آخر
قانون الإضراب الجديد في المغرب: حماية للحقوق أم تقييد للحريات النقابية؟
بقلم: خديجة الشرقاوي
صادق البرلمان المغربي مؤخرًا بالأغلبية على قانون الإضراب الجديد، وهو قانون تنظيمي طال انتظاره، حيث يهدف إلى تحديد شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق الدستوري. ورغم تعديله ليتماشى مع بعض المطالب النقابية، لا يزال يثير انقسامًا واسعًا بين مؤيديه ومعارضيه، خاصة فيما يتعلق بالقيود التي يفرضها على الحق في الإضراب.
ما الجديد في القانون؟
أجرى المشرّع المغربي عدة تعديلات على النص الأصلي لمشروع القانون، من أبرزها:
إلغاء العقوبات الحبسية واستبدالها بغرامات مالية تصل إلى 50 ألف درهم على كل من يعرقل الإضراب أو يستبدل العمال المضربين بآخرين بشكل غير قانوني.
إقرار الحق في الإضراب لجميع النقابات ذات التمثيلية، بعدما كان مقتصرًا على النقابات الأكثر تمثيلية.
تقليص مدة الإخطار بالإضراب، مما يمنح العمال مرونة أكبر في اتخاذ القرار.
إلغاء مسطرة التسخير، التي كانت تسمح للسلطات بإجبار العمال على العودة إلى العمل أثناء الإضراب.
تمكين السلطات من اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لإيقاف الإضراب مؤقتًا في حالات الطوارئ أو عند تهديد النظام العام.
النقابات بين القلق والترقب
النقابات العمالية لم تخفِ مخاوفها من تأثير القانون على حرية العمل النقابي. فرغم حذف العقوبات السالبة للحرية، ترى بعض الهيئات النقابية أن اشتراط الحد الأدنى من الخدمة في بعض القطاعات، مثل الصحة والتعليم والنقل، قد يحدّ من تأثير الإضراب ويقلل من قوة التفاوض العمالي.
كما يثير منح الحكومة صلاحية إيقاف الإضرابات مؤقتًا عبر المحاكم جدلًا واسعًا، حيث يرى النقابيون أن ذلك قد يُستخدم كأداة لكبح أي تحركات احتجاجية ذات طابع اجتماعي أو سياسي.
أرباب العمل والحكومة: بين التنظيم والاستقرار.
في المقابل، يرى أرباب العمل والحكومة أن القانون يمثل خطوة ضرورية لتنظيم الممارسة النقابية، خاصة في ظل تزايد الإضرابات غير المنظمة التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد والخدمات العمومية. ويؤكدون أن التشريع الجديد يوازن بين حماية حقوق العمال وضمان استمرار الخدمات الأساسية للمواطنين.
هل يحقق القانون التوازن المطلوب؟
بين المطالب النقابية والاعتبارات الاقتصادية، يبقى السؤال: هل يحقق قانون الإضراب الجديد التوازن المنشود بين حماية حقوق العمال وضمان استقرار سوق العمل؟ أم أنه يفرض قيودًا إضافية تحد من حرية الإضراب؟ الجواب سيكون رهن التطبيق العملي للقانون ومدى استجابة السلطات للمطالب النقابية في المستقبل.
في انتظار التنفيذ الفعلي لهذا القانون، تبقى النقابات في حالة تأهب، فيما يترقب العمال وأرباب العمل مدى تأثيره على بيئة العمل في المغرب.