مقالات الرأي
نزار خيرون..حزب العدالة والتنمية وسؤال استمرارية الصدارة
لي كل اليقين ان حزب العدالة والتنمية له مستقبل سياسي مشرق، وسيستمر في الريادة وتصدر المشهد السياسي سواء مع ابن كيران او مع من سيخلفه – عكس ماذهبت إليه بعض القراءات بكون شعبية الحزب مرتبطة ببقاء ابن كيران-، وهذا ما يؤكده الأمين العام بنفسه في كل لقاء تواصلي ويسعى الى ترسيخه لدى كل الاعضاء والحاضرين وعبرهم الى كل من يهمه الأمر، طبعا اذا ما حافظ الحزب على عدد من التوابث والقناعات المنهجية.
صحيح ان الكاريزما السياسية للاستاذ عبد الإله ابن كيران وقدرته التواصلية وذكاؤه السياسي وتحليله الرصين والواقعي للمشهد وترجمته بشكل دقيق من خلال خطاباته واسلوبه الخاص وايصال رسائله بطريقة سلسلة ومبسطة للمواطنين، -كل ذلك- كان له دور محوري في التألق الذي عرفه حزب العدالة والتنمية سياسيا وانتخابيا، كما كان له الفضل في اخراج الحزب من مرحلة حرجة -مابعد 16 ماي 2003 وتداعياتها وظهور البام كآلية لمجابهة البيجيدي- الى ماعليه اليوم، لكن الحزب ايضا ضمن تموقعا رائدا في هذا المشهد السياسي الذي يعرفه المغرب اليوم من خلال ظهوره كبديل لم يعهد الشعب من قبله مثيلا، من خلال تركيزه على الوازع الأخلاقي لأعضائه ومرشحيه الذين يقترحهم لتولي مسؤوليات تدبير الشأن العام، واستقراره التنظيمي، واعتماده على منهج محاربة الفساد بشتى انواعه الداخلي والخارجي في الخاص والعام، وعلى النزاهة والمصداقية والوضوح في الممارسة السياسية، ووضوح علاقته مع مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة الملكية، ناهيك عن الخطاب السياسي الذي جاء به وجعله محط اهتمام كل الفاعلين بل رسخ عدد من المصطلحات السياسية في ذهن المتلقي حتى صارت متداولة لدرجة نيلها صفة الشعبية واحيانا الشعبوية، حيث صار الكبير والصغير، القيادي والعضو، الموظف والعاطل يرددها من ورائه ويستعملها في تدويناته وكتاباته، بحجم يكشف حجم التأثير الذي خلفه ذاك الخطاب الذي جذب الناس للاهتمام بالممارسة السياسية بالبلاد وتتبع آخر أخبارها عن كثب..
حزب العدالة والتنمية قوته في خطابه وممارسة مسؤوليه السياسية النقية والنزيهة بشكل جعل الخطاب والممارسة متطابقين بشدة، مما جعل الناس يلمسون الصدق والتطابق بين الممارسة والخطاب بشكل لم يعهدوه من قبل، كما جعلهم يكتشفون نسقا جديدا من الممارسة السياسة ويثقون فيها من جديد، كما اطلعوا على عهد جديد من التدبير لملفاتهم وشؤونهم، حيث صار الناس اليوم يعرفون كل جديد عن القرارات الجماعية والحكومية بل ويطلعون على تفاصيلها.
ولهذا فالاستهداف اليوم الذي يشهده حزب العدالة والتنمية، فانه يعنى بالاساس بهذا الوازع والخطاب الأخلاقي لاعتبار خصوم الحزب انه نقطة محورية في قوة الحزب وصلابته التنظيمية، ويحاولون ما أمكن ابراز تناقضات الممارسة والخطاب في بعض الحالات الاستثنائية والشادة والتي قد يسقط فيها منتخبو الحزب كسوء في التقدير لبعض القرارات.
فالحزب اذا يعيش صحوة سياسية واخلاقية ومادام أعضاؤه متشبثون بالمنهج وبالخط الإصلاحي وبحسن التدبير، سواء فيما تعلق ببعض القرارات، او بعلاقتهم بالمواطنين، والمناضلين، أو بعلاقاتهم مع مؤسسات الدولة وحسن ضبطها وفق لمرجعية واطروحات الحزب، وكذا بتثمين الصف الداخلي مع تقوية اواصر التواصل بين القيادات والقواعد ونزاهة ونظافة منتخبيه، -مادام الامر كذلك- فإن الحزب سيحافظ لا محالة على ريادته السياسية والانتخابية، مهما كانت قيادته وهاته الاخيرة هي اول من عليه التقيد بما سبق حتى يظل الحزب محافظا على الاشراق ومكملا السير في نفس المسار.