تتواصل التساؤلات حول طبيعة الأشغال الجارية بالمقرّ التاريخي السابق للقنصلية البريطانية بمدينة طنجة، المصنّف تراثاً وطنياً، وذلك رغم البيان التوضيحي الذي أصدرته المديرية الجهوية للثقافة. إذ يعتبر عدد من الفاعلين الترابيين والمهتمين بالتراث أن المعطيات المقدمة ما تزال عامة، ولا تجيب عن أسئلة جوهرية مرتبطة باحترام الضوابط القانونية لمساطر الترميم.

وتزامناً مع الضجة التي أثارتها الصور المنتشرة من داخل الورش، دعا متتبعون إلى زيارة ميدانية رسمية للوقوف على حقيقة طبيعة التدخلات، خصوصاً في ظلّ وصفها من طرف البعض بـ“الإنشاء” الذي قد لا يحترم خصوصية البناية التاريخية.
تساؤلات حول الرخص والمساطر
ووفق مصادر محلية، يطرح غياب اللوحة الإشهارية الخاصة بالمشروع تساؤلات حول وجود رخصة إصلاح مسلمة من جماعة طنجة، ومدى احترام القوانين المتعلقة بالمباني المصنفة، التي تفرض إيداع طلب الترخيص قبل 6 أشهر من تاريخ انطلاق الأشغال.

كما يبرز الغموض حول صاحب المشروع الفعلي: هل يتعلق الأمر ببرنامج مركزي للوزارة أم بمبادرة للمديرية الجهوية؟ وما هي المسؤوليات المحددة لكل طرف؟
الشركة المتدخلة ومراقبة الورش
من جهة أخرى، شكك فاعلون في مدى تخصص المقاولة الفائزة بالصفقة في ترميم المباني التاريخية، معتبرين أن طبيعة الورش تتطلب خبرة هندسية دقيقة، ومختبر دراسات تقنية بالنظر إلى قدم البناية.
ويتساءل المتابعون حول الجهة المكلفة بمراقبة الأشغال، وهل تستند لدفتر تحملات خاص بالترميم أو لدراسة هندسية سابقة، مع المطالبة بتمكين العموم من دفتر الورش (Manifold) وأسماء الخبراء المتدخلين.
مصير العناصر الأصلية للبناية
أحد أكثر عناصر الجدل يتعلق بما قيل عن إزالة الأبواب والنوافذ الخشبية الأصلية التي يتجاوز عمرها 100 سنة، وكان قد جرى استيرادها من بريطانيا خلال الفترة الاستعمارية. كما أثيرت أسئلة حول هدم السور الحجري القديم وتغيير السياج الحديدي التاريخي، وإمكانية استبدال عناصر يفترض أن تخضع للترميم لا للإزالة.

ويرى متتبعون أن “مبادئ الترميم تقتضي إصلاح القديم لا استبداله”، معتبرين أن أي تدخل يمسّ هوية البناية المعمارية يخرق الأعراف الدولية لحماية التراث.
دعوات لشفافية أكبر
ورغم صدور بلاغ “مليء بالإنشاء” على حدّ وصف بعض الفاعلين، إلا أن عدداً من الأصوات يطالبون بـالكشف عن التصاميم، الرخص، دفتر التحملات، والوثائق التقنية، معتبرين أن حماية هذا المعْلَم التاريخي مسؤولية مشتركة بين الوزارة والمجتمع المدني.

ويؤكد هؤلاء أن تعزيز الثقة يمر عبر نشر المعطيات التقنية وليس الاكتفاء ببيانات عامة، خصوصاً في مشروع يهمّ واحداً من أبرز المعالم التراثية بطنجة.












