقدم  بعد بطلب الانضمام إلى المنظمة الكشفية العالمية،  قرر رينيه كامهي رفع العلم المغربي أمام المئات من الكشافة من جميع الانتماءات الذين شكلوا وفد الكشافة المغربية  خلال العرض النهائي .

في الكتاب أيضا نجد شهادة  لجوزيف داديا  حيث وثق مرحلة التحاقه بالكشافة وأيضا طبيعة الأنشطة التي كانت في تلك الفترة  ،  حيث يقول “لقد التحقت  بمجموعة الجراميز  وأعجبت بي قائدتي الآنسة سيلين أوهانا. لقد احمر وجهي كثيرًا في اليوم الذي قبلتني فيه على وجنتي. ارتديت بكل فخر ملابسي ووشاح الكشافة الصغير، والقبعة السوداء التي أرتديها دائمًا على رأسي.  ويضيف جوزيف داديا  كنا نخرج في النزهة خارج  الملاح  وكنت أستمتع بالاتصال بالطبيعة ومراقبة طيران الطيور وأغانيها. لاحظت أن كل شجرة وكل نبات وكل طائر له اسم يميزه عن أقرانه ،  لقد كان ذلك إثراءً ثقافيًا وفكريًا استكمل معرفتي باللغة العبرية. كان الجراميز  والكشافة يجتمعون في درب سبع ( زقاق باب  الدباغ بمراكش ) ، حيث كان يوجد السلات الحاخام مردخاي بن عطار، مقابل فرن خبز يامين الفاسي، عميد الخبازين اليهود، والحمام المغربي لعائلة حروش. وكان المكان يرتاده عدد كبير من الفتيات والفتيان من كافة الأعمار ، لقد كنت من أصغرهم ، كان هناك الكثير من الغناء لا تزال أذني ترن إلى يومنا هذا بأغنية “الريح العذبة، ريح الصباح”. وكان الأولاد والبنات سعداء بوجودهم معًا. لقد أحاطنا قادتنا بقلقهم. لقد شجعونا على الحضور إلى الأنشطة المختلفة التي نظموها و بذلوا قصارى جهدهم لغرس روح الكشافة فينا. لقد أرشدونا إلى الطريق الصحيح لقد كانت روح الرفقة والمودة  ، لا يوجد تنافس أو جشع بيننا فقط الصداقة هي التي كانت مهمة ، أجيال سعيدة وقادة سعداء! وسأذكر على وجه الخصوص عائلة كينيزو والإخوة سلطان، وبخاصة روجر، الذي أعرفه منذ زمن طويل. ” لقد شارك الكشافة في الجمبوريات و المخيمات والرحلات إلى الخارج أو داخل المغرب، تحت السلطة العليا للرائد رينيه كامهي زال منذ البداية، الذي توفي في باريس في نهاية يناير 2001 ،  كان مبنى بني عقيبة يقع في الطابق الأرضي من منزل به فناء واسع وبلاط مزخرف، وهو الأول على اليسار عند النزول من درب عطية.

ويوثق جوزيف داديا هاته المرحلة بقوله ، ” بجانب المدرسة، واصلت بلا كلل أنشطتي الكشفية مع  Eclaireurs de France، والتي تُختصر  E.D.F. في الجبال  كنا نعيش مع شباب آخرين أصغر مني في خيمة من القماش الكاكي كنا نستخرج الماء من نبع حي من الماء النقي يقع عند سفح منحدر يصعب الوصول إليه. سرنا على طول المسارات في ظلال أرز الأطلس المتوسط ​​وكنا نغني ونحلم في مكان سحري في محيط بن صميم ، في مكان ما بين فاس ومكناس وإفران ،لقد تعلمنا شفرة مورس وعلامات المسار خلال رحلاتنا إلى المزارع حيث  انطلقت الدوريات المختلفة بحثًا عن الكنز المخفي، بعد فك شفرة الرسالة المكتوبة بالأبجدية التقليدية،  ذهبت كأس النصر إلى الدورية الأكثر اجتهادًا.

كانت اجتماعات الكشافة تعقد في منزل ميشيل بينستي، وهو قائد جيد، ذكي، مليء بروح الدعابة والفطنة قام بتزيين زاويتنا في مقر فرقة أوكايمدن، الواقعة في أعلى السور المرابطي القديم بجوار مدرسة جاك بيغارت  في مخيم عين كالا في الأطلس المتوسط، قام ببناء رفوف مصنوعة من القصب لاستخدامها كغرفة لتغيير الملابس.

شكلت الحركة الكشفية الفرنسية بالمغرب الحضن الطبيعي لظهور ونمو وتطور الحركة الكشفية المغربية سواء المكون اليهودي لها أو المكون المسلم ، ويظهر ذلك جليا في الشهادات التي وثقها الكتاب  وهناك شهادات أخرى تقبع في بواطن منتديات على الويب كتبت منذ أكثر من 20 سنة وتحكي عن قصص أصحابها وقعت منذ أكثر من 50 سنة على الأقل ، فأخذ المغاربة عن الفرنسيين طريقة التنظيم الكشفي وممارسة الطريقة الكشفية وحياة الغاب والاطار الرمزي  وباقي عناصر حركة الكشف التي نظر لها بادن بأول بنفسه في كتاب ” الكشفية للفتيان ” ومن خلال أيضا تجميع تلامذته للتداريب الأولى التي أشرف عليها بنفسه ، لتنمو الحركة الكشفية في المغرب وتترعرع وتصل الى مرحلة الفطام وتتشكل بذلك الحركة الكشفية المغربية بهوية مختلفة عن الحركة الكشفية الفرنسية ، فمدينة مراكش شكلت نموذج لهذا التلاقي الحضاري بين الأديان والاعراق في بوثقه لعبة الكشف التي استطعت ان تحيد التجاذبات السياسية الكائنة ، وتهذب السلوك لدى الأطفال من اجل تربية سليمة توثق الانتماء الى الوطن أولا ثم الدين والتحلي بالأخلاق والمثل العليا ، وفي بحثنا عن جدور الحركة الكشفية المغرب ارتئينا ان نبحث عن الارهاصات الأولى لظهور الحركة الكشفية في مدن أخرى بالمغرب لنقارن عن أوجه التشابه والاختلاف فإننا قمنا بتوثيق ظهور الحركة الكشفية في وسط المغرب أي في العاصمة الرباط ، سلا ومدينة الدار البيضاء .

ب – ظهور الفرق والجمعيات الكشفية الفرنسية في  وسط المغرب ( الرباط وسلا والقنيطرة ) :

انتشرت الحركة الكشفية  بالرباط وسلا والقنيطرة في أوساط الجالية الفرنسية المستعمرة للمغرب منذ الثلاثينات وأربعينات القرن الماضي ، وكانت الجمعيات الكشفية الفرنسية تستقطب أيضا  أبناء المغاربة المسلمين و اليهود على حد  السواء ، ومن خلال بحثنا في أوساط اليهود المغاربة الذين هاجروا  وجدنا منتدى بموقع الويب[6] يضم مجموعة  مهمة من الشهادات تؤرخ لتلك الفترة  الزمنية من تاريخ الحركة الكشفية المغربية ، حيث يقول احد المنتسبين القدامى  لهاته الحركة أنذاك   (Elie Cohen ) ،  في عائلتنا بالرباط وكما هو الحال مع جميع الشباب اليهود  تقريبًا، كان جميع أفراد العائلة من الكشافة تقريبًا وكانت مدينة سلا لديها فرقتها الخاصة.  لقد شارك في هذه الحركة الكشفية العظيمة أخوتي الأكبر سنا وأصدقائهم اليهود من الرباط، أي كل الشباب اليهود من نهاية 1948-1949 إلى نهاية 1958-1959. في البداية كانت مرتبطة بـ Eclaireurs Isrelites de France (E.I.F[7])، ثم  أصبحت مستقلة واتخذت اسم Eclaireurs Israelites du Maroc (E.I.M.)   ، فمن خلال هاته الشهادة وشهادات أخرى وثقت في مجموعة من المراجع الكشفية تظهر بوضوح الدور التي لعبته الجمعيات الكشفية الفرنسية التي فتحت فروع لها بالمغرب في تكوين الفرق والجمعيات الكشفية المغربية في مجموعة من المدن المغربية الخاضعة تحت الاحتلال الفرنسي .

