سلايدر الرئيسيةسياسة
تطوان تحتضن اللقاء الجهوي للمدن العربية المبدعة.. والمدير العام لAPDN يستعرض برامج تثمين الموروث الثقافي والإبداعي
تحتضن مدينة تطوان خلال الفترة الممتدة من 19 الى 22 نونبر 2024، اللقاء الجهوي للمدن العربية المبدعة. هذا الحدث المنظم بشراكة بين المكتب المغاربي لمنظمة اليونسكو، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ووكالة تنمية أقاليم الشمال، وعمالة تطوان ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وكذا جماعة تطوان،سيجمع ممثلي 50 مدينة مبدعة من منطقةالمغرب العربي و الشرق الاوسط بما فيها موريطانيا وتونس و ليبيا و الأردن و مصر و المملكة العربية السعودية و البحرين و قطر و الامارات العربية المتحدة.
وفي كلمة بالمناسبة، قالت الكاتبة العامة لقطاع الثقافة، سميرة المليزي، إن “المجهود الجماعي المسخر لتبويء الثقافة مكانة رفيعة في حاضر ومستقبل المدن قد أفضى فعلا إلى تصنيف تطوان ضمن شبكة المدن المبدعة لليونسكو في مجال الحرف والفنون الشعبية سنة 2017، إلى جانب مدن الصويرة والدار البيضاء و ورزازت، مما يؤكد الأهمية التي توليها المملكة المغربية، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجعل الثقافة من العناصر الأساسية في المنظومة التنموية”.
وتابعت أن “انخراطنا الدائم في منظور منظمة اليونسكو للنهوض بدور الثقافة في التنمية المستدامة، يوازيه اشتغال وطني متواصل على تقليص الهوة بين الاعتراف الجماعي بدور الثقافة في التنمية الشاملة، وإدراجها المنهجي في أولويات السياسات العمومية”، مشددة على أن حرص هذا الاجتماع على تدارس سبل التزام المدن المبدعة بجعل الإبداع والصناعات الثقافية في قلب الخطط التنموية، يتطابق مع السياسة العمومية للوزارة في هذا المجال.
من جانبه، أشار المدير الإقليمي لليونسكو لمنطقة المغرب العربي، إريك فالت، إلى أن المدن التي “تحتضن الثقافة” تضمن لساكنتها نوعية معينة من الحياة ودينامية فكرية قوية، مشددا على أن العديد من المؤسسات، بالإضافة إلى اليونسكو، ما فتئت تدعو منذ سنوات ولاسيما ضمن رؤية ما بعد عام 2030، بأن تتمتع الثقافة بـ “هدفها الخاص”.
ونوه بأن اليونسكو والدول الأعضاء فيها سيكون بوسعها الاعتماد على القرار الأخير الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد “ميثاق المستقبل”، الذي يمنح الثقافة مكانة غير مسبوقة، كما يعترف بدورها كعامل في التنمية المستدامة باعتبارها قطاعا واعدا اقتصاديا ينبغي للدول الاستثمار فيه.
وقال منير البيوسفي، المدير العام لوكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، إنه بفضل العناية الخاصة، التي يوليها الملك محمد السادس، لبرامج تثمين الموروث الثقافي والإبداعي الوطني بكافة أشكاله التعبيرية، وحمايته لفائدة الأجيال الصاعدة، وحرصه المولوي السامي على النهوض بالرأسمال اللامادي في مختلف تجلياته، أضحت مجموعة من حواضر المملكة تعيش على إيقاعات بنيوية مهيكلة، كفيلة بجعلها رافعة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وأقطابا سياحية واستثمارية، تتيح إنعاش الحركة الاقتصادية، وخلق فرص الشغل وتحسين مستوى عيش الساكنة.
وطبقا لهذه التعليمات الملكية السامية، أكد المدير العام أن وكالة تنمية أقاليم الشمال عملت بمعية شركائها، على بلورة جيل جديد من البرامج التنموية، تروم تثمين الموروث الثقافي والحضاري والإنساني بالجهة الشمالية التي تزخر بثمان مدن عتيقة (القصر الكبير، وزان، العرائش، اصيلة، طنجة، تطوان، شفشاون وتازة)، وجعله رافعة أساسية لدينامية التنمية، وتعزيز جاذبيتها الثقافية والسياحية، وتطوير الاقتصاد الاجتماعي، ودعم الاقتصاد المحلي وتعزيز مقوماته الإبداعية، كالحرف التقليدية و الفنون الشعبية.
وفي هذا الإطار، عملت وكالة تنمية أقاليم الشمال، على استثمار ما يقارب ملياري درهم في إعادة تأهيل المواقع التاريخية بأقاليم شمال المملكة، وبالأخص على مستوى المدن العتيقة، بغرض الحفاظ على خصوصياتها ومميزاتها الثقافية والعمرانية، وذلك من خلال مشاريع تهم تأهيل الدور الآيلة للسقوط، وتأهيل النسيج الحضري للمدن العتيقة والفضاءات المحيطة بها، وكذا تأهيل الفضاءات ذات الطابع الاقتصادي كالفنادق التاريخية والأزقة والساحات التجارية، والتي تعتبر جميعها فضاءات لاحتضان جميع أنواع الفنون الشعبية والحرف التقليدية، فضلا عن كونها فضاءات للتنشيط الثقافي والاقتصادي.
