سلايدر الرئيسيةسياسة
المجلس الأعلى للحسابات يفتحص برنامجي “طنجة الكبرى” و”الحسيمة منارة المتوسط” وتعثر مشاريع بالشمال (ربورتاج)
سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي 2022-2023 بخصوص تقييم برامج واتفاقيات التنمية المندمجة (236 برنامجا واتفاقية بغلاف مالي إجمالي قدره 225 مليار درهم)، بما في ذلك تلك الموقعة أمام أنظار الملك محمد السادس (78 برنامجا واتفاقية بكلفة إجمالية فاقت 180,5 مليار درهم)، غياب منظومة قانونية مؤطرة لجميع مراحل هذه البرامج والاتفاقيات ومتضمنة لنماذج تدبيرية ونماذج حكامة خاصة بها وآليات تضمن التقائيتها وانسجامها مع باقي وثائق التخطيط العمومي، فضلا عن تسجيل نقائص بخصوص تتبع وقيادة هذه البرامج وعدم تفعيل آليات تقييم الأثر وقياس مؤشرات الأهداف المراد تحقيقها.
برامج واتفاقيات ب20 مليار درهم لجهة الشمال
واستفادات جهة طنجة- تطوان- الحسيمة من برامج واتفاقيات التنمية المندمجة بغلاف مالي يفوق 20 مليار درهم من أجل إنجاز 3.057 مشروعا في إطار سبعة برامج، أهمها برنامج التنمية المندمجة والمتوازنة لطنجة الكبرى الذي خصص له غلاف مالي يزيد عن 7,66 مليار درهم وبرنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة بغلاف مالي يزيد عن 6,51 مليار درهم.
وأفاد المجلس، أن 34 برنامجا مندمجا بالمملكة بغلاف مالي قدره 147,4 مليار درهم لا تزال قيد التنفيذ على الرغم من أن الفترات التوقعية للانتهاء من تنفيذها تمتد بين سنتي 2012 -2024 منها ثلاثة برامج في جهة طنجة- تطوان- الحسيمة.
وعرف تراب المملكة منذ سنة 2010 تنفيذ برامج واتفاقيات أخرى تروم تحقيق تنمية ترابية مندمجة وشمولية تم حصر عددها في 158 برنامجا بغلاف إجمالي يناهز 45 مليار درهم، موزعة على تسع (9) جهات، حيث استحوذت جهة طنجة- تطوان- الحسيمة على نسبة تناهز %19 من حيث الغلاف المالي الإجمالي لهذه الفئة من البرامج والاتفاقيات على المستوى الوطني.
أما من ناحية وضعية تنفيذها المادي، فقد تبين للمجلس الأعلى للحسابات أنه من أصل 158 برنامجا، لم يتم الانتهاء من إنجاز أشغال مجموع المشاريع المبرمجة سوى بالنسبة ل 41 برنامجا خصص لها غلاف مالي إجمالي يناهز 6,3 مليار درهم أي ما نسبته %14من الغلاف المالي الإجمالي، موزعة بين جهات من بينها 13 برنامجا بطنجة تطوان-الحسيمة بغلاف مالي بأكثر من 4,2 مليار درهم.
المعاينة الميدانية لمشاريع متوقفة بالشمال
ومكنت المعاينة الميدانية للمجلس الأعلى للحسابات، حسب التقرير السنوي، من الوقوف على مشاريع تم الشروع في أشغالها دون إتمامها نظرا لعدم التزام بعض الأطراف بتحويل مساهماتهم المالية وفقا للحصص المحددة بالاتفاقيات ، كما هو الشأن بالنسبة لإنشاء طريق الحزام الأخضر – الشطر الخامس المندرجة في إطار برنامج إعادة تهيئة المجال الحضري والاقتصادي لمدينة تطوان – وكذا مشروع تهيئة وادي مسيابة بمركز الجبهة في إطار اتفاقية شراكة بشأن التأهيل الحضري لمركز الجبهة برسم -2012 ،2015 في حين تعثر إنجاز مشاريع أخرى لصعوبة تعبئة الاعتمادات المالية للشركاء والمحددة في الاتفاقيات الموقعة، كمشروع الملعب الكبير لمدينة تطوان الذي حددت كلفته التقديرية في 700 مليون درهم وتوقفت أشغال إنجازه بعد أداء نفقات تزيد عن 19,43 مليون درهم، وكذا مشروع تهيئة الغابة الحضرية ” الييبيكا ” بإقليم العرائش بسبب عدم قيام بعض الشركاء بتعبئة ما مجموعه 11 مليون درهم.