ويضيف (Elie Cohen ) انضممت إلى الحركة الكشفية  في البداية  لقطيع الجراميز  ( الأشبال ) لمدة عامين وكانت قائدتي هي الآنسة    RENEE CHRIQUI.  كان لدى معظم القادة  أسماء طوطمية . لم يتم تحويلي إلى طوطمي أبدًا لأنني كنت صغيرًا جدًا.  كان جميع رؤسائنا يحملون أسماء طوطمية، وكان جميع الـ “الرباطيين ” يناديهم بهذه الأسماء في كثير من الأحيان كان القائد الكبير خلال فترة استكشافي هو “بوفالو”، وكان يساعده مساعدون حلوا محله فيما بعد لفترة وجيزة. وكان أحد هؤلاء القادة أخي جاك، “سيجن”، وكان هناك آخرون “سيجون، موستيك، الخ…”

أتذكر مقرنا الأول الذي كان في الطابق السفلي من مبنى في شارع ليون في الرباط . وفي وقت لاحق نمت الحركة واكتسبت أهمية كبيرة، وفي رأيي كان ذلك العصر الذهبي لحركة الكشافة بالرباط. لقد تم منحنا مقرنا الجديد من قبل الجالية اليهودية في الرباط وكان يشغل الطابق الأرضي بالكامل في مبنى تلمود توراة في شارع هنري بوب. قام أخي المرحوم رافائيل كوهين بتزيين جميع جدران هذا المكان الجديد بلوحات جدارية ذات مواضيع كتابية ومتعلقة بروح الحركة. وفي وقت لاحق عندما تزوج كبار السن (لأن الناس كانوا يتزوجون صغارًا في ذلك الوقت)، تولى قيادة الحركة وبالطبع قيادة DEJJ (قسم التعليم لشباب اليهود )  ، لأن كل شيء كان مترابطًا. تزوج العديد من فتياتنا من الرباط من رجال الكشافة، لأن الحركة كانت تشكل النواة المركزية للشباب اليهودي في الرباط في ذلك الوقت. لقد ساعد جميع يهود الرباط الحركة بطريقة أو بأخرى. والدتي التي كانت ماهرة جدًا في الخياطة صنعت وطرزت جميع الأعلام والرايات للدوريات المختلفة، والتي صممها أخي رافي. تم شراء الأوشحة والأقواس والشارات والقبعات وحتى سراويل الجولف للقادة من المتجر الأوروبي “لا هوت” La Hutte  في ساحة بيتري. كانت الرحلات الكشفية تتم في غابة المعمورة، وفي غابة البلوط وفي المنطقة المحيطة بالرباط – سلا، وفي الرحلات سيرًا على الأقدام في مساء السبت أو في وقت مبكر جدًا من صباح الأحد. ثم كانت هناك الرحلات إلى مدن أخرى في المغرب وكان عليك أن تستقل القطار، وكان دائمًا من الدرجة الثالثة. لقد شاركت في معسكرين كبيرين، معسكر كازابلانكا أريناس، حوالي عام 1956 حيث كانت فرقة  E.I.M حاضرة . وشاركت أيضًا في المعسكر الكبير الذي جمع كل الفرق  المغربية برأس الماء سنة 56-57. شارك أخي جاك في المخيمات الكبرى في سافوي وأماكن أخرى. وأخيرا توقفت في عام 1958 بسبب حادث تعرضت له أثناء المعسكر وأجبرني والدي على المغادرة.

لقد كان المغاربة اليهود  يحرصون على الاحتفال بالأعياد الوطنية ، بل شارك العديد منهم في الحركة الوطنية لمناهضة الاستعمار الفرنسي ، ونجد هذا الإحساس في احد المقالات التي كتبها  Elie Cohen عن ذكرياته بالرباط ”  بالنسبة لي، هي المدينة التي ولدت فيها، في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1947، يوم السبت في مستشفى الولادة ماريشال ليوطي. الرباط هي مدينة كل أصدقاء طفولتي…….، عام 1956 سنة عودة الملك وكان شارع الكابتن بوتيجان بأكمله مليئًا بالجنود الفرنسيين والسنغالييين المدججين بالسلاح؛ معسكرهم في حديقة مثلث الرؤية، المقابلة لمنزلي، محظور الوصول إليه حتى عودة جلالة الملك محمد الخامس من المنفى. كنت أقضي أيامي مع أطفال الحي في ملء زجاجات المياه للجنود بمياه الشرب. وكانوا هناك للاستعداد لأي طارئ عند عودة الملك ،لقد كان الجو متوترا.

