كوكتيل

اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري.. بين استمرار الشراكة الإستراتيجية المغربية الأوروبية ومحاولات جبهة البوليساريو

محمد البغدادي

باحث في مركز الدكتوراه

في تخصص القانون الخاص

كلية الحقوق بطنجة

لا أحد يجادل في أن المجتمع الدولي خير شاهد أن قرار الحكم الابتدائي بشأن إقحام اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري في قضية الصحراء المغربية التي أصدرته محكمة العدل الأوروبية المؤرخ في 29 سبتمبر 2021 هو قرار مسيس ومسلح ولا يتطابق مع أحكام القانون الدولي، لكونه خارج اختصاصها التي تتجلى أساسا في مهامها الاقتصادية والتجارية و حماية مصالح الاتحاد الأوروبي وشركائه بدل من البت في النزاع المفتعل بشأن قضية الصحراء المغربية الذي هو اختصاص حصري لمجلس الأمن الدولي ، وذلك بفعل المحاولات المستمرة والمتجددة للكيان الوهمي في شخص جبهة البوليساريو الانفصالية موجود في مخيلات النظام السياسي العسكري لدى الدولة الجزائرية التي تقوم بالتشويش على الانتصارات الدبلوماسية والمكاسب السياسية والتنموية والميدانية للمملكة المغربية ، و الذي لا يتمتع بأي شرعية قانونية ولا يحتضن بأي مصداقية لدى المنتظم الدولي عموما والأمم المتحدة تحديدا ، بما في ذلك الدسائس الجزائرية والاستفزازات المتواصلة والمتكررة بشأن اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي في إطار العلاقات الإستراتيجية المغربية الأوروبية المبنية على الثقة والاحترام المتبادل وحماية المصالح المشتركة.

وتجدر الإشارة إلى أن أولى محاولات تعطيل اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بحكم المحكمة الأوروبية نظراً لنزاع الصحراء إلى سنة 2015، وقتها ردَّ المغرب عليه في فبراير 2016 بإعلان تعليق علاقاته مع الاتحاد، مما أدى إلى إرجاء عديد من الاجتماعات التقنية وإلى تباطؤ وتيرة المفاوضات بشأن اتفاق التبادل الحر الشامل.

وفي شهر 16 يوليوز 2018 اعتمد مجلس وزراء الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي تعديلات على البروتوكولات المتعلقة بالمنتجات الزراعية والملحقة باتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وهدفت التعديلات إلى توسيع نطاق تطبيق هذا الاتفاق ليشمل إقليم الصحراء، بعد ذلك بأربعة أيام سيعاد التوقيع على الاتفاقية بين الطرفين.

في الوقت نفسه، وبموجب هذا الاتفاق في مجال الصيد البحري، يُتاح للسفن الأوروبية الصيد في منطقة الصيد البحري بالمغرب، وتحصل الرباط مقابل ذلك: في العام الأول على 48.1 مليون يورو (53.9 مليون دولار)، ثم 50.4 مليون يورو (56.5 مليون دولار) في العام الثاني، و55.1 مليون يورو (61.76 مليون دولار)، في كل من العامين الثالث والرابع.

وضمن 110 سفن صيد يشملها الاتفاق المغربي-الأوروبي للصيد البحري، 92 إسبانية، كما تبلغ واردات إسبانيا من المواد الغذائية المغربية نحو 47% من حجم استيراد إسبانيا من خارج دول السوق الأوروبية المشتركة، و33% من إجمالي مشتريات إسبانيا في النصف الأول من العام الماضي، الأمر الذي يجعل مدريد أكثر الدول ارتباطاً بقرار التعطيل، ويفسر تمسكها به على غرار ما وقع سنة 2018 ،حيث ضغط لوبي الصيادين الإسبان على الاتحاد من أجل توقيع الاتفاق في الوقت الذي شابت فيه مفاوضاته انسداداً كبيرا.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بقوة هو:إلى أي حد سيستمر النظام الجزائري في شراء ذمم بعض الدول الأوروبية لكبح الجهود التنموية والمساعي الحميدة للمملكة المغربية والتشويش على المكاسب السياسية والدبلوماسية والميدانية؟.

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

لا يمكنك نسخ هذا المحتوى

إغلاق