مشاريع بجهة الشمال دون الاستناد إلى معايير موضوعية ومضبوطة
وأشار المجلس الأعلى، إلى أن حصر الغلاف المالي للمشاريع المضمنة بالبرامج والاتفاقيات تم دون الاستناد إلى معايير موضوعية ومضبوطة، خاصة منها ما يتعلق بنتائج الدراسات التقنية والتي لم يتم إنجازها بالنسبة لمعظم المشاريع.
وأضاف المجلس، أن قد ترتب عن ذلك عدم تناسب الكلفة التقديرية المحددة لهذه المشاريع مع الأغلفة المالية المخصصة لها، مما أدى إلى تعثر المشاريع المعنية سواء لعدم التمكن من الشروع في أشغالها أو لتوقف الأشغال بعد الشروع فيها لعدم كفاية الاعتمادات المالية، كما هو الشأن بالنسبة لبعض مشاريع برنامج إعادة تهيئة المجال الحضري والاقتصادي لمدينة تطوان -2014 2018.
وإذا كان الشركاء قد نجحوا، في بعض الحالات ، في تجاوز وضعية التعثر عبر الرفع من المساهمات المالية المتفق عليها مبدئيا مع باقي الشركاء أو البحث عن مصادر تمويل جديدة، مع اللجوء في حالات أخرى إلى توقيف الأشغال في انتظار إيجاد الحلول الكفيلة باستئنافها ) الملعب الكبير لتطوان على سبيل المثال).
ولا تضع البرامج والاتفاقيات جدولة زمنية خاصة بجميع المشاريع المزمع تنفيذها، وذلك من أجل تنظيم عمليات الشروع في الأشغال وتسلسلها، ولا سيما تلك التي يكون تنفيذها منوطا بعدة فاعلين، وذلك لتفادي التعثر الذي قد يطرأ على بعض المشاريع التي يبقى استكمالها مرهونا بتنفيذ أشغال تكون من اختصاص أجهزة أخرى.
وقد تبين أنه من بين أسباب تأخر تنفيذ أشغال بعض المشاريع على غرار تهيئة الطريق الجهوية 507 في إطار برنامج التنمية المجالية لإقليم الحسيمة ، ما يرجع إلى التداخل الميداني الذي يقع بين بعض الأطراف، حيث أن الأشغال المتعلقة بالطرق تقتضي إزالة العوارض المتمثلة في شبكات الماء والتطهير والكهرباء والاتصالات.
كما أن هناك حالات تعرف تأخرا بسبب وجود فوارق زمنية في تدخلات مختلف الأجهزة والتي تخضع لاعتبارات خاصة وتتحكم فيها إكراهات تعبئة الموارد المالية والبرمجة السنوية على مستوى كل جهاز.
إن عدم صياغة تصور أولي لطرق تدبير المشاريع أثناء صياغة الاتفاقية، نتج عنه تأخر في إيجاد الصيغ الملائمة لاستغلال المشاريع المنجزة في إطار البرامج والاتفاقيات التنموية، مما أعاق الاستجابة إلى الحاجيات المعبر عنها ويطرح إشكاليات وأعباء للمدبرين العموميين كان من الممكن تفاديها عبر مقاربة استباقية تقتضي اتخاذ قرارات وعقد شراكات قبل انتهاء الأشغال المتعلقة بالمشاريع التنموية.
وتعزى العوائق التي تعرفها عمليات الشروع في الاستغلال إلى عدم التخطيط المسبق للجهة المكلفة بتجهيزها وتشغيلها وصيانتها، أو إلى عدم إبرام الاتفاقيات الخاصة المتعلقة بها حسب ما يتم التنصيص عليه في بعض البرامج والاتفاقيات. ويتعلق الأمر على سبيل المثال ببرنامج التنمية المندمجة والمتوازنة لطنجة الكبرى 2013 -2017.
تأخر عمليات تسليم مجموعة من المرافق والمنشآت المنجزة
وسجلت المجالس الجهوية للحسابات تأخر عمليات تسليم مجموعة من المرافق والمنشآت المنجزة للجهات ذات الاختصاص أو الموكل إليها تدبيرها، مما يؤخر عمليات الاستغلال ويحول دون الاستفادة من الضمانات التعاقدية، كما هو الشأن بالنسبة للمستشفى الإقليمي للحسيمة المنجز في إطار برنامج الحسيمة منارة المتوسط بتكلفة إجمالية تصل إلى 615,94 مليون درهم، والذي تم الانتهاء من جميع الأشغال الكبرى والأشغال النهائية وتجهيزه بالآليات والعتاد الطبي والتقني والمكتبي دون أن يتم افتتاحه بعد (إلى حدود 31 أكتوبر 2023)، وكذا بالنسبة لمشاريع أنجزت من طرف وكالة تنمية أقاليم الشمال ومصالح عمالة طنجة-أصيلة دون أن يتم تسليمها لجماعة طنجة، ويتعلق الأمر بما مجموعه 68 ملعبا للقرب بتكلفة إجمالية تصل إلى 87,10 مليون درهم، و 22 سوقا للقرب تدبر من طرف الجمعيات والسلطة المحلية بتكلفة إجمالية تصل إلى 271,60 مليون درهم، و16 مركزا سوسيوثقافيا مدبرة من طرف الجمعيات بتكلفة تصل إلى 191,53 مليون درهم، و 06 قاعات مغطاة تدبر من طرف الوزارة الوصية بتكلفة إجمالية تصل إلى 177,20 مليون درهم.
ارتفاع نفقات الاستغلال والصيانة والاستهلاك بجماعة طنجة
وترتب عن عدم الأخذ في الاعتبار الشروط التي تضمن استدامة المشاريع من الناحية المالية أثناء صياغة البرامج والاتفاقيات عدم قدرة بعض الأطراف المكلفة باستغلال المرافق والمشاريع المنجزة على الوفاء بالالتزامات المالية الناتجة عن تدبيرها من ناحية التشغيل والصيانة.
فعلى سبيل المثال، تم إنجاز مجموعة من مشاريع التهيئة الحضرية نتيجة التوسع العمراني لجماعة طنجة في إطار برنامج التنمية المندمجة، مما أدى إلى ارتفاع نفقات الاستغلال والصيانة والاستهلاك المرتبطة بهذه المرافق بعد تسليمها لجماعة طنجة، والتي لا تتوفر على الموارد الكافية لتغطية نفقات تسييرها وصيانتها، إذ انتقلت الفاتورة الطاقية للإنارة العمومية من 56,88 مليون درهم سنة 2015 إلى 90,04 مليون درهم سنة 2019 كما ارتفعت نفقات صيانة شبكة الإنارة العمومية من حوالي 10 ماليين درهم سنة 2011 إلى 17 مليون درهم سنة 2018.
توصيات المجلس الأعلى للحسابات لوزارة الداخلية
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي 2022-2023، بتعزيز المنظومة القانونية بشأن مسطرة إعداد وتنفيذ وتقييم برامج واتفاقيات التنمية الترابية المندمجة، مع الحرص على ترتيب الأولويات.
كما شدد على أهمية تجويد آليات الاستهداف عوض المقاربة الكمية التي قد تؤدي إلى تشتيت الجهود والاعتمادات المالية دون تحقيق الأثر المرجو، وعلى ضمان التقائية هذه البرامج وانسجامها من خلال الأخذ في الاعتبار مختلف الاستراتيجيات ووثائق التخطيط ذات البعد الوطني أو الترابي، وتصور طرق التدبير ومؤشرات قياس الأثر بشكل قبلي.
وحث المجلس، في شق التنمية المجالية وتدبير المرافق العمومية الترابية من تقريره السنوي برسم سنتي 2022 – 2023، الذي تضمن خلاصات ما مجموعه 259 مهمة رقابية أنجزتها المحاكم المالية، منها 230 مهمة منجزة من طرف المجالس الجهوية للحسابات، على تفعيل أدوار اللجان الدائمة على مستوى العمالات والأقاليم ووضع لوحة قيادة استشرافية لكل برنامج، تنبني على نظام معلوماتي متكامل يتضمن أهدافا واضحة ومؤشرات قابلة للقياس وموثوقة، وكذا الحرص على التكوين المستمر للموارد البشرية المكلفة بتدبير المشاريع.