وفي شهادة أخرى تتعلق بأجواء التجمعات والمخيمات الكشفية التي كانت تقام بالمغرب في تلك الفترة  ، وجدنا  احدى الشهادات تتعلق بمعسكر الكشافة  براس الماء  حيث يقول ” صراخ يسمع من كل جانب ألف شيء يجب القيام به، والتراجع عنه، وتجميعه موقع الخيام التي يتعين تحديدها، والإدارة، وتطهير المنطقة التي نقيم فيها عند الغسق، وضربات المطارق، ومصابيح العاصفة التي تضيء واحدًا تلو الآخر مثل النجوم، والأوامر الدقيقة لقادة الدوريات ثم صفارات الإنذار الحادة لقائد الفرقة الذي يعلن، بلغة مورس التجمع العام . لقد استيقظنا مبكرا في ذلك الصباح ، الاجتماع في “تشارلز نيتر”، في المركز المجتمعي، كان قد قرره ديباس، قائد دوريتنا، في اليوم السابق. مع حقيبة الظهر التي أرتديها، ووشاحي الأبيض والأزرق ملفوفًا بدقة، وسروالي البحري وقميصي الكاكي مكويين بدقة، كنت قد جهزت نفسي، متحمسة للغاية لهذه الرحلة الأولى، ومعسكري الكشفي الأول. كنت في العاشرة من عمري فقط وكنت أصغر كشاف في المغرب، وبالتالي كنت التميمة الرسمية لفرقة إدموند فليغ التابعة لجمعية Eclaireurs Israelites de France. وصل أعضاء الدوريات المختلفة شيئًا فشيئًا. أولاً، “الأوكابيس”، بقيادة لولو المالح، ثم “الإيلانز” الهادئون بقيادة ويليام أمزالاج، الذين أخفوا، بعد عودتهم بالكاد من المخيم في كندا، كبرياءً مضاعف الأهمية، يشبه كبرياء الحاج العائد من مكة. ولإكمال صورته، كان يتجول وكأنه محاط بهالة من الضوء، ويرتدي قبعة شرطة الخيالة الكندية التي أحضرها معه من رحلته، والتي كانت موضع إعجاب وحسد الجميع. “إبيرفييه” الناري لمارك، أخي الأكبر، و”ليفييه” السريع لسيمون ميدينا ولولو أبيتبول، وأخيراً “رينارد” الماكر ولكن المتأخر في كثير من الأحيان لديدي ديباس.

رغم أن الوقت كان في بداية الصيف، إلا أن الصباح كان ضبابيًا، وفي الساعة السادسة لم يكن الفجر قد طلع بالكامل بعد. كان هناك شيء رومانسي في الهواء ورائحة المغامرة، كافية لإسعاد الطفل الذي لم أعد أعتقد أنني كنت. عندما أفكر في الأمر، أدركت أنني كنت أشعر بالبرد في ذلك الصباح، وربما كنت أشعر ببعض القلق.

ويعتبر معسكر رأس الما ء من أهم التجمعات الكشفية التي عرفها المغرب في تلك الحقبة ووجدنا العديد من الشهادات تشير اليه ، ( ميني جنمبوري ) الذي نظم بالمغرب عشية الاستقلال سنة 1957 براس الما حيث  عرف هذا اللقاء تجميع الحركات الكشفية بالمغرب ، حيث ستحضر هذا اللقاء الكشفي العام الذي نظمه المغرب عشية الحصول على الاستقلال فرق كشفية من الرباط ، سلا ، الدار البيضاء ، مراكش ، الجديدة ، مكناس ، القنيطرة ….وكل هاته المدن وجدنا في أرشيف للحركة الكشفية المغربية صور تؤرخ لعمل هاته الفرق وبعض من قادتها وأنشطتها من مرحلة العمل من داخل الفرق والجمعيات الكشفية الفرنسية الى غاية تأسيس فرق وجمعيات كشفية مغربية بامتياز .