وأضاف البيوسفي، أنه بخصوص مدينة تطوان، فقد تم بلورة البرنامج التكميلي لإعادة تأهيل المدينة العتيقة لتطوان، وهو البرنامج الذي شمل مشاريع تأهيل المجال العمراني، وبرامج التنشيط الاقتصادي وتحسين الجاذبية السياحية والاقتصادية والثقافية للمدينة، فضلا عن مشاريع ترميم وتأهيل التراث، وصيانة الحرف التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، بادرت وكالة تنمية أقاليم الشمال، بالاشتغال رفقة شركائها، على دعم ومواكبة ملفات تسجيل تراث المدن الشمالية، ضمن لائحة التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية (اليونيسكو)، كطنجة وتطوان وشفشاون، ومشروع اعتراف منظمة اليونيسكو بالحي الإسباني المعروف بالإنساتشي كتراث حضاري إنساني، والذي تشتغل عليه الوكالة حاليا رفقة شركائها، فضلا عن المساهمة في دعم مشاريع التراث اللامادي، كإدراج نظام الحمية المتوسطية لمدينة شفشاون ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لمنظمة اليونيسكو.
كما تسهر الوكالة حسب المدير العام لوكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، وفي إطار مساهمتها في صيانة التراث الثقافي، على تقديم الدعم والمواكبة لمجموعة من التظاهرات، ومهرجانات الفنون الشعبية في جميع أنحاء الجهة الشمالية.
وجدد المدير العام لوكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، شكره لمكتب اليونسكو بالمنطقة المغاربية، على مواكبة الملفات المقدمة من طرف الوكالة وشركائها، وعلى الانخراط الفعال في إثراء النقاش وتبادل الأفكار والتجارب حول تراث المدن العربية، داعيا جميع الفاعلين الوطنيين إلى بذل المزيد من الجهود من أجل مدننا وقرانا المغربية الغنية بمجموعة من أوجه الابداع.
أما مدير الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، حميد بن سيف النوفلي، فقد اعتبر أن انعقاد هذا اللقاء يندرج في إطار شراكة متعددة الأطراف تهدف إلى ترسيخ الثقافة في المدن، مشيرا إلى ضرورة رسم رؤية جديدة للمدن تقوم على مكوناتها الثقافية، إلى جانب تثبيت مكانة الثقافة في السياسات العمومية الرامية لتحقيق التنمية.
بهذا الخصوص، شدد على أهمية تنسيق جهود المنظمات الدولية المختلفة، وفي هذه الحالة اليونسكو والألكسو، لبحث التحديات التي تواجه المدن حاليا، عبر الاستفادة من الثقافة، داعيا إلى العمل على جعل الثقافة والابداع محركا للتنمية من أجل مدن شاملة ومرنة ومستدامة.
من جهته، سجل نائب رئيس جماعة تطوان، عبد السلام دامون، أن هذا اللقاء يشكل فضاء لتقاسم وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة، فضلا عن كونه منصة لنشر قيم الحوار والانفتاح والسلام، مشيرا إلى أن هذا الحدث يهدف إلى ربط المدن التي تتقاسم تخصصات مماثلة وتشجيع المزيد من المدن العربية على الانضمام إلى الشبكة.
وتعمل شبكة المدن المبدعة التي أنشأت سنة 2004، على تثمين الابداع لدى أعضائها حول سبعة مجالات اساسية: الحرف والفنون الشعبية، الفنون الرقمية، التصميم، السنيما، فن الطبخ، الأدب والموسيقى. وتضم هذه الشبكة حاليا 350 مدينة في أزيد من مائة دولة، جعلت استثمار الثقافة والابداع، رافعة للتنمية الحضرية المستدامة.
ويأتي اختيار مدينة تطوان لاحتضان أول لقاء جهوي للدول العربية ليؤكد أهمية المملكة المغربية ضمن الشبكة باعتباره البلد الذي العربي الذي يضم أكبر عدد من المدن المبدعة، كما أن مدينة تطوان هي أول مدينة مغربية انضمت الى الشبكة سنة 2017، باعتبارها مدينة مبدعة في مجال الحرف والفنون الشعبية.
وتماشيا مع موضوع ” إشراك الشباب في العقد القادم”، سيسلط هذا اللقاء الضوء على دور المهم للشباب في صناعة المدن المبدعة.
وسيناقش المشاركون على مدى ثلاث أيام، موضوعات أساسية مثل تعزيز العلاقات بين المدن المبدعة، وإنشاء تعاون مثمر ضمن المنطقة، حيث يهدف هذا الاجتماع أيضا الى تعزيز التواصل بين المدن المبدعة، وتقاسم المميزات المتماثلة وتعزيز تبادل الخبرات والممارسات الجيدة في هذا المجال.
وتعتمد وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال على تثمين التراث الثقافي، المادي وغير المادي، كرافعة لتحسين ظروف عيش السكان المحليين. تساهم صيانة المواقع التراثية والربط الفعّال بينها في خلق أنشطة اقتصادية، مما يعزز التنمية المستدامة.
ومنذ تأسيسها، أطلقت الوكالة العديد من المشاريع للحفاظ على تراث مدينة تطوان، من أهمها تأهيل وتطوير المدينة العتيقة لتطوان (منذ عام 2011): يشمل هذا المشروع تحسين الإضاءة وترميم الأسوار والتحصينات، واستثمار إجمالي بقيمة 315 مليون درهم، ساهمت الوكالة فيه بمبلغ 80 مليون درهم.