سياسة
مشاهدة أفلام الرعب.. تضعف شخصية الطفل وتصيبه بالخوف
مع التطور التكنولوجي وزيادة تقنية الأفلام السينمائية ازداد تعلق الأطفال بها بشكل كبير، حيث يجلسون لمشاهدة أفلام الرعب والأفلام الكارتونية لعدد كبير من الساعات، على الرغم من أن المسموح به سيكولوجيا ساعة ونصف يوميا فقط، وهو ما يزيد التأثير السلبي لتلك الأفلام والبرامج على الطفل، حيث تصيبه بالخوف وضعف الشخصية، كما أنها تشعره بالوحدة والاكتئاب.
كشفت دراسة علمية حديثة أجرتها جامعة لايدن في هولندا، أن أفلام الرعب قد تسبب تجلطا في الدم، حيث أجرى الباحثون تجربتهم على أكثر من 24 شخصا من الصغار، وتم اختيار 12 شخصا لمشاهدة فيلم رعب ثم يشاهدون فيلما تربويا في وقت لاحق في الأسبوع، أما المجموعة الأخرى فشاهدوا الفيلم التربوي أولا ثم فيلم الرعب لاحقا، وبعد مرور 15 دقيقة من كل فيلم، تم الحصول على عينة من دم المتطوعين وتحليلها للكشف على معدل تجلط الدم، ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين شاهدوا فيلم الرعب أولا كانوا أكثر عرضة لزيادة بروتين التجلط أكثر ممن شاهدوا الفيلم التربوي أولا، مشيرين إلى أن هذا يؤكد أن الخوف يمكن أن يؤدي إلى تجلط الدم، لكنه لا يؤدي إلى تكون جلطات الدم.
وتقول د. شيماء عرفة، أخصائية الطب النفسي: إن مشاهدة أفلام الرعب تؤثر بشكل مباشر على الأطفال، حيث أنهم حتى عمر 12 عاما لا يدركون الخدع السينمائية التي تظهر لهم عالما من الرعب والخيال والقصص المخيفة واقعا أمام عينيه وليس مجرد تمثيل، لذلك تأتي أفلام الرعب والأكشن بنتائج سلبية على نفسية ومستقبل الأطفال بشتى الطرق، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يكتسب الطفل العدوانية ويتأثر بالمشاهد الدموية ويتعامل مع من حوله بشكل عنيف وحاد، وعلى الرغم من ضرر هذه النتائج إلا أنها تعد أقل خطورة من الأمراض النفسية التي قد تصيب بعض الأطفال نتيجة مشاهدتهم لأفلام الرعب.
وتؤكد عرفة أن الطفل الذي يعتاد على مشاهدة أفلام الرعب يتعرض لخطر الإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب والعزلة، بالإضافة إلى الخوف الشديد والخيالات التي تصاحبه أثناء النوم والتي تظل مسيطرة على حياته حتى بعد انتهاء مرحلة الطفولة، مما قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الوسواس القهري، ناصحة الأهالي بضرورة إبعاد الأطفال عن مشاهدة مثل تلك الأفلام، ومتابعة المواد الفنية والعلمية المقدمة والمخصصة لهم خلال هذه المرحلة لأنها تؤثر على تكوين شخصية الطفل فيما بعد.
ومن ناحيته، يشير د. مصطفى حسين، استشاري الطب النفسي، إلى أن مشاهدة الأطفال لأفلام الرعب وتقليد أبطالها من الشخصيات الخارقة للطبيعة والكائنات غير البشرية، وغيرها سواء من خلال ارتداء ملابسهم، أو من خلال محاكاة هؤلاء الأبطال في الكثير من أفعالهم وحركاتهم، يؤدي إلى إلحاق الضرر بأنفسهم وبالآخرين حسب أحداث الفيلم الذي يفضله الطفل، محذرا من تقديم مثل هذه الأنواع من الأفلام للأطفال، لأن تفكير الأبناء قد يصل إلى حد نقل أحداث الفيلم وجميع تفاصيله إلى واقعهم، حتى إذا حاولت شرح أن هذا تمثيل ولا علاقة له بالواقع فهم لن يقتنعوا بذلك.
ومن الآثار السلبية التي تؤثر على الطفل جراء مشاهدة تلك الأفلام، بحسب د. مصطفى، العنف والدموية والعصبية الزائدة، وهي تعد من أخف الأعراض التي تصيب الأطفال، حيث تصاب نفسيته بالشلل نتيجة المواصلة على مشاهدة تلك الأفلام دون أن يخشى مشاهدتها، لافتا إلى أن أفلام الرعب مليئة بالقتل والدماء التي قد تجذب طفلا وتخيف طفلا آخر، وفي حالة انجذاب الطفل فهنا تبدأ مرحلة الخطر، لأن الطفل الذي تثيره هذه المشاهد ويواصل متابعتها يكون في الأساس لديه استعداد لممارسة العنف على من حوله، مؤكدا أن الشعور بالدموية لن يتوقف عند تلك المرحلة من العمر وإنما سيكبر معه، ويتحول عالمنا إلى مجتمع دموي عنيف تنتشر به الجرائم نتيجة التربية الخاطئة والتحريف الثقافي.
وتضيف د. نادية شريف، أستاذة علم النفس التربوي بجامعة القاهرة: أنه على الرغم من قيام الوالدين بمشاهدة تلك الأفلام من جانب التسلية أو الاحتفال، إلا أن لها تأثيرا سلبيا على صحة النفسية للطفل، حيث أن بعض الأهالي يستخدمون بعض العبارات التي تدفع الصغار للرغبة في مشاهدة تلك الأفلام مثل “الكبار بس اللي بيتفرجوا على أفلام رعب، الصغيرين بيخافوا، جمد قلبك ومتبقاش جبان”، ظنا منهم أن ذلك سيشجعهم ويقوي قلوبهم، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، لأن الطفل سيأخذها تحديا له ولإثبات أنه شخص كبير يمكن أن يفعل أي شيء ويمارس أي نشاط ويرى ما يشاهده الكبار، ويتابع أفلام الرعب ومن داخله خوف ورفض لا يريد أن يظهرهما، الأمر الذي يسيطر على عقله فيما بعد ويعرضه لوسواس وخيالات تحاصره، وتزداد يوما بعد يوم حتى تصل إلى الأمراض النفسية المستعصية.
وعن تأثير أفلام الرعب على زيادة وزن الطفل، تشير شريف إلى أن مشاهدة الأطفال لأفلام التشويق والرعب قد تكون سببا واضحا في زيادة أوزانهم بشكل ملحوظ، وهذا يرجع إلى تناولهم المزيد من الأطعمة الغنية بالدهون أثناء الجلوس ومشاهدة تلك الأفلام، محذرة الوالدين من تقديم مثل هذه الأطعمة للأطفال واستبدالها بتلك التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن التي تنمي جسم الطفل خلال تلك الفترة العمرية، مشددة على ضرورة إبعاد الأطفال عن مشاهدة أفلام الرعب، واستبدال ذلك بأنشطة مفيدة لهم وتنمي قدراتهم العقلية والنفسية.