سلايدر الرئيسيةكوكتيل
دراسة.. ما حدود صلاحية الأحزاب في تحريك مسطرة العزل في حق المستشارين الجماعيين؟
على إثر صدور البلاغ المشترك بين أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال الذي قرر العمل على تشكيل أغلبية داخل المجالس التي يتواجدون بها، تحت طائلة تفعيل مساطر العزل والتجريد من العضوية في حق منتسبيها المخالفين لهذا التوجه.
وقد أثار هذا الوعيد تساؤلات الباحثين والمهتمين بالشأن العام حول صلاحيات الأحزاب في تحريك مساطر العزل والتجريد من العضوية أمام القضاء الإداري في حق الأعضاء المنتسبين المخالفين لتوجهاته.
وفي هذا الإطار رفضت مجموعة من المحاكم الإدارية طلبات الأحزاب السياسية التجريد من العضوية في حق المستشارين الذين امتنعوا عن التصويت لصالح مرشحيها في انتخابات رؤساء ومجالس الجماعات، ونذكر في هذا الصدد حكما استعجاليا صادر عن إدارية أكادير، يتوفر “شمالي” على نسخة منه، يتناول دعوى مرفوعة ضد مستشارة جماعية امتنعت عن التصويت على مرشح حزبها.
وجاء في حيثيات الحكم المذكور أن “التجريد من العضوية المنصوص عليها في الفصل 51 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات ومن المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية، يتحقق كجزاء عن التخلي الإرادي والفعلي عن الانتماء الحزبي والثابت أيضا بقرائن وبكل دليل مقبول”، وبالتالي اعتبرت عدم التصويت وفق توجهات الحزب لا يدخل في زمرة التخلي الإرادي عن الانتماء إلى الحزب، ولا يجرد الشخص من العضوية.
يتبين إذن أن الحزب لا يمكنه أن يطلب من القضاء الإداري عزل العضو المنتمي له ولا بأي وجه، فلماذا إذن حمل البلاغ المشترك إمكانية اللجوء إلى مساطر العزل والتجريد من العضوية؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب الخوض في الأنظمة الأساسية للأحزاب.
بالرجوع إلى النظام الأساسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، يتبين من خلال مادته الخامسة والأربعين (45) أنه تتكلف لجنة التأديب والتحكيم بالبت في كل مخالفة يرتكبها عضو من أعضاء الحزب داخل أجل شهر، ومن بين المخالفات المذكورة في المادة 46 بعدها والتي لها علاقة بموضوعنا، نجد: خرق الالتزامات التي أبرمها الحزب، إلى جانب عدم التطبيق أو الانضباط للمقررات المتخذة من طرف أجهزته.
في حين تناولت المادة السابعة والأربعين من نفس النظام إدراج أنواع العقوبات التي تتراوح بين الإنذار، التوبيخ، التوقيف المؤقت والإقالة أو العزل.
أما حزب الأصالة والمعاصرة فقد عالج تساؤلنا على نحو مغاير، حيث نصت المادة الثالثة والستين (63) من نظامه الأساسي على أنه يمكن للأمانة العامة أن تقيل أو تطرد كل منخرط في الحزب ثبت في حقه ارتكاب أحد الأخطاء الجسيمة الواردة في هذا النظام الأساسي، ويتخذ قرار الطرد أو الإقالة داخل أجل شهر.
وتميز المادة 64 منه بين الأخطاء الجسيمة التي تستوجب الطرد، وهي عدم الالتزام بتوجهات الحزب فيما يتعلق بالتحالفات، وعدم الانضباط للقرارات المتخذة من طرف أجهزة الحزب، (وتميز) وبين خطأ التصويت في اتجاه مخالف لتوجهات الحزب الذي اعتبره خطأ عاديا تتراوح عقوبته بين الإنذار وتجميد العضوية لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وعلى مستوى حزب الاستقلال، فقد اكتفى في نظامه الأساسي على التنصيص في فصله الحادي عشر (11) أنه لا يحق لأي عضو أن يبادر باسم الحزب إلى اتخاذ موقف أو الإدلاء بتصريح إلا في نطاق ما تتخذه أجهزته من قرارات، وذلك إلى جانب اعتباره بأن كل عضو يلتزم باحترام مقررات الحزب بموجب فصله السادس.
وتتناول اللجنة الوطنية للتحكيم والتأديب وفق النظام الأساسي المذكور مهام النظر في مخالفة قوانين الحزب وأنظمته ولوائحه، كما تبت في المس بمبادئ الحزب وأهدافه والخروج عن خططه وبرامجه، إلى جانب النظر في كل إضرار بمصالح الحزب وعصيان مقرراته.
وقد كفل الحزب لنفسه سلطة توقيع العقوبات بموجب المادة الرابعة عشر (14) منه بالقول إنه تسقط العضوية أو تجمد وفقا لما تنص عليه مقتضيات هذا النظام، دون أن يبين حدود وضوابط هذه السلطة، ولا كيفية تنزيل هذه العقوبات.
نستخلص من هذه الإطلالة على الأنظمة الأساسية للأحزاب المعنية، أن طلب العزل من القضاء الإداري يمكن أن يأخذ طريقه فقط من خلال اتباع مساطر العقاب الداخلية لكل حزب، فبعد أن ترتب تجريد عضوية الشخص من الحزب يمكن لها أن تطلب من القضاء عزله من منصبه باعتباره لم يعد يمثل الحزب ولا هيئاته، وذلك بناء على المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية.