تشيوانتشو (الصين) 13 دجنبر 2025 (ومع) شكل إرث الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة، الذي حل بالصين خلال القرن الرابع عشر، محور زيارة قام بها، أمس الجمعة، وفد مغربي للمدينة المينائية تشيوانتشو، بمقاطعة فوجيان (جنوب الصين).
وفي كلمة ألقاها بمتحف تاريخ الاتصالات البحرية بتشيوانتشو، أشار سفير الملك بالصين، عبد القادر الأنصاري، الذي ترأس الوفد المغربي، إلى الدور الأساسي للعلاقات الإنسانية والثقافية في توطيد الروابط الصينية-المغربية.
وأوضح الأنصاري خلال حفل افتتاح “المهرجان الدولي لطريق الحرير البحري للسياحة الثقافية” (تشيوانتشو، 11 إلى 15 دجنبر)، أن شخصية ابن بطوطة تجسد رمزا للروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين، مشيرا، في هذا الصدد، إلى تمثال الرحالة المغربي المعروض بمتحف تاريخ الاتصالات البحرية.
وبعد أن أشاد بـ”متانة” العلاقات الثنائية القائمة على “الصداقة والتضامن والاحترام والرؤية المشتركة”، دعا السفير لتعزيز التعاون الثقافي والإنساني، سواء على المستوى الجهوي أو الحكومي.
وذكر بوجود مئات الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم بالجامعات الكبرى بمقاطعة فوجيان، في تجسيد واضح لدينامية التبادلات الإنسانية بين المغرب والصين.
من جهته، قدم مدير التسويق والذكاء الاستراتيجي بميناء طنجة المدينة جميل الوزاني، خلال ندوة نظمت في إطار أنشطة المهرجان، فضاء العرض المخصص لذاكرة ابن بطوطة بطنجة، وهو ثمرة مشروع شامل لإعادة تهيئة المنطقة المينائية، بهدف إعادة تموقع المدينة كوجهة رائدة في مجال السياحة البحرية بالبحر الأبيض المتوسط.
وسجل الوزاني أن هذا المشروع مكن من تحويل معالم المشهد المينائي لطنجة، لافتا إلى أنه تم نقل نشاط الحاويات إلى ميناء طنجة المتوسط، من أجل تمكين ميناء طنجة المدينة من التركيز حصريا على نشاطه السياحي.
وأضاف أن فترة جائحة كوفيد-19 استغلتها شركة تهيئة المنطقة المينائية لطنجة المدينة لإعادة تأهيل عدد من المعالم التاريخية البارزة بالمدينة، من بينها على الخصوص المبنى القديم للجمارك (باب الديوانة)، وفضاء ذاكرة ابن بطوطة (برج النعام)، ومركز التعريف بالتحصينات التاريخية لطنجة (برج دار البارود)، إضافة إلى أسوار القصبة.
وأشار إلى أن فضاء ابن بطوطة، الذي افتتح في فبراير 2022، تم إحداثه ببرج النعام، وهو تحصين عسكري يعود للقرن الثامن عشر يقع بالجزء العلوي من القصبة، مسجلا أنه خضع للترميم بكلفة تقدر بحوالي 15 مليون درهم. ويستعرض هذا الفضاء مسار الرحلات التي قام بها الرحالة المغربي، الذي امتدت رحلاته على مدى 29 سنة ما بين 1329 و1354، وقطع أزيد من 100 ألف كيلومتر، وزار 38 بلدا.
ويتيح الفضاء للزوار الاطلاع على خرائط لمسارات رحلات ابن بطوطة، ونسخ من مؤلفاته، ونماذج لسفن، فضلا عن قطع تاريخية مستعارة من بنك المغرب ومؤسسة عبد الهادي التازي.
وقال الوزاني إن “ابن بطوطة شخصية فريدة”، مبرزا أنه “انطلق في سن 21 سنة لأداء فريضة الحج بمكة المكرمة، ولم يعد إلا بعد ثلاثين سنة، وهو رجل متواضع عاش مغامرات استثنائية، وسرد العادات والتقاليد التي شاهدها بأسلوب بسيط، وهو ما يمنح رواياته قيمة فريدة”.
وأكد أن فضاء ابن بطوطة لا يقتصر على بعده المتحفي، مسجلا أنه يحتضن أيضا حفلات موسيقية، وتظاهرات ثقافية كبرى، كما يستقبل على مدار السنة وفودا رسمية، ومجموعات مدرسية، وجامعيين، وباحثين من المغرب ومن مختلف بلدان العالم.
وعلى صعيد آخر، تم عقد اجتماع بين أعضاء الوفد المغربي ومسؤولين من المديرية الاقليمية للثقافة والسياحة بمقاطعة فوجيان، بخصوص اتفاق تعاون بين المتحف البحري تشيوانتشو وفضاء ابن بطوطة بطنجة، والذي يتعين توقيعه في المستقبل القريب بعد وضع اللمسات الأخيرة على الصيغة النهائية.
كما شكل اللقاء مناسبة لدراسة سبل تعزيز التعاون الثقافي الصيني-المغربي، لا سيما مع مقاطعة فوجيان.
وضم الوفد المغربي أيضا رئيسة قسم ترجمة الابداعات الثقافية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل كنزة اعمارة، ورئيس مصلحة المعارض الدولية بالوزارة ذاتها أحمد السرغيني، ومدير دار النشر المغربية “أكسيونز كومينيكاسيون” سعد حسيني.
وتندرج هذه الزيارة في إطار البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي 2024-2028، الموقع في يونيو 2024 بين وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، ونائب وزير الثقافة والسياحة الصيني، راو تشيوان، بهدف تعزيز التبادلات الثقافية، وتشجيع الزيارات المتبادلة، والتعريف بثقافة البلدين.










