سياسة
حزب الطليعة الديمقراطي يقيم مشاريع طنجة الكبرى والتدبير الجماعي
أكد مجلس فرع حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي طنجة أصيلة، أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية التي يعيشها الوطن حقيقة إفلاس السياسات غير الاجتماعية واللاشعبية المتبعة من قبل الحكومي في نهاية ولايتها الثانية، حيث نعيش على وقع احتقان اجتماعي متزايد نتيجة إمعان الحكومة في الإجهاز على القدرة الشرائية لعموم المواطنين وفشلها في تدبير جائحة كورونا عبر تحميل عموم الجماهير الشعبية مسؤولية التدبير الاجتماعي للجائحة في غياب دعم حقيقي للفئات المتضررة الواسعة.
وسجل الحزب غياب سياسة تشغيل كفيلة بتوفير مناصب الشغل لآلاف العاطلين عن العمل الذين ارتفع عددهم بشكل مهول نتيجة مباركتها للتسريحات الجماعية للعمال، في مقابل سخائها في دعم الباطرونا وأرباب الشركات الكبرى، هذا في ظل فشلها في إرساء تنمية مجالية تستجيب لانتظارات المواطنين، إذ تعتبر الاحتجاجات الأخيرة التي عاشتها مدينة الفنيدق، والصور المسيئة للوطن لآلاف الأطفال والقاصرين والشباب الذين يهاجرون سباحة إلى سبتة المحتلة بمثابة تأكيد لفشل الحكومة في تدبير الملف وزيف الوعود التي قدمت للساكنة وغياب بديل تنموي حقيقي يوفر لقمة العيش لآلاف المواطنين الذين وجدوا أنفسهم دون أي مورد رزق، ودفعوا نحو الهجرة قسرا.
وقالت الطليعة، إن التعاطي مع ملف الهجرة يجب أن ينطلق أساسا من موقع الدفاع دون هوادة عن سيادة الوطن وكرامة أبنائه، وألا يكون موضع ابتزاز من قبل إسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي التي تريد للمغرب أن يلعب دور دركي الهجرة وأن يتحمل تبعات ذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، وفي المقابل كان من الضروري عدم إقحام الأطفال والقاصرين وأبناء الوطن في حسابات وصراعات سياسية تملك الدولة أوراقا سياسية واقتصادية فعالة لحسمها دون الزج بأبناء الوطن فيها ودون المقامرة بصورة الوطن وكرامة وإنسانية مواطنيه. كما أن حل إشكالية الهجرة لن يتم إلا بناء على قاعدة حل المعضلات الاجتماعية والاقتصادية بتحقيق تنمية حقيقية تضمن الشغل والحياة الكريمة للجميع، عبر مقاربة اجتماعية تحفظ كرامة المواطنين وتوفر لهم الخدمات العمومية والعيش الكريم.
وأضاف، أن الجانب الحقوقي، وعلى الرغم من أهمية الإفراج عن بعض معتقلي حراك الريف، إلا أنه يبقى غير كاف للإنهاء مع الردة الحقوقية التي تعيشها بلادنا في ظل استمرار اعتقال العديد من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي داخل السجون المغربية، واستهداف الحق في الاحتجاج والتظاهر بدعوى احترام حالة الطوارئ الصحية.
وأشار إلى أن تحقيق الانفراج الحقوقي المأمول يستدعي التصفية النهائية لملف الاعتقال السياسي، وإطلاق سراح كافة معتقلي حراك الريف والحراكات الاحتجاجية الأخرى ومعتقلي الرأي والصحافة (سليمان الريسوني و عمر الراضي..).
المستوى المحلي بطنجة :
قال حزب الطليعة إن مدينة طنجة عاصمة جهة ثالث قطب اقتصادي وطني وواجهة المملكة على أوروبا، شهدت وتشهد دينامية تنموية على جميع الأصعدة، حيث غدت مدينة مليونية ومن أكثر المدن على المستوى الوطني استقطابا لوافدين جدد، بفضل الدينامية الصناعية المرتبطة بمشاريع مهيكلة كبرى وعلى رأسها مشروع ميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية الخمسة، وكذلك بفضل تطور الحركة التجارية والخدماتية والسياحية. وقد شكل برنامج طنجة الكبرى محطة أخرى في مسار تأهيل المدينة والارتقاء بمرافقها وبنيتها التحتية، وفي المقابل تعتبر المدينة مجالا تتسع فيه الفوارق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، تتمظهر بشكل جلي في الفوارق المجالية بين أحياء المدينة، حيث يبدو أن المدينة تسير بسرعتين، سرعة الأحياء الراقية بالجبل الكبير والكورنيش وشارع محمد الخامس مقابل سرعة حي ظهر القنفوذ وبئر الشفاء ومسنانة وبني مكادة والعوامة وغيرها.
هذه الوضعية الإشكالية تسائل جميع الفاعلين المعنيين بتدبير الشأن العام المحلي وعلى رأسهم مجلس جماعة طنجة ومجالس المقاطعات الأربعة بالمدينة، ذلك أن دور هذه المؤسسات الدستورية تعتبر حجر الزاوية في مجال التنمية المحلية. وفق هذا التصور ومن أجل استشراف آفاق العمل الجماعي في المرحلة المقبلة لابد من تقييم واستقراء حصيلة عمل مجلس المدينة في هذه الفترة، وبشكل خاص مقارنة مع البرنامج الذي اقترحته على الساكنة المحلية والذي بفضله حصل نظريا على تأييد ودعم ساكنة المدينة.
من أجل ذلك، فإن ما يهمنا في نهاية المطاف هو حصيلة العمل بهاجس التوصيف وبعيدا عن هواجس التبرير أو ذهنية التهجم. فتطوير العمل المؤسساتي يقوم، بالدرجة الأولى على الجرأة في الرأي وتوسل النقد البناء والواقعي. فتوصيف العمل سيمكننا من استشراف المستقبل، ومعرفة إلى أي حد سيكون من المفيد الاستمرار أو خلق قطيعة مع الوضع الحالي، وذلك من خلال المحاور التالية:
على مستوى تطور البنيات التحتية:
باستثناء المشاريع المدرجة في برنامج طنجة الكبرى لم يستطع المجلس الجماعي تعزيز البنيات التحتية للمدينة، بل لم يستطع حتى تطوير أفكار ودراسة مشاريع جديدة، ذلك أن التطور العمراني والكثافة السكانية المتزايدة كان من المفروض تقديم دراسات مشاريع جديدة لتعزيز البنية التحتية لا سيما شبكة النقل الحضري. فالاجتهاد الوحيد الذي قامت به الجماعة هو رهن أماكن ركن السيارات إلى شركة بعينها، وهي الشركة التي تظل ممارساتها غير القانونية محط سخط واستياء من طرف الساكنة.
كما نستحضر التملص الذي أظهره مسؤولو الجماعة على إثر الفياضات المؤلمة التي عرفتها المدينة سنة 2021 حيث سارعوا إلى إكثار الخرجات الإعلامية والخطابات المضللة بهدف أوحد هو إبعاد المسؤولية عن الجماعة سواء في مجال التخطيط أو المواكبة، كما أنه في المحصلة استمرت مظاهر البناء العشوائي وضعف تجهيز الأحياء الفقيرة. ولم يتجاوز عمل المجلس فيها إعادة تبليط بعض الشوارع وهرولة مستشاري الأغلبية إلى التقاط صور بنفس انتخابي انتهازي لا يمت بصلة إلى المرامي الحقيقية للتهيئة الحضرية الملقاة على عاتقهم.
على مستوى التخطيط المجالي وحماية البيئة:
ستظل هذه المرحلة مقرونة بالفشل الذريع لجماعة طنجة في وضع تصميم تهيئة يلبي احتياجاتها ويواكب تطورها. فبالرغم من الإمكانيات المالية والبشرية التي رصدت لهذا المشروع إلا أن المجلس المذكور لم يتمكن ولم يخلص إلى إقراره وتنفيذه.
أما على مستوى تثمين بيئة المدينة والعناية بموروثها فسيتذكر الجميع كيف استقالت الجماعة من مهامها جملة وتفصيلا، واكتفت بتتبع ما تنجزه الولاية في هذا الصدد. بل وعدم تملك القدرة على تقديم تصورات ورؤى واقتراحات خلاقة والاكتفاء بتوجيه النقد والملاحظات عبر الجمعيات التي تدور في فلك الأغلبية المسيرة. كما غدت شعارات المدينة المستدامة مجرد وعود يفندها الواقع باستمرار الاعتداءات على المناطق الخضراء وتلوث مياه شاطئ المدينة، إضافة إلى الكلفة الباهضة لفاتورة مياه سقي المناطق الخضراء وغياب أي تصور مستدام لدى الجماعة في هذا الشأن. كما أن الصيغة الحالية لتدبير المطرح الجديد وشروط استغلاله هي بعيدة كل البعد عما تم الترويج له في برنامج العمل الجماعي، بل على النقيض من ذلك تميزت الفترة الحالية بتراجع مسيري الجماعة عن مجموعة من الالتزامات السابقة في مجال حماية البيئة، حيث نسجل في هذا الصدد موقفها المخزي في ملف حدائق المندوبية وما يحدث بالسلوقية وبوبانة والغابة الدبلوماسية، وكيف اختارت الأغلبية المسيرة الاصطفاف مرة أخرى ضد مصالح الساكنة وجميع القوى الحية بالمدينة.
على مستوى الاختيارات المالية:
بالرغم من النمو الاقتصادي الكبير لمدينة طنجة والارتفاع المضطرد لرقم معاملات الشركات والمقاولات بها وارتفاع نسبة إنشاء المقاولات بمختلف أنواعها، فإن المجلس الجماعي اختار توجها آخر في رؤيته لتطوير مالية الجماعة، حيث ارتأى رفع قيمة ونسب الضرائب المحلية بدل العمل على توسيع الوعاء، وفي المحصلة أصبح نمو مداخيل الجماعة مقرونا بإنهاك كاهل فئة جد محدودة من الملزمين، بينما يظل السواد الأعظم منهم خارج المنظومة الضريبية ولا يؤدي واجباته تجاه المدينة.
بالمقابل لم يطور المجلس الحالي ميكانزمات خلاقة لتعزيز موارده الذاتية من خلال استثمار أنجع للموارد البشرية والتقنيات الحديثة لرفع المداخيل المتأتية من مرافق الجماعة. كما يسجل على المجلس الحالي عدم توفقه في الكثير من الاختيارات التي سترهق الميزانية الجماعية في السنوات المقبلة، ولعل أفضل مثال في هذا المجال، الطريقة التي تمت بها صفقة النظافة وكلفتها الباهظة على ميزانية الجماعة في الأعوام المقبلة.
على مستوى تدبير المرافق الجماعية:
بالرغم من شعار المجلس المرفوع المتعلق بتطوير المرافق الجماعية وتعزيز منظومة حكامتها، إلا أن المواطن الطنجاوي يقف على تدبير مرتبك وتردد كبير في اتخاذ قرارات جريئة وذات أثر ملموس على جودة الخدمات وشفافية التحصيل. في هذا الصدد نستحضر طريقة تدبير الجماعة لملف أمانديس وكيف انبرت إلى الدفاع الأعمى عن تدبير الشركة السالفة الذكر، حيث وصل الأمر إلى تخوين وتجريم ساكنة المدينة المحتجين على تجاوزات الشركة وأدائها، واستمر سخط الساكنة على الشركة بعد الارتفاع المهول للفواتير طيلة فترة الحجر الصحي. كما يكفي التذكير بملف تدبير قطاع النظافة والمحجز البلدي وما يحدث بسوق الجملة والتخبط الحاصل بعلاقة الجماعة مع بقية الأطراف.
وفي المحصلة يمكن الجزم بأن تدبير المجلس الحالي اتسم بانحسار سلطته وارتهانه للحلول السهلة، من خلال التخلي الطوعي عن مهامه في تدبير العديد من الملفات المرتبطة بالتدبير المفوض، وكذلك تلك المتعلقة بالأسواق الجماعية وملاعب القرب بالأحياء.
على مستوى تطوير العرض الثقافي وعمل المجتمع المدني:
تتميز طنجة بدينامية قوية للمجتمع المدني. وهو ما ينعكس على طبيعة وتعدد وفعالية أنشطة ومبادرات مختلف جمعيات المدينة. ومن أهم ما ميز تجربة عمل المجتمع المدني هو حصول نوع من التطور والتراكم في الفعل والأداء، حذا بفعاليات المدينة إلى ابتداع شكل مستجد ورائد لتثمين عمل المجتمع المدني وإدراجه ضمن تصور أشمل من خلال إنشاء مؤسسة ميثاق طنجة الكبرى ببعد حقوقي لإنتاج وتكريس المواطنة، بيد أن المجلس الحالي ولحسابات سياسوية جمد المشروع المذكور وتراجع عن مضامينه المتقدمة. كما اقترنت التجربة الحالية بتضخيم غير مسبوق لملف تدبير دعم الجمعيات واعتماد معايير جديدة، غير أن التاريخ سيسجل أنه للمرة الأولى سيحصل فصيل طلابي له نفس الانتماء الحزبي للأغلبية على منحة جماعية، بينما حرمت العديد من الجمعيات الرياضية والثقافية من حقها في الدعم العمومي. وقد كانت النتيجة هي توقف الولاية عن تأشير دعم أغلبية الجمعيات، ما أثر سلبيا على أدائها وتنفيذ برامجها.
على مستوى العرض الثقافي:
من أهم مميزات الفترة الانتدابية السابقة من عمر المجلس هو انحصار الفعل الثقافي في المدينة وغياب أية رؤية لتطويره وتحسين تموقع المدينة باعتبارها منارة ثقافية على المستوى الوطني.
على مستوى تطوير البنيات الاقتصادية وتعزيز جاذبية المدينة:
بالرغم من الأهمية التي يكتسيها هذا البعد ضمن عمل المجلس إلا أنه اختار وبكل بساطة الاكتفاء في هذا المجال بزيارات المجاملة والتقاط الصور. بحيث لم يضع المجلس أي برنامج حقيقي لمواكبة المقاولات والمهنيين والدينامية الاقتصادية للمدينة. وقد عرت أزمة كوفيد 19 الضعف الجلي لأداء المجلس المذكور، حيث تقزم دور منتخبي الأغلبية إلى الإطلالة الافتراضية على الساكنة عبر صفحات التواصل الاجتماعي وعدم تحمل مسؤولية مواجهة التداعيات الخطيرة للجائحة، باستثناء صفقة اقتناء توابيت دفن الموتى والتي روج لها المجلس كإنجاز مهم على صفحاته الرسمية.
على مستوى تطوير الخطاب السياسي بالمدينة:
نتيجة تخلي المجلس الجماعي عن أداوره ومسؤولياته وعدم استثماره للمكتسبات المحققة بفضل دستور 2011 وما تلاه من قوانين ونصوص تنظيمية، فقد أخفقت الأغلبية المسيرة في تكريس الثقافة الديمقراطية وديمقراطية القرب والثقافة الانتخابية، والديموقراطية التشاركية، كما كرست التجربة الحالية ممارسات سياسية مقيتة وأسهمت في مشهد سياسي يتقاسمه خطاب أصولي انتهازي وسلطة تجار الانتخابات، حيث لم تفرز هذه التجربة عناصر من شأنها تحقيق انفتاح وتنوع في العرض السياسي وإتاحة الفرصة لنخب جديدة ومؤهلة من شأنها المساهمة في تطوير الحياة العامة وتخليقها محليا، وبالاعتماد على برامج وعروض واقعية تراعي متطلبات وحاجيات المواطنين.
وعليه يمكن إجمالا القول إن التدبير الحالي لجماعة طنجة في شقه الذاتي كان عنوانا للإخفاق والتردي. حيث يتضح جليا أنه لم يستثمر نهائيا أغلبيته العددية المطلقة في اتجاه اتخاذ قرارات حاسمة ومؤثرة لصالح المدينة، بل إنه اصطدم في الكثير من الحالات (أمانديس، صوماجيك، حدائق المندوبية والنظافة وشركات التنمية المحلية وغيرها) بمصالح الساكنة. فالتدبير الحالي لمدينة طنجة اتسم بملامح أساسية قوامها التهرب من المسؤولية والخوف من تحملها، بالموازاة مع تبني خطاب المظلومية والرفض المطلق لكل نقد أو نقاش سياسي حقيقي. حيث كانت المحصلة:
إحباط الآمال التي أفرزها دستور 2011 وانغلاق العملية السياسية مقابل الانفتاح والمصالحة العملية مع وحوش العقار وأصحاب المصالح المشبوهة وأباطرة الانتخابات. وعليه أصبح من الملح لمدينة طنجة أن تأخذ حقها في جرعة أكبر من الشجاعة والمصداقية وإلى عرض سياسي جديد ومقنع من شأنه تلبية احتياجات الساكنة لا سيما في مجال التعمير والبيئة والأمن والصحة والتعليم، وذلك لمنح المدينة المكانة اللائقة بها.