سلايدر الرئيسيةملاعب
أسود الأطلس في قطر.. رحلة بطموحات عالية من أجل صناعة التاريخ (تحليل)
يضع المنتخب المغربي، لمساته الأخيرة استعدادا للمشاركة في نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، والتي تعد المشاركة السادسة لأسود الأطلس في المحفل الكروي الأكبر، والثانية على التوالي.
ويدخل المنتخب الوطني لهذه البطولة وسط أجواء إيجابية داخل المجموعة، وتباين في الآراء لدى الشارع الكروي، بين متفائل بتحقيق نتيجة إيجابية، ومتشائم بقدرة كتيبة وليد الركراكي على الوصول لأدوار متقدمة.
أسود الأطلس بين وليد ووحيد
تعد لحظة إقالة المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش من تدريب المنتخب المغربي، نقطة فاصلة بين مرحلتين مهمتين، عاشتهما الكتيبة الوطنية خلال السنتين الأخيرتين.
فقد انتقل أسود الأطلس مرحلة طغت عليها المشاكل والصراعات والانشقاقات داخل غرفة تغيير الملابس، إلى مرحلة أخرى حالية تسودها الأجواء الإيجابية داخل غرفة تغيير الملابس.
وساهمت هذه الإقالة في تغير العديد من المعطيات الأخرى داخل المنتخب الوطني، فقد ساهمت في عودة أسماء بارزة كانت غائبة عن المنتخب لزمن طويل، أبرزها مزراوي وزياش وحمدالله، كما غيرت من شكل المنتخب على أرضية الملعب، من الاعتماد على الأساليب والخطط الدفاعية المملة، إلى أساليب وخطط أكثر جرأة وثقة.
تشكيلة المونديال.. مزيج بين الخبرة والشباب
جاءت تشكيلة وليد الركراكي التي اختارها للمشاركة في كأس العالم منطقية إلى حد كبير في أغلب الاختيارات، حيث اختار 26 لاعبا للدفاع عن القميص الوطني أغلبهم من المحترفين في البطولات العالمية، مع وجود ثلاث أسماء من البطولة الوطنية كلهم من نادي الوداد البيضاوي.
وارتأى وليد الركراكي أن يبدأ أول عهده بالسير على نهج سلفه وحيد حاليلوزيتش، والاستمرار في عملية تشبيب المنتخب الوطني والتخلي عن العناصر الكبيرة في السن، حيث تعرف التشكيلة وجود 5 عناصر في الثلاثينات من عمرها، وهو أقل من العدد الذي تواجد في تشكيلة 23 لاعب التي شاركت في النسخة الماضية في روسيا والذين كان عددهم ثمانية، ويساوي العدد الذي تواجد في تشكيلة وحيد التي شاركت في الكان الماضي بالكاميرون، مع تسجيل اختيار وليد لبلال الخنوس الذي يعد أصغر لاعب في تاريخ المشاركات المغربي في الحدث العالمي.
وتبدو تشكيلة وليد مطعمة بأجود العناصر المغربية في كل المراكز، إذ وعلى عكس وحيد الذي كان يقصي مجموعة من العناصر المشهود لها بالكفاءة، فإن وليد فضل المنادات على أفضل الأسماء الممارسة في الدوريات العالمية على غرار حكيم زياش لاعب تشيلسي الانجليزي ونصير مزراوي ظهير بايرن ميونيخ الألماني وأشرف حكيمي ظهير باريس سان جرمان الفرنسي، وياسين بونو حارس إشبيلية الإسباني.
كما أضاف وليد على تشكيلته مجموعة من الأسماء الجديدة التي لم تصل عدد مبارياتها مع المنتخب الوطني لعدد أصابع اليد الواحدة، يتقدمهم عبد الصمد الزلزولي وعبد الحميد الصابيري، وبلال الخنوس، بالإضافة لأنس الزاروري الذي التحق بمعسكر المنتخب الوطني معوضا للمصاب أمين حارث.
أطراف بجودة عالية يعول عليها وليد لصنع الفارق
يبدو جليا أن وليد الركراكي سيعول كثيرا على الأطراف من أجل صناعة الفارق خلال هذه المناسبة العالمية، فلدى المنتخب الوطني فائض من اللاعبين المميزين على الأطراف، فهو يمتلك في هذه النسخة، 5 أجنحة على طراز عالي من المهاجرة والفرديات يتقدمهم حكيم زياش على الجهة اليمنى، والذي يعول عليه وليد كثيرا من أجل إمداد زملاءه بالتمريرات المفتاحية، نظرا لجودته العالية في قراءة اللعب والتمرير بين الخطوط وتغيير إيقاع اللعب، وسيعول وليد على زياش كثيرا في هذه النسخة لمعرفته أن الدولي المغربي يريد إثبات نفسه بعد سنتين صعبتين، قضاهما في تشيلسي والمنتخب المغربي، حيث ينتظر وليد هذه البطولة ليرى أفضل نسخة من زياش.
كما يوجد على الأجنحة كل من الزلزولي وبوفال وأبو خلال والزاروري، وكلهم أصحاب إمكانياته ومهارات قادرة على تقديم الإضافة أمام أي خصم، يضاف إليهم القادمون من الخلف، وهم حكيمي ومزراوي، واللذان يعدان من أفضل أظهرة العالم، بقدرات دفاعية وهجومية مميزة خصوصا مزراوي الذي يمتلك القدرة على أن يوازن بين الأدوار الدفاعية والهجومية.
وسيعمل وليد على استغلال هذه القدرات الفردية من أجل خلق أكبر عدد من فرص التسجيل أمام الخصوم، خصوصا وأن المنتخب الوطني سيواجه منتخبات لا تحضى بالجودة على المستوى الدفاعي، إلا أن هذا يبقى رهينا بمدى فعالية هذه الأسماء أمام المرمى، وهي النقطة التي طالما عانى منها المنتخب الوطني في البطولات المجمعة التي شارك فيها المنتخب منذ عهد المدرب الأسبق للمنتخب هيرفي رونار.
عمق ليس في أفضل أحواله
وإذا كانت أطراف المنتخب تعيش أفضل فتراتها، وتعطي نوعا من الإطمئنان للجماهير المغربية، فإن عمق المنتخب من دفاعه إلى هجومه في حالة غير مطمنئة.
فالهجوم يعيش نوعا من العجز الكبير في ترجمة الفرص لأهداف، مع وجود يوسف النصيري الذي يمر بمرحلة فراغ منذ بداية السنة الحالية، ولذلك فقد ارتآى وليد استدعاء كل من عبد الرزاق حمد الله ووليد اشديرة اللذان يعيشان حالة من التألق، ورغم أن وليد سيتعمد على النصيري في غالب الظن كمهاجم أساسي، نظرا للأدوار المتنوعة التي يقدمها على أرضية الملعب، فإن مسألة الاعتماد على واحد من الاسمين المذكورين ستكون واردة بقوة.
في المقابل، فإن وسط ميدان المنتخب وقلب دفاعه لا يعيشان أفضل فتراتهما، فالأول بتواجد كل من امرابط وأوناحي وأملاح يفتقد للتجانس والتفاهم الذي كان عليه الحال في النسخة الماضية من المونديال مع الأحمدي بوصوفة وبلهندا، فرغم وجود امرابط الذي يقدم مستويات مميزة مع فيورنتينا، ويساهم بوضوح في الأدوار الدفاعية بالعمليات المتكررة لافتكاك الكرة، فإنه لا يعطي الاطمئنان الكافي في عملية الربط والبناء، وهي عملية تقع على عاتق سليم أملاح أكثر مما تقع على عاتق امرابط، إلا أن هذا الأخير يبقى بعيدا عن الجودة المطلوبة للاعبي ذاك المركز، مع اتخاذه للكثير من القرارات الخاطئة في الشقين الدفاعي والهجومي.
نفس الكلام ينطبق على خط الدفاع، الذي يشغله كل من غانم سايس ونايف آكرد، فالأول منذ انتقاله للدوري التركي أصبح بعيدا كل البعد عن مستوياته المعهودة، فيما لم يخذ آكرد الكثير من المباريات هذا الموسم بفعل الإصابة الخطيرة التي تعرض لها مع بداية موسم التحضيرات، والتي أبعدته عن الملاعب لثلاث أشهر، ولم يعد منها إلا قبل أسابيع قليلة خاض خلالها القليل من المباريات، يضاف لذلك أن ثنائية سايس وآكرد أصبحت تثير العديد من علامات الاستفهام لدى الشارع الرياضي المغربي، إذ تلقت خلال هذه السنة 11 هدف من أصل 10 مباريات، وهو ما يجعلها محل شك، إلا أنها تبقى الثنائية الأفضل في الوقت الحالي.
ورغم هذه السلبيات، فإن وليد الذي قبل التحدي في ظرفية صعبة، سيعمل على دراسة كل نقاط القوة والضعف الخاصة بمنتخبه والمنتخبات المنافسة من أجل إعداد فريق تنافسي قادر على العودة بنتيجة إيجابية من قطر، وهو الأمر الذي عبر عنه كثيرا في الآونة الأخيرة برفقة لاعبيه، مؤكدين على أن طموحهم يتجاوز حدود المشاركة والعودة من الدور الأول.