  • – التنظيم الإداري للجمعيات الكشفية الفرنسية بالمغرب والتطور الكمي :

أ – التنظيم الإداري والتنظيمي لجمعية كشافة فرنسا بالمغرب :

تعتبر جمعية كشافة  فرنسا الكاثوليكية والتي تأسست سنة 1920  أكبر جمعية كشفية فرنسية  ستقوم بإحداث  وحدات كشفية  لها بعدة مدن مغربية ،   بحيث أرسلت أول  مفوض إقليمي خاص بالمغرب التابع إداريا للاستعمار الفرنسي سنة 1927 ، وانطلاقا من سنة 1932 سيتم تقسيم المغرب الى دائرتين ، دائرة تضم الدار البيضاء والثانية  تضم الرباط وكان العمل الكشفي بهاتين المدينتين يعرف نشاط منقطع النظير سواء للجمعيات الكشفية الفرنسية أو الجمعيات والفرق الكشفية المغربية التي ستظهر لأول مرة سنة 1932 بتأسيس الفرق الكشفية السلاوية الرباطية والتي ستحمل اسم الكشفية الحسنية في سنة 1933 ، وانطلاقا من سنة 1934  سيتم  تقسيم المغرب الى ثلاث أقاليم لهذا ستعرف دوائر تغييرا  حيث ستصبح ثلاث دوائر للتنظيم الكشفي للمغرب الخاضع تحت الاستعمار الفرنسي ، دائرة الدار البيضاء وتشمل منطقة الدار البيضاء ، مراكش ، الجديدة  والجنوب . ثم دائرة الرباط والقنيطرة ومكناس . ودائرة ثالثة تضم منطقة فاس ، تازة و المغرب الشرقي . وانطلاقا من سنة 1938 سيتغير التقسيم الإداري للحركة الكشفية الفرنسية بالمغرب مرة أخرى عبر  ثلاث دوائر جديدة  ، الرباط وشمال المغرب ثم  الجنوب .

وفي  14 مايو 1941 تم تعديل التقسيم الإداري لكامل شمال أفريقيا حيث تم إنشاء دائرة طنجة ، تنظيم عمل الحركة الكشفية الفرنسية العاملة بالمغرب والجمعيات الكشفية المغربية سيخضع لهذا التنظيم الإداري الفرنسي للحركة الكشفية من أجل مراقبتها  وضبط أنشطتها لكي لا تكون موجهة ضد المحتل الفرنسي ، وكانت سلطات الحماية في كثير من الأحيان تقوم بمنع أنشطة كشفية أو حل لجمعيات كشفية مغربية ، وحتى انها منعت ارتداء الزي الكشفي للجمعيات الكشفية المغربية الناشئة ، حينما تيقنت أن الحركة الكشفية المغربية أصبحت من أهم روافد الحركة الوطنية المغربية .

واشرف على العمل التنظيمي للحركة الكشفية بالمغرب مجموعة من المفوضين العامون والذين تعاقبوا على هذا المنصب منذ 14 مارس 1927 حيث تم تعيين Cdt. Marzac  كأول مفوض عام والذي سيشغل هذا المنصب الى غاية 15 يناير 1930 ،ومن بعده  كل من Emilien Picard  1930 ، Emile De Fouchecourt nommé (1937 – 1946) ، Protat شتنبر 1946 ، وسيتم تعيين مجموعة من القادة ضمن فريق الإدارة  ورئاسة الأقسام الكشفية في خلال هاته الفترة على المستوى إقليم المغرب التابع لفرنسا ، كما سيتم تنظيم الدوائر بنفس الطريقة ، حيث سيعين Colonel Joseph مدير دائرة الدار البيضاء 15 يناير 1930 ، M. Vernay  مدير لدائرة الرباط  15 يناير 1930 ، Edmond Giletta   مدير دائرة فاس في ابريل 1934، Jacques Loys مدير دائرة جنوب المغرب في سنة 1938 و Edmond Giletta  سيعين مدير دائرة الشمال بعدما ان كان مدير دائرة فاس  وسيخلفه Pierre Chery  سنة 1941  ، سيعين Fouchecour على دائرة طنجة سنة 1939  و Pierre Cavillon سنة 1942 على دائرة مراكش .

ب – التطور الكمي لكشافة فرنسا بالمغرب خلال سنوات فرض الحماية وبعد الاستقلال :

وستعرف هاته الفترة التاريخية من الحركة الكشفية الفرنسية في المغرب تطورا ملحوظا على المستوى الكمي والكيفي ، ففي سنة 1929  ستظهر في المغرب عشيرة واحدة للأشبال وفرقتين  للكشافة  ، وفي سنة 1932 سينتقل عدد الفرق الكشفية الى أربع فرق  ،في سنة 1934 سيرتفع عدد العشائر meute الى ستة والفرق  الى ثمانية ، وستعرف الحركة الكشفية بالمغرب  قفزة نوعية على المستوى العددي سنة 1939 حيث سيصبح عدد العشائر Meutes احدى عشر والفرق Troupes ثلاثة عشر وفوجين Clans ( 371 أشبال ، 305 كشافة ، 48 جوالة ، 33 قادة ، 15 من القساوسة  ) [8]، حيث ستعرف الحركة الكشفية انتشارا في كل المدن المغربية وسترتفع هاته الاعداد خصوصا مع افتتاح المخيمات الصيفية في الأطلس وسيدي الطيبي ومناطق أخرى بالمغرب الخاضع للاحتلال الفرنسي .

وستظهر الوحدات الكشفية في مختلف المدن المغربية ويعود تاريخ التأسيس والانخراط بالحركة الكشفية الى سنة 1926 حيث ستأسس الوحدة الكشفية لطنجة ، الرباط1926  ، الدار البيضاء سنة 1927، مكناس 1931  ، مراكش 1932 ، وجدة 1934  ، تازة 1935 ، فاس 1935 ، جرسيف 1935 ،بركان 1935 ، الجديدة 1936 ، أكادير 1941 ، القنيطرة 1941 ، المحمدية 1942 ، أسفي 1942 .

وكانت هناك جمعيات كشفية فرنسية أخرى عاملة بالمغرب الى جانب كشافة فرنسا كما اسلفنا سابقا  أسست مجموعة من الفرق في مدن مغربية عديدة ، وبعد استقلال المغرب سنة 1956 بدأت عودة الجالية الاسبانية والاسبانية وباقي الجاليات الأخرى التي كانت تقطن المغرب  الى موطنهم الأصلي مما أضعف هاته الجمعيات الكشفية الفرنسية العاملة بالمغرب ، حيث عمل قادة هاته الجمعيات أنذاك على التكتل في حركة واحدة سميت ب SUM  ذات التوجه المسيحي الفرنكفوني ولكن مفتوحة بوجه الجميع ، وكانت نتيجة لتكتل المجموعات الكاثوليكية SDFو   GDFوالبروستانتية EEUDF وكان مفوضها أنذاك André Privé كان بالكشافة المتحدة سابقا ، واستمرت بعض المجموعات في التواجد بالمغرب في ثمانينات القرن الماضي بالدار البيضاء ومراكش والرباط ، وستبقى فقط سنة 2002 فرقة واحدة بالدار البيضاء تحت اسم Daligand ، ليسدل الستار على حوالي 80 سنة من تواجد الحركة الكشفية الفر نسية بالمغرب والتي كانت المدرسة الأولى للحركة الكشفية المغربية التي ستتطور بشكل مستقل مع بدايات ثلاثينيات الفرن الماضي مشكل تاريخا متميزا من العمل الكشفي ، تاريخ سنحاول ان نميط عنه اللثام في المقال القادم .

[1] قال منشور في موقع https://mangin2marrakech.canalblog.com/

[2] نفسه

[3] المفوض العام لأشغال الشباب: جوزيف دي لا بورت دو ثيل [بالفرنسية] شغل المنصب حتى  4 يناير  1944

[4] نظام فيشي هو الاسم الذي أُطلق على الدولة الفرنسية التي تلت الجمهورية الثالثة في أعقاب هزيمتها أمام الجيوش النازية، إذ خضعت فرنسا المهزومة والمحتلّة إلى نظام شمولي يرأسه المارشال فيليب بيتان الذي قبِل التعاون مع النازيين.

[5] أقيم المخيم الكشفي العالمي السابع  بالألمانية : . Weltpfadfindertreffen  في الفترة من 3 إلى 12 أغسطس 1951، واستضافته النمسا في باد إيشل في النمسا العليا . بلغ عدد الحضور 12884 من 61 بلد مختلفً من العالم

[6] https://dafina.net

[7]  جمعية فرنسية  تأسست في عام 1923 بواسطة روبرت جامزون، المعروف باسم كاستور

[8] https://fr.scoutwiki.org/Province_SDF_Maroc